أكد مدير إدارة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأميركية سابقاً دينيس روس، في مقالة له قبل يومين في صحيفة «نيو ريبابليك» الأميركية، أن سياسة واشنطن تجاه أوكرانيا تصوغ علاقات الولايات المتحدة مع الشرق الأوسط، مشيراً إلى ضرورة أن تثبت واشنطن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن هناك ثمناً للتدخل العسكري الروسي في شبه جزيرة القرم، كما قال الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وقد اقترح روس، فرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية محددة ضد روسيا، مستبعداً أن يكون لتلك العقوبات تأثير على صادرات الغاز الطبيعي الروسي لأوروبا، أو على موقف موسكو من المفاوضات الجارية مع إيران بشأن برنامجها النووي، بصفتها عضواً في مجموعة دول الـ«5+1».
وقال روس إن «بوتين، وإن كان من الممكن أن يقدم على مثل تلك الخطوات، إلا أنه لن يستطيع تحمل الخسائر الاقتصادية الناتجة من وقف صادرات الغاز للسوق الأوروبي الكبير أو أن تصبح إيران دولة تمتلك سلاحاً نووياً».
وأضاف أن «الثمن الذي تحدث عنه أوباما ذو أهمية كبيرة بالنسبة إلى الأطراف الموجودة في الشرق الأوسط، على سبيل المثال قد ترى إيران في تحدي روسيا للقوى الدولية نموذجاً لعدم جدوى احترام المعايير الدولية، كما هي الحال بالنسبة إلى النظام السوري أيضاً».
وفي وقت اعتبر فيه روس أن كثيرين في المنطقة يرون أن الروس والإيرانيين يقومون بالأفعال، والأميركيين يحذرون فقط، قال إنه «من الممكن أن ترحب إيران بحدوث أزمة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن أوكرانيا، وهو الأمر الذي يسمح لطهران باستغلالها لإحداث انقسام داخل المجموعة الدولية التي تتفاوض معها بشأن برنامجها النووي».
واعتبر روس أن زعماء الشرق الأوسط عامة، ينظرون إلى استعداد روسيا لتجاهل معايير دولية والعمل استناداً إلى قوتها وعظمتها، وأن هذه هي العملة الوحيدة المهمة بالنسبة إليهم.
ويرى روس أن هذه الدول، أي دول الشرق الأوسط، تؤيد اتخاذ موقف حاسم من قبل الولايات المتحدة بشأن التدخل العسكري الروسي في القرم لأنه دليل على قوة الولايات المتحدة وقيادتها. كما يرى أن فرض عقوبات اقتصادية وسياسية ضد روسيا مع تقديم دعم اقتصادي قوي لأوكرانيا ستكون له دلالة قوية في الشرق الأوسط، خصوصاً أن دولاً مثل السعودية ترى تراجعاً للدور الأميركي في المنطقة.
وإذ يذكر روس أهمية زيارة أوباما المرتقبة إلى الرياض في آذار الحالي ولقائه ليس فقط مع القادة السعوديين بل أيضاً مع قادة خليجيين، يعتبر أن السعوديين يريدون من الولايات المتحدة أفعالاً أكبر لتغيير موازين القوى في سوريا، ومواجهة الإيرانيين هناك وفي المنطقة.
والسعوديون أيضاً، بحسب روس، يعارضون تماماً السياسة الروسية في سوريا، وهم يسعون لإظهار هذه المعارضة. وصحيح أنهم سيقولون إنه لا يمكن لروسيا أن تكون بديلاً للأميركيين في المنطقة، إلا أنهم (السعوديون) في الوقت نفسه، سيموّلون صفقة الأسلحة الروسية لمصر والتي تبلغ ثلاثة مليارات دولار، كما قال روس.
ويقول روس إن «المثير للسخرية،هو أن محاولة الولايات المتحدة لإظهار الدور القيادي في ردها على التدخل الروسي في القرم، هو فقط لجذب انتباه أصدقائها في الشرق الأوسط، ولإعادة فتح طاقة حوار مع السعوديين وغيرهم».
ويضيف «أن الحوار المنشود هو كيفية التركيز سوية (واشنطن والرياض) على خطة عمل في سوريا، والتأكد من أن مصر لم تصبح دولة فاشلة، وكيفية التصرف إذا ما حصل اتفاق نووي نهائي مع إيران أو لم يحصل».
ويختم أن «تطوير حوار جديد مع زعماء الشرق الأوسط سيكون صعباً على الولايات المتحدة، إذا لم تصغ استراتيجية ناجعة تؤكد أن عدوان بوتين على أوكرانيا ستكون له آثار».
12/5/1403015 تحرير علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha