لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في شبه الجزيرة
بسم الله الرحمن الرحيم{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى }
واحد و ثلاثون عاما مضت على انتفاضة المحرم عام 1400 هـ ، انتفاضة الشرف والكرامة ، كلمة الحق أمام السلطان الجائر ، صرخة الألم الذي كان يعتمل في النفوس والقلوب منذ بداية السنوات العجاف للعهد السعودي المظلم ، انها مكنونات الشعور بالقهر والاضطهاد والظلم تفجرت عبر الصرخات الصادقة والبريئة ، انها صرخة الحق أمام الظلم والطغيان والتجبر ، انها انتفاضة غضب سكن النفوس منذ سنين طوال ، إنها صرخة الشعور بالحرمان والإهمال والتهميش الذي سكن الأعماق منذ تسلط الطغاة.لقد ثار الآلاف من الرجال والنساء على الكيان السعودي الغاصب لأراضي شعب المنطقة الشرقية من شبه الجزيرة العربية من الشيعة الشرفاء , رافضين لسياسة التهميش والتمييز التي تمارسها حكومة بني سعود الظالمة وهم على دراية من أن الحق يؤخذ بالقوة ولا يستجدى , لقد ثاروا ضد منافقي البلاط السعودي الذي دعموا دولة الظلم والطغيان من (علماء) السوء الوهابيين الذين ابتدعوا ديناً جديداً مهد ولا يزال يدعم الحكومة الظالمة لقبيلة المقبور عبد العزيز آل سعود . لقد كانت ثورتهم هي صرخة أبناء الحسين عليه السلام بوجه أبناء يزيد وبقايا أمية متأسين بإمامهم الذي فضح حكم يزيد الأموي لعنة الله عليه الذي كان يمثل الظل الباهت والمنحرف من الإسلام .لقد كانت ثورتهم استجابة لنداء الحسين عليه السلام في عاشوراء ، لقد تعلموا من الحسين في أيامه الخالدة معاني العزة والكرامة ورفض الذل والاستكانة والخنوع ، تعلموا معنى السعادة في الموت من أجل القيم والمبادئ وشقاء الحياة تحت الذل والاستعباد وضياع الحقوق ، لقد تأثرت هذه الانتفاضة بأجواء عاشوراء واستلهمت من الحسين عليه السلام وشعارات الحسين في كربلاء معاني البطولة والفداء والعزة والشموخ ، استلهمت معاني التضحية والإيثار . لقد أظهرت هذه الانتفاضة رفض شعبنا المظلوم للعيش الذليل وثقافة الرضا والقبول بالأمر الواقع ، و أبرزت حقيقة ما يكنه هذا النظام لشعبنا الأبي من البغض والكراهية والعقلية الاستبدادية والعدوانية و القمعية عندما قابل المسيرات الشعبية السلمية بجيشه المسلح الذي رشق الصدور برصاصه الحاقد .لم تكن هذه الانتفاضة المباركة حركة طائشة كما أطلق البعض عليها ذلك ، ولم تكن غلطة " كان علينا أن لا نرتكبها " كما يحلو للبعض أن يقيّمها بعد أن أفلس اجتماعيا وسياسياً ، بل هي شجرة مباركة وانعطافة جديدة ومهمة من تاريخ النضال من أجل إحقاق الحق ورفض الباطل وقد رافقها وعي الضمير وإباء النفس وشموخ العزة والكرامة ، ومنها بدأت مرحلة جديدة و ولادة حركة جماهيرية ذات أبعاد وأفاق كبيرة وواعية وإن حاول البعض أن يتبرأ ويبرأ من تاريخها .ببركة هذه الانتفاضة انطلقت قوافل الأحرار المطالبين بالحرية والحقوق حتى يومنا هذا ، وببركة قوافل المعتقلين أنداك تعلمنا معنى الصمود والصبر وأن إرادة الإنسان المؤمن تنتصر لا محالة على قضبان السجَّان وسياط الجلاًّد ، وببركة دماء الشهداء المظلومين الذين تخرجوا من مدرسة الحسين على أرض القطيف الطاهرة أيام عاشوراء وما بعدها تعلمنا معنى التضحية والإيثار وأن الدم ينتصر على السيف ولو بعد حين .