د بلال الخليفة ||
أقدمت الحكومة الماضية على خفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي من 1182 دينار لكل دولار الى 1460 دينار أي قللت قيمة الدينار العراقي بمقدار 22.3 % وهي نفس القيمة التي ارتفع فيها أسعار السوق لأنها مستوردة بالدولار.
كانت العملية هي حل آني لسد العجز في تمويل النفقات الحكومية وبالخصوص دفع رواتب موظفي الدولة نتيجة انخفاض أسعار النفط العالمي، للعلم ان 70 % من النفقات الحكومية هي نفقات تشغيلية وان 60 % من النفقات التشغيلية هي رواتب للموظفين والمتقاعدين، وبالتالي اقترحت الحكومة الماضية لحل هذه المشكلة بالورقة البيضاء الإصلاحية والتي فيها أمور إيجابية ومن تلك الأمور نقطتين مهمتين وهما:
1 – تعظيم الإيرادات غير النفطية والتي هي الضرائب والكمارك والرسوم وارباح الشركات والهبات والاعانات، لكن نفس الحكومة قامت بأكبر عملية سرقة بالعراق في دائرة الضريبة.
2 – الموضوع الاخر هو تقليل الانفاق العام وبالخصوص التشغيلي الذي يذهب بمعظمة الى رواتب، عن طريق إيقاف التعيينات الا في وزارتين (حسب قانون موازنة عام 2021) وترشيق الوزارات والدوائر عن طريق الغاء درجات من يحال الى التقاعد او يتوفى او ينقل، وهذه النقطة أيضا خالفتها الحكومة بتعيين كميات كبيرة وفي اخر يومين من حكومة وهي حكومة تصريف اعمال.
وبالتالي ان التخفيض في قيمة الدينار العراقي هو حل آني وليس استراتيجي والذي كان لانخفاض قيمة برميل النفط الذي وصل دون 20 دولار واما الان فان قيمة برميل النفط تجاوز 90 دولار وان الرواتب مؤمنة مع وجود فائض في الأموال والتي ذهبت الى زيادة رصيد العملة الصعبة وسبائك الذهب وسندات أمريكية.
وهنا نتساءل ونقول، هل من الجيد إعادة سعر الصرف القديم للدولار؟
سنتناول الإجابة على هذا السؤال من ناحيتين الأولى هي من ناحية الحكومة والثانية من ناحية المواطن.
1 – من ناحية الحكومة: ان إعادة صرف الدولار بالسعر القديم فيه تفسيرين
أولا: ان إعادة سعر الصرف القديم يعني خفض في قيمة الأسعار في السوق وبالتالي مساعدة المواطن الفقير بطريقة غير مباشرة وهذا يعني زيادة شعبية الحكومة الحالية لأنها انتهجت نهج مخالف للحكومة السابقة التي ضيقت على المواطن. لكن بالمقابل سيرتفع المبلغ المخصص للإنفاق العام بحدود 7 الى 10 مليار والتي من الممكن ان تستخدم في الانفاق الاستثماري وتطوير الدولة.
ثانيا: ان الإبقاء على سعر الصرف يعني ان حجم الانفاق اقل ومقدار الفائض المالي اكثر وخصوصا بالأسعار الحالية للنفط وكما ان الحكومة الحالية هي مطالبة بإجراء إصلاحات وتواجه تحديات كبيرة جدا وفي كل القطاعات ومنها الكهرباء والصناعة والزراعة وحيت ان المبلغ الذي من الممكن صرفة على الانفاق العام في حال خفض سعر الصرف، ممكن استخدامه في انشاء مشاريع بكهرباء ومن الممكن ان تحل جزء كبير لا يقل عن 50 % من حجم العجز في التوليد البالغ اكثر من 10 الاف ميكاواط.
2 – من ناحية المواطن: عادة ان المواطن لا يعلم بخفايا التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة في توفير مبالغ الرواتب او انشاء مشاريع وهي أيضا في تماس مباشر بالسوق وخصوصا المواد التي تدخل في حياته اليومية مثل الرز والزيت والسكر وهذا يعني ان التخفيض في جانب المواطن.
الخلاصة، ان التخفيض في صالح الحكومة لان ذلك سيقلل الانفاق ويزيد الفائض، واما إعادة سعر الصرف للسعر القديم هو بصالح المواطن لان الأسعار ستقل كثيرا. لكن في رأيي ان الحل الوسط هو ان يكون الوسط بين الاثنين أي يتم تخفيض سعر الصرف الى 1350 دينار للدولار الواحد وبالتالي يتم إرضاء المواكن بتقليل الأسعار وحافظت الحكومة على جزء كبير من الإيرادات والتي من الممكن استخدامها في المشاريع التنموية والاستراتيجية.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha