أكَّدَت مصادر من مدينة بنغازي شرق ليبيا أن قوات الأمن أطلقت النار بالرشاشات على متظاهرين مناهضين لنظام الزعيم معمر القذافي وأسقطت العشرات بين قتيلٍ وجريح، فيما امتدَّت حركة الاحتجاجات إلى المنطقة الغربيَّة حيث العاصمة طرابلس.
وذكرت المصادر الليبيَّة أن موكبًا جنائزيًّا يضم آلاف الأشخاص قصدوا مقبرة بنغازي، وهي ثانية كبريات المدن الليبية، لدفن قتلى مواجهات اليومين الماضيين، لكن قوات أمن أطلقت عليهم الرصاص الحي من أسلحة رشاشة, واصفة ما وقع بأنه "مجزرة حقيقيَّة", بحسب "الجزيرة".
وقال ناشط حقوقي: "إن أكثر من مائة ألف شخص ما يزالون معتصمين في ساحة أمام محكمة شمال بنغازي"، ووصف إطلاق النار على المشيعين بأنه "مجزرة".
وأضاف الناشط -الذي طلب عدم ذكر اسمه- أن الأرقام المتداولة عن عدد القتلى بمواجهات الأيام الماضية، والتي قالت بعض المنظمات الحقوقيَّة إنها بلغت 84 شخصًا في عموم ليبيا، هي أرقام غير صحيحة، وقال: إن هذا العدد سقط أكثر منه في مدينة بنغازي وحدها.
وذكرت مصادر أخرى لجريدة "الشرق الأوسط": إن عدد القتلى ارتفع أمس السبت إلى نحو 150 قتيلا، لقوا حتفهم، فيما أصيب ما لا يقل عن 300 شخص حتى الآن بالرصاص الحي الذي أطلقته قوات الأمن الليبية.
من جانبها, قالت جماعة الإخوان المسلمين بليبيا في بيان: "إن النظام الليبي وهو يرتكب هذه الجرائم في أبناء شعبه من المدنيين العزل ليعلن بأنه نظام فاقد لأدنى مصداقية"، مشيرة إلى أنه كشف عن زيف الدعاوى الوطنية وانحيازه للشعوب المقهورة، وأنه بذلك قد فقد أي أهليَّة لإدارة البلاد، بحسب "الشرق الأوسط".
وفي هذه الأثناء, كشف مسئول حكومي ليبي أن القذافي أمرَ بتجهيز حملة عسكرية بقيادة أبرز مساعديه للانقضاض على المنطقة الشرقيَّة وفض تمردِها بالقوة المسلَّحة، لكن سكانًا في مدينة بنغازي التي باتت معزولة عن العالم بعد قطع خطوط الإنترنت والكهرباء، قالوا في المقابل إنهم مستعدون لأسوأ الاحتمالات.
وفي وقت سابق, أكد شهود عيان أن أربع طائرات عسكريَّة هبطت في مطار بنينة في ضواحي مدينة بنغازي شرق ليبيا، على متنها من وصفوهم بـ "المرتزقة الأفارقة"، وقد جاءوا من دول إفريقيَّة لم تعرف جنسيتها بعد، إلا أن بعضهم قال إنهم يتحدثون الفرنسيَّة.
وذكر الشهود أنه تَمَّ إلقاء القبض على بعضهم، واعترفوا بأنهم تلقوا تعليمات من خميس القذافي، نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.
وأكد مصدر "للجزيرة" أن من سماهم "بلطجيَّة" من أصل إفريقي جيء بهم من أوغندا وتشاد ودول إفريقيَّة أخرى لمواجهة المتظاهرين، واستنكر ما سماه الصمت الدولي عن "المجازر التي يرتكبها نظام القذافي ضد الليبيين".
وفي غضون ذلك, قال شهود عيان ومصادر متعددة: إن السلطات الحكوميَّة فقدت السيطرة على مدينة بنغازي، ومدن أخرى عديدة بشرق البلاد.
ووفقًا لمعلومات نقلت عن شهود فإنه تَمَّ إحراق جميع مراكز الشرطة في بنغازي، كما أحرقت مديرية الأمن في درنة.
ومن ناحيته, قال شاهد عيان في تصريح للجزيرة نت من أجدابيا بشرق البلاد: إن المدينة سقطت منذ أمس في أيدي المتظاهرين بعد احتجاجات ضخمة شارك فيها أكثر من عشرة آلاف شخص، وأفاد بأن شرطة المدينة بسياراتها وأسلحتها الخفيفة انضمَّت إلى ما سماه "الثورة".
وقالت مجموعتان ليبيتان معارضتان في المنفى إن مدينة البيضاء "باتت في يد الشعب" بعد أن سيطر عليها المحتجون، وانضم إليهم بعض من الشرطة المحلية.
وذكر شاهد عيان آخر من طبرق أن كتائب الدروع وقاعدة جمال عبد الناصر الجوية بالمدينة انضموا "لمطالب الشعب والتنسيق مع المتظاهرين لمنع دخول قوات القذافي" وذلك بتنسيق مع مدن درنة وشحات والبيضاء.
ووفق مصادر ليبية, رفضت وحدات من الأمن المركزي بشرق ليبيا إطلاق النار، بل ساعدت المتظاهرين في طرد فرق أمنية "أفريقيَّة" قيل إنها استُقدمت مع "بلطجية" مسلحين.
وكانت المظاهرات المطالبة بتنحي القذافي قد شملت مدن بنغازي ودرنة والبيضاء وأجدابيا والقبة وطبرق والزنتان وطرابلس وتاجورا وشحات وسدراتة والرجبان وإيفرن وجادو والقبة والمرج.
كما شهدت العاصمة طرابلس مظاهرات واحتجاجات مناهضة للنظام في مناطق فشلوم والهضبة وقرقارش وبوسليم، وسط تعزيزات أمنيَّة مكثَّفة.
https://telegram.me/buratha