بسم الله الرحمن الرحيم
كما حاول الكيان السعودي إخماد الثورة الشعبية الملتهبة في داخل الجزيرة العربية وكم أفواه المطالبين بالإصلاح السياسي بحزمة من العطايا المادية والأوامر التي لم تكن بمستوى تطلعات وطموحات الشعب ، والتي لا تصلح بشكل عميق ومتكامل الواقع الاقتصادي الفاسد ، والتي تغافل النظام بها عن البلد الضعيف الخاوي الذي يفتقر لبنى اقتصادية حقيقية تدفع البلاد نحو النمو والتقدم وضمان حقوق الأجيال القادمة ، كذلك يحاول الكيان السعودي اليوم كم تلك الأفواه والوقوف أمام تيار الشارع الغاضب وحرف مسار الاستحقاقات والمطالب عبر إعلانه عن العزم على إجراء انتخابات للمجالس البلدية ، وهذا القرار يشكل إهانة أخرى لشعب كان ينتظر قرارا جريئا ينقد الواقع الفاسد والنظام السياسي الهش بإصلاحات كبرى تنسجم مع المرحلة والتطورات والانعطافات التاريخية الكبرى التي يشهدها العالم العربي ، ثم إن مسرحية الانتخابات البلدية لم تكن انجازا حديثا لا سابقة له في هذا البلد ، ولم تكن خطوة في الطريق الصحيح تنبئ عن جدية حقيقية ونوايا صادقة لدى الكيان في البدء بإصلاحات حقيقية وجذرية ، فقد سبق للكيان أن أجرى انتخابات سابقة أعقبتها تشكيل المجالس البلدية عام 2005 تحت ضغوط خارجية وداخلية جعلته يتنازل ولو شكليا عن مقولته التي كان يصر عليها بعدم ملائمة الممارسة الانتخابية المنطلقة على أساس ديمقراطي مع الدين والأعراف ، تلك المجالس التي لم يكن لها من دور أو صلاحيات تذكر على مستوى التشريع لإدارة المناطق او مسائلة المتنفذين والفاسدين من أفراد العائلة الحاكمة الذين يستولون على الأراضي العامة والممتلكات والتصرف بالثروات الطبيعية ودفن مساحات شاسعة من الشواطئ البحرية وتخريب البيئة من أجل إشباع أطماعهم وجشعهم الذي لا حدود له .
فقد تم حينها انتخاب نصف أعضاء تلك المجالس البلدية البالغ عددها 179 مجلسا ، بينما تم تعيين النصف الآخر من قبل السلطة الحاكمة ضمانا لهيمنتها على تلك المجالس ذات الدور المحدود ، وبقيت تلك المجالس تراوح مكانها دون تحقيق أي نتائج ملموسة او أي تطور على مستوى وضع المناطق ، ولم تشهد البلاد منذ ذلك التاريخ أي تجديد لتلك الانتخابات التي اعتبرها النظام فلتة لم يكن ينوي العود لمثلها لولا هبوب رياح الغضب التي اجتاحت البلاد العربية والاحتجاجات التي اجتاحت مختلف مناطق البلاد .
إن مثل هذه الخطوات المتلكئة ذات الأهداف الدعائية لا تمثل أي أهمية تذكر لبلد يمسك الحاكمون فيه بجميع تلابيب السلطة انطلاقا من عقلية استبدادية شمولية ترى أن الأرض ومن عليها ملك عضوض يتوارثه الأبناء عن الآباء والأجداد تحت شعار حكومة الشريعة المضللة للشعب والمبررة لاستمرار السيطرة .
لقد فقد الشعب ثقته بجدوى مثل هذه المجالس وغيرها التي لا تشكل أي ضمانة حقيقية نحو الإصلاح والتغيير ما دامت تنبع من أوامر ملكية للملك الحق في حلها أو تغيير وظائفها وصلاحياتها متى شاء ذلك .
لقد ثبت بما لا ريب فيه أن أي تغيير أو إصلاح سياسي أو اقتصادي إذا لم يكن نابعا من إرادة شعبية وشراكة حقيقية في صناعة القرار الوطني بعيدا عن عقلية الاستبداد والاستئثار والتهميش التي مارسها الكيان السعودي بحق هذا الشعب المظلوم لن يكتب له النجاح ولن يكون سوى بالونات دعائية هدفها تلميع صورة النظام وامتصاص الغضب الشعبي العارم ، ولن تكون سوى بمثابة إعطاء المزيد من الجرعات المهدئة لجسد النظام الشائخ المريض الميت سريريا .
