د بلال الخليفة ||
بعد اندلاع الازمة الأوكرانية في شباط من هذا العام وبعدها توالت العقوبات الامريكية والاوربية على روسيا وابتدأت بالعقوبات الشخصية ومن ثم عقوبات على بعض الشركات النفطية ثم اخراج روسيا من نظام سويفت وهكذا لكن النتيجة كانت ان التضخم ارتفع بشكل كبير ووصل الى اكثر من 10 % في أوروبا وكان المتضرر الأول هي أوروبا وخصوصا الدول التي تعتمد على الغاز والنفط الروسي مما جعل بعض الدول تعود لاستخدام الفحم في عملية توليد الطاقة الكهربائية، وفي كل مرة تشعر أوروبا والناتو ان العقوبات لا تؤثر بشكل كبير على روسيا، تذهب الى اصدار عقوبة جديدة وكان اخر قرار للاتحاد الأوروبي هو وضع سقف اعلى لبرميل النفط الروسي عند 60 دولار وكذلك منع شركات التامين من ان تتعامل مع الشحنات النفط الروسية ، الامر الذي جعل بعض ناقلات النفط الروسية تتكدس في مضيق الدردنيل.
كان رد فعل الروسي الأول هو عدم بيع النفط للدول التي تلتزم بقرار سقف السعر المحدد وبالتالي، وهذا سيشكل عبئ على تلك الدول وخصوصا الاوربية اكثر من روسيا ولعدة أسباب وهي ان روسيا تبيع السعر ومنذ بداية الازمة بأسعار منخفضة وقد يصل باقل من 20 دولار من خام برنت وهذا ما جعل اللعاب الصيني الهندي يسيل لتلك الأسعار وكذلك ان روسيا لديها بدائل منها انها تبيع لشركات ثانوية وتلك الشركات تبيعها بسعر السوق وكذلك يوجد سبب اخر وهو ان معظم الموازنات العامة لروسيا في السنوات السابقة قد حددت سعر برميل النفط ما بين 40 الى 45 دولار وبالتالي ان أي انخفاض في سعر النفط او حجم المبيعات سوف لن يؤثر في موازنة روسيا للعام المقبل.
ان العقوبات التي طالت القطاع النفطي الروسي سوف تقلل من بيع النفط أي تقلل العرض في السوق العالمي وهذا سيجعل الأسعار ترتفع، هذا بالإجمال، اما لأوروبا فان البديل عن النفط الروسي هو العربي وهذا النفط يصل بالناقلات والنفط الروسي في معظمة يصل لأوروبا بالأنابيب مما يجعل النفط الروسي اقل سعرا من النفط العربي وهذا سيشكل عبئ إضافي على أوروبا.
كما ان الحصص النفطية لدول أوبك + محددة ومن غير الممكن تجاوزها وفي الاجتماع الأخير للمنظمة صرح جميع أعضاء المنظمة بالتزامهم بمقررات المنظمة ومنها الحصص التي تم تحديدها ومن هؤلاء الأعضاء وزير النفط العراقي، وبما ان الدول المنتجة للنفط لديها زبائن دائمة متناسب مع حجم انتاج تلك الدول ومن الصعب جدا تجاوز الشركات التي تشتري النفط ومن الصعب تجاوز السقف المحدد لها من قبل منظمة اوبك +، وهذا سيكون عبئ اخر يضاف لأوروبا في إيجاد بديل عن النفط الروسي.
اما تداعيات القرار على موازنة العراق فهو سيكون إيجابي لعدة أسباب وهي ان النفط المعروض عالميا سيقل وهذا سيرفع أسعار النفط أولا وسيزيد من العروض المقدمة لشركة سومو في شراء النفط، وكذلك يجعل الأسواق الأوروبية متاحة للنفط العراقي بشكل أوسع.
ان العراق لا يمتلك موازنة عامة اتحادية لهذا العام 2022 لكن في موازنة عام 2021 كانت مبنية على سعر برميل النفط هو 45 دولار بحيث كان العجز في الموازنة بحدود 28 تريليون دينار.
ان العراق يعتمد في موازنته على الإيرادات النفطية بنسبة تصل 96 % من الإيرادات العامة وبالتالي من يحدد الموازنة العامة هو توقعات أسعار النفط للعام المقبل مع الاخذ باسوء الاحتمال كي يتم تجنب العجز في دفع الرواتب وكما حدث في أيام جائحة كورونا.
ومن المحتمل ان يحدد سعر برميل النفط في موازنة عام 2023 هو بحدود 65 دولار وهذا سيعني وجود عجز في حال اعتماد موازنة بحجم إنفاق يكون بحدود 140 تريليون لان السعر الذي يجنب العراق العجز يجب ان يتجاوز 75 دولار للبرميل.
ان الازمة الأوكرانية أنعشت سوق النفط وان القرار الأخير سيكون أيضا بجانب سعر النفط وبالتالي سيكون مفيد في رفع الإيرادات النفطية من خلال ارتفاع سعر النفط نتيجة النقص بالإمدادات النفطية الواصلة للسوق من روسيا وكما ان معظم المعاهد العالمية وكذلك وزارة الطاقة الامريكية توقعت بان يكون سعر برميل النفط للعام المقبل بحدود 92 دولار.