بيروت / مراسل براثا نيوز
لاتزال بيروت تعيش تحت وقع الصدمة والمفاجأة التي شكلها اعتقال الوزير والنائب السابق ميشيل سماحة في ساعة مبكرة من صباح أمس، واقتياده من غرفة نومه بلبناس النوم ، إلى مقر "فرع المعلومات" الذي يديره العميد وسام الحسن ـ وثيق الصلة بوكالة المخابرات المركزية الأميركية والأردنية والسعودية،
و"بطل" فبركة شهود الزور في قضية اغتيال الحريري( قصة النصاب زهير الصديق). وإذ عمدت أوساط الفرع المذكور إلى تسريب رواية "هوليوودية" إلى وسائل الإعلام عن السبب "الحقيقي" لاعتقاله، قالت مصادر فرنسية ولبنانية لـ"الحقيقة" إن الأمر"ليس بهذه البساطة والسذاجة، فالرجل الذي لم يلجأ إلى هذا الأسلوب حتى حين كان ميليشياويا في حزب الكتائب خلال السبعينيات وخلال الحرب الأهلية، من غير
وكان "فرع المعلومات" سرب يوم أمس رواية تقول إن الوزير السابق "متورط في التحضير لعمليات إرهابية (..) حيث قصد شاباً يعمل مع الاستخبارات السورية في لبنان، طالباً منه اغتيال شخصيات في منطقة الشمال تنتمي إلى المعارضة السورية، أو تساعد هذه المعارضة". وطبقا لهذه الرواية، فإن "الشاب الذي طلب منه سماحة تنفيذ عمليات تفجير أبلغ فرع المعلومات بما حصل. وجنّد الفرع الشاب لتصوير سماحة عندما يطلب منه تنفيذ العمليات، وهو ما تم، فضلاً عن تصويره وهو يسلّمه المتفجرات قبل أيام قليلة». وقالت الرواية المسربة إن الفرع "صادر المتفجرات، التي تتألف من 25 عبوة ناسفة، إضافة إلى صواعق وأجهزة تفجير عن بعد. ثم عرض التسجيلات على النائب العام التمييزي سمير حمود الذي منح الإذن بتوقيف" سماحة ومرافقين له وسكرتيرته لأخذ إفاداتهم «كشهود»، على حد قول مرجع أمني رفيع المستوى. علما بأن مرافقيه وسكرتيرته أطلق سراحهم في ساعة متأخرة من مساء أمس. وزعمت تسريبات فرع المعلومات أن سماحة "اعترف بالتحضير لعمليات إرهابية كانت ستنفذ خلال إفطارات في شمال لبنان، تستهدف شخصيات من المعارضة السورية، ولبنانيين يدعمون هذه المعارضة". وأشارت إلى أنه "نقل متفجرات من سوريا إلى لبنان بسيارته"، لافتة إلى أنه "اعترف بالشبهات المنسوبة إليه خلال التحقيق معه (اليوم) أمس". وقال ضابط رفيع المستوى لصحيفة "الأخبار" إن التحقيق "يدلّ على دور لمسؤول أمني سوري كبير طلب من سماحة تنفيذ هذه العمليات".
قد يكون من الصعب أن تتعاطف سياسيا مع ميشيل سماحة، لكن حين ترى سيل التسريبات التي قام بها أوغاد وسام الحسن، ستجد نفسك مضطرا للتعاطف معه على الأقل إنسانيا ، انطلاقا من حقيقة أن هكذا تسريبات اتهامية تهدف إلى شيء واحد فقط لا غير هو تلويث سمعته وتأليب الشارع عليه حتى قبل أن يعرف الناس التهمة الحقيقة الموجهة له. فقد عمد هؤلاء الأوغاد إلى إبلاغ وسائل الإعلام المحلية بسيل من التسريبات بدأت بالقول إن سماحة "متورط في اغتيالات على صلة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان"، ليتبعه تسريب آخر يقول إنه متهم"بعلاقة تعامل مع اسرائيل" ، ثم تسريب ثالث يقول إنه "متهم بمحاولة اغتيال النائبين خالد ضاهر ومعين المرعبي" وصولا إلى تسريب رابع يقول إنه "متهم بالاعداد لمحاولة اغتيال البطريرك الماروني بشارة الراعي".. قبل أن تستقر بورصة التسريبات الليلية غير الرسمية عند رواية ادخال 24 عبوة ناسفة عن طريق المصنع، كانت معدة للتفجير في عكار والشمال!
لكن مصادر فرنسية ولبنانية استبعدت هذه الرواية ، ووصفتها بأنها "غير منطقية، وهي على الأرجح من تركيبات وسام الحسن المعروف بتركيباته الشهيرة"، كاشفة عن أن الأمر يتعلق بـ"أدلة حصل عليها ميشيل سماحة تدين الرئيس اللبناني ميشيل سليمان بالتآمر لصالح وكالة المخابرات المركزية للتنصت على بشار الأسد ومعرفة الأمكنة التي يتواجد فيها من خلال مراقبة هواتفه". وطبقا لمضمون هذه القصة، فإن وكالة المخابرات المركزية ، وبعد حصول الانفجار في مكتب الأمن القومي السوري الذي أودى بحياة أربعة من القادة الأمنيين والعسكريين، أرادت أن تعرف "ردة فعل الأسد ووضعه النفسي وكيفية تفاعله مع الجريمة ومدى تأثره بها، فعمدت إلى تكليف الرئيس اللبناني بالاتصال بالاسد لتعزيته بالضباط الأربعة. وهذا ما حصل يوم الجمعة الواقع في 20 من الشهر الماضي . وحين اتصل سليمان بالأسد، كان إلى جانبه فريق تقني من ضباط وكالة المخابرات المركزية قاموا بتسجيل المكالمة عبر جهازهاتف ثالث وضعه سليمان بتصرفهم"!
ولعل ما يعطي هذه الرواية الكثير من الجدية ، هو أن مسلحي فرع المعلومات استغرقوا في تفتيش منزلي سماحة أكثر من ثماني ساعات متواصلة ، حيث لم يتركوا ورقة ولا قرص "سي دي" ولا درجا ولا وسادة نوم ، وحتى الفراش الذي ينام عليه ، إلا وفتشوه قبل أن يأخذوا معهم جميع ما في منزله من أجهزة كومبيوتر وأقراص "مدمجة" و " فلاشات / يو إس بي" ، وهو سلوك من المستبعد جدا أن يكون على علاقة ببحث عن متفجرات !!
وأيا تكن الأسباب التي تقف وراء اعتقاله، من المؤكد أنه ستكون له ذيول وترددات غير عادية في الوسطين السياسي والأمني، خصوصا وأن سماحة موضوع تحت "الرقابة الأمنية الإيجابية" لحزب الله وجهازه الأمني ، كنوع من الحماية. ومن شأن اعتقاله أن يشكل نوعا من"التحدي الأمني" لحزب الله، فضلا عن التحدي السياسي ، لاسيما وأن سماحة يعتبر من أكبر أنصار حزب الله وزعيمه حسن نصر الله.
وكان فرع المعلومات تصرف كما لو أنه عصابة من قطاع الطرق، حيث عمد إلى تحطيم وتكسير أبواب منزل سماحة في منطقة المتن بجبل لبنان ، فضلا عن منزله ومكتبه في حي الأشرفية ببيروت ، قبل "شحطه" بملابس النوم وعدم السماح له حتى بتبديل ملابسه. كما وعمد زعران الفرع إلى العبث حتى بملابس زوجته في خزانة الملابس ، وهو ما لاقى شجبا واستنكارا حتى من وزير العدل شكيب قرطباوي .
15/5/811
https://telegram.me/buratha