ومن هنا فلا خيار للكيان السعودي سوى الرضوخ لمطالب الشعب المحقة ، ولا خيار له سوى التخلي عن العقلية الفرعونية وأوهام العظمة والغطرسة .
فليعلم وزير القمع والإرهاب السعودي نايف أن قمع التظاهرات والأصوات المطالبة بالحقوق والمنادية بالإصلاح لن تجعل من الشعب محبا ومواليا لسلطته كما يدعي ، كما أن صم الآذان عن صرخات الشعب و مطالبه لن يغير من الواقع شيء ولن يحول دون استمرار حركة التغيير وحتمية الاستبدال وسقوط الأنظمة التي بنيت على الظلم والطغيان ، لأن ذلك مشيئة الهية لابد من تحققها وإن طال الزمن .
لقد لطخت دماء الشعب البحريني والشعب اليمني التي سفكت على يد الكيان السعودي عبر تآمره مع النظام في اليمن ومشاركته المباشرة في قمع الثورة البحرينية ، لقد لطخت وجه هذا الكيان بعار سيبقى يلاحقه حتى سقوطه في مزبلة التاريخ ، وكشفت تلك الدماء الطاهرة عن حقيقة هذا الكيان ومدى خطورته وعداءه الأبدي للشعوب العربية والإسلامية بنحو سيزيد من بغض وكراهية هذه الشعوب ومن بينها شعب الجزيرة العربية بل كل أحرار العالم لهذا الكيان المجرم.
لقد بشر الله تعالى عباده المؤمنين ووعدهم وشد من عزيمتهم بقوله عز وجل (( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ )) فهو نصير هذه الشعوب ومعزها والمدافع عنها ، وفي مقابل ذلك فقد أصبح الكيان السعودي المدافع الشرس عن الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد ، وبذلك يكون هذا الكيان قد أعلن حربا على الله ورسوله والمؤمنين ، فهل سيجد في نهاية المطاف من يدافع عنه أو يمنعه من السقوط والزوال.
إن سلاح الطائفية الذي شهره هذا الكيان في محاولة يائسة للقضاء على الثورة البحرينية وتشويه أهدافها وصورتها الناصعة ، ثبت عجزه وفشله في إجهاض هذه الثورة التي ولدت من رحم الشعب بسنته وشيعته ، كما عجزت قواته المحتلة عن كسر شوكة الشعب وإضعاف عزيمته على الرغم من الآلام والمآسي المفجعة والمجازر التي يندى لها جبين الإنسانية .
فلن ينقذه هذا السلاح الطائفي البغيض وإن جند لأجله جيشا من مشايخ الطائفية وعبدة المصالح الذين يرفعون شعار الدفاع عن أهل السنة والجماعة كذبا ونفاقا وتمزيقا لوحدة الأمة واضعافا لقوتها، ذلك أن الكيان السعودي اليوم أصبح أكثر من أي وقت مضى مكشوفا للشعوب الإسلامية عبر خططه ومؤامراته تجاه الشعوب وقضاياها ، كما أصبحت مؤسسته الدينية التي يستمد منها الغطاء الشرعي في حركته العدائية واضحة المعالم والأهداف حيث تكن العداء للمسلمين وتنشر الكراهية والبغض بينهم وتكفر أهل السنة والجماعة قبل الشيعة ، وهذا ما لا يخفى على المتتبع لفتاواهم وكتبهم وخطابهم الديني وفكرهم المنحرف عن الإسلام وإجماع الأمة ، وما شعارهم في الدفاع عن أهل السنة والجماعة إلا مشروع سياسي واضح الأهداف ، وأنا على يقين من أن هذا المشروع السعودي القذر الذي يصب في المشروع الكبير الذي تقوده أمريكا والغرب من خلال نشر ما تسمى بالفوضى الخلاقة في العالم العربي والإسلامي سينهزم بفضل وعي هذه الأمة ويقظتها وشعورها بحجم التحديات المحدقة بكيانها المقدس وضرورة الحفاظ على الوحدة ورص الصف لمواجهة هذه المؤامرات .
https://telegram.me/buratha