من هذه المدرسة انطلقنا وسنبقى وسيبقى الملايين من الأحرار وطلاب والحرية والعدل يسيرون مستضيئين بنورها ، وستبقى دماء شهداءنا الطاهرة ماء الحياة الذي يمدنا بالقوة والمنعة والإرادة والثبات ، والنار التي ستحرق الظلم والاستكبار والطغيان .ونحن نحي ذكراها وذكرى شهدائها نشعر بالفخر والاعتزاز والشموخ والرفعة لأننا نعتقد أن هذا الحدث العظيم أحد أكبر و أشرف و أقدس مقاطع تاريخ بلادنا المشرقة والمضيئة .حري بنا وبكل المهتمين والنخب العلمية والقائدة وخاصة أولئك الذين عاصروا الحدث أن يقوموا بتدوينه بكل تفاصيله ويدرسوه بتمعن ونظر وتحليل دقيق وصادق ومنصف بكل نقاط ضعفه وقوته ، وبظروفه وملابساته وبخلفياته وأسبابه وبأحداثه الدموية المفجعة والعدوانية المتعسفة من قبل النظام الحاكم .يجب أن تكون تاريخا يقرأه ويدرسه ويتعلم منه جيلنا الحاضر وأجيال المستقبل الكثير من الحقائق والعبر والدروس وتكون لهم معها وقفات عند أحداثها المهمة ، وليعلموا أن " رائد الإصلاح والتسامح والمحبة عبد الله بن عبد العزيز " كان بطل تلك الأحداث المؤلمة حيث بأمره سفكت الدماء وسقط العديد من أبناء القطيف شهداء وجرحى على أيدي الذئاب البشرية المسماة باسم ( الحرس الوطني) ، وبأمره اعتدي على الأطفال والنساء والشيوخ وانتهكت الأعراض و أستبيحت الأموال والممتلكات , و أقتيد المئات من الشباب والأطفال والشيوخ الى الزنازين المظلمة ومورس بحقهم أبشع صور التعذيب النفسي والجسدي .في زمن انقلبت فيه جميع المقاييس ، في زمن أصبح فيه الحق باطلا والباطل حقا , في زمن أصبحت تقدس فيه الطغاة والظلمة وأعوانهم ومؤيدوهم وصارت تلقى فيهم الخطب العصماء ويدعى لهم بطول العمر ، في زمن التيه والضياع وانعدام الرؤيا الشرعية والسياسية بسبب فقدان البوصلة الصحيحة ، في زمن النفاق والانحلال السياسي والمبدئي والاخلاقي بسبب غلبة المصالح الشخصية ، في هذا الزمن البائس ما أحوجنا لانتفاضة تشحذ الهمم و توقض الضمائر وتكسر حاجز الصمت والخوف وتنزع لباس الذل و الوهن ، ما أحوجنا لانتفاضة تعدل المسار وتقيم قطب البوصلة .السلام على أرض القطيف وسيهات وتاروت وصفوى والعوامية التي ارتوت بدماء أبناءها الشهداء المظلومين لتلد من جديد قوافل لا تنتهي من السائرين على نهجهم .السلام على الشباب الشجعان والغيارى في الأحساء والقطيف الذين أرعبوا بصرخاتهم المدوية عدوهم وسالب حقوقهم .السلام على أرواح شهداءنا الابرار في انتفاضة المحرم و أرواح جميع شهداء الوطن في السجون وساحات الإعدام التي عرجت الى بارئها شاكية اليه ما حل بها وبهذا الوطن من ظلم وقهر وتعد على الحرمات والمقدسات منتظرة وعد الحق في الأخذ بالحق .السلام على القابعين في ظلمات السجون الشهداء الأحياء الشاهدين بالحق على الظلم والاستهتار بالإنسان وكرامته وحقوقه والشاهدين على حقيقة الوجه القبيح لنظام ارهابي متمرد على كل القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية والإنسانية .
https://telegram.me/buratha