د بلال الخليفة ||
ان الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الامريكية لم تنتهي بتفكك الأول، بل استمرت أمريكا بنفس الوتيرة لتفكيك روسيا الاتحادية وخصوصا بعد وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبعد فشل التحركات الداخلية بدا الغرب يفكر في شن حرب ضد الروس وان الدولة المرشحة لذلك هي أوكرانيا، لكن توجد بعض الخطوات التي أراد الغرب إنجازها قبل البدا بالحرب، ومن اهم تلك الخطوات هو الوصول الى مرحلة ان يستغني الغرب وأوروبا عن النفط والغاز الروسي.
وكما نعلم ان أكثر من 48 % من الطاقة في أوروبا هي من روسيا، وخصوصا الغاز الذي يصل لأوروبا عبر الانابيب بأسعار زهيدة وهي 4 – 6 دولار لكل مليون وحدة حرارية بينما يصل سعر مليون الوحدة الحرارية من قطر او من الولايات المتحدة الامريكية بحدود 28 دولار. فلذلك ان البديل الحالي للغاز الروسي هو باهض الثمن وبالتالي عمل الغرب لمد أنبوب غاز من قطر ويمر بالعراق وسوريا ويصل الى أوروبا ليسد نسبة كبيرة من الطلب على الغاز الروسي.
اما البديل الاخر فهو الغاز الذي يصل لأوروبا من كازخستان ويمر بعدة دول حتى يصل تركيا ومن ثم أوروبا. للعلم ان كثير من خبراء الاقتصاد والسياسة يعزون الى ان اهم سبب للحرب الاهلية في سوريا هو لرفض القيادة السورية ان يمر في أراضيها خط الانبوب القطري، لان ذلك سيعيق خطة عالمية كبيرة، للعلم ان سوريا هي حليف إستراتيجي لروسيا وان القيادة فيها تعلم ان المستهدف من ذلك هي روسيا رغم ان للأنبوب منافع اقتصادية وهي الترانزيت.
العراق، يحرق 1400 مليون قدم مكعب يوميا ويستغل نفس المقدار في توليد الطاقة الكهربائية، للعلم ان مقدار التوليد او التجهيز للطاقة الكهربائية هو 21 الف ميكا واط للعلم ان منها بحدود 4500 ميكاواط متأتية من محطات تعمل بالغاز الإيراني إضافة الى استيراد الغاز من الجمهورية الإسلامية عن طريق خطوط كهربائية ، ان مقدار الغاز اللازم لإنتاج 12 الف ميكاواط (النقص بالطاقة الكهربائية) هو بحدود 3 الاف مليون قدم مكعب قياسي، وبالتالي لو تم استغلال كل الغاز المحترق لبقي العراق يحتاج لأكثر من 1600 مليون قدم مكعب قياسي باليوم (طبعا اذا اهملنا الزيادة السنوية على الطلب على الكهرباء وهو اكثر من 1000 – 1500 ميكاواط سنويا) وهذا مع بقاء العراق يستورد الغاز من الجمهورية الإسلامية.
ونتيجة لذلك فان امام العراق هو ثلاث خيارات
1 – استيراد النقص بالطاقة من الخارج عن طريق الربط الشبكي، وهذا غير متاح حاليا لعدم وجود الربط ولان الربط المزمع إتمامه هو يكون بأفضل الأحوال 2 ألف ميكاواط والعراق يحتاج لأكثر من 12 ألف ميكاواط.
2 – الذهاب الى انشاء محطات حرارية، ولكن تلك المحطات تكون كلفتها التشغيلية هي مضاعفة تماما لكل ميكاواط فالغازية تكون بحدود 70 دولار واما الحرارية فيكون الميكاواط بحدود 150 دولار ولهذا يكون البديل مكلف وسيثقل الموازنة العامة الاتحادية.
3 – الحل الثالث هو استيراد الغاز من قطر عن طريق أنبوب اما ان يكون عبر الخليج أي أنبوب بحري او بري، وفي هذا يكون العراق ممر للغاز القطري لتركيا وأوروبا وبالتالي يجني العراق رسوم ترانزيت عم ممر الغاز في أراضيه والامر الثاني هو ان العراق يأخذ حاجته من الغاز. لكن هذا الحل فيه محاذي سياسية لأنه يعني ان العراق قد أوقف الى المعسكر الغربي ضد الشرقي.
ان العراق ومتمثلا بحكومته قد أعلنت وخلال زيارة رئيس وزرائها الى المانيا في الزيارة الأولى ان العراق في صدد مد أنبوب غاز من الجنوب الى شمال العراق، والكل يعلم ان العراق هو محتاج للغاز وليس لدية ما يصدره عن طريق الشمال وبالتالي هذا الكلام إشارة الى الانبوب القطري الذي سيمر من البصرة الى تركيا ومن ثم أوروبا. وكما صرح السيد رئيس الوزراء لدى استقباله رئيس الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني في بغداد، اليوم الجمعة (23 كانون الاول 2022) حرص العراق على تزويد ايطاليا بما تحتاجه من النفط والغاز، وهنا لنا ان نقول أيضا كيف للعراق ان يزود إيطاليا بالغاز وهو يشتري الغاز من الخارج.
وخلاصة الامر ان الانبوب القطري ذو فائدة اقتصادية للعراق وقد تم توضيح ذلك في أعلاه ولكن من الناحية السياسية فيه احراج للعراق مع أصدقاءه من المحور الشرقي وكذلك يعني ارتماء العراق مع المعسكر الغربي.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha