د بلال الخليفة ||
تكلمنا في الثلاث مقالات السابقة عن ثلاث مواضيع هي دستورية تشريع قانون من قبل حكومة تصريف اعمال والثانية تناولنا اسم القانون والثالث تناولنا الأسباب الموجبة لتشريع قانون الامن الغذائي الطارئ، اما اليوم فسنبدأ بالمواد القانونية للقانون مادة مادة ونشرحها:
المادة -1- من مشروع القانون
بينت هذه المادة بإنشاء حساب للقانون وأسمته (دعم الامن الغذائي والتنمية والتحوط المالي وتخفيف الفقر ويسمى (بالحساب)).
هنا اضافت مهمتين أخرتين للقانون إضافة الى (9) مهام التي بيناها في (ثانيا) أعلاه والتي بينها القانون أيضا في الأسباب الموجبة، وهذان المهمتان هما:
1 - التحوط المالي:
هنا يحق لنا ن نتساءل، هل قانون لدعم الغذاء ينصرف الى التحوط المالي، وللعلم ان قانون الموازنة العامة لعام 2021 اقر على سعر برميل النفط 45 دولار وفي حينه كان سعر البرميل أكثر من 60 دولار واما الان فان سعر برميل النفط هو أكثر من 100 دولار ووصل في بداية هذا الشهر الى أكثر من 120 دولار، إذا فما هو التحوط المالي وهل نحتاج الى أموال أخرى بحيث نتحوط وهل ان التحوط المالي صلاحية حكومة تصريف اعمال.
بعض الدراسات لجهات معتبره قالت ان سعر برميل النفط اذا كان 72 دولار فسيكون العراق لا يعاني أي من عجز ولا يحتاج الى الاقتراض الداخلي والخارجي، ويوم امس المصادف 17.4.2022 قال وزير النفط ورئيس المجلس الوزاري للطاقة بان سعر 100 دولار لبرميل النفط هو سعر ممتاز للعراق، حيث ان سعر برميل النفط هذه الأيام هو فوق 100 دولار وبالتالي ان الأمور المالية ممتازة، ويجدر بالذكر ان الازمة الأوكرانية ستطول وسيطول نقص الامدادات بالطاقة وبالتالي لا انخفاض في سعر برميل النفط.
2 - وتخفيف الفقر
ان لهذا الموضوع عدة ملاحظات، أهمها: -
أ - ان تخفيف الفقر هو يحتاج لتخطيط استراتيجي طويل الأمد ويقر بخطط خمسية وعشرية للدولة ولا يحل ابدا بحلول انية او وقتية والا ستكون ناقصة وحل خاطئ،
ب - هو ليس من صلاحية هذا القانون بل وليس من صلاحية حتى الموازنة العامة الاتحادية،
ج - ولاحظنا ان الورقة البيضاء الإصلاحية قد اشارت الى تلك المشكلة ووضعت عدة نقاط منها الاهتمام بالجانب الاستثماري للقطاع الخاص وخلق فرص عمل لكن لم يتم اجراء أي شيء من ذلك.
هـ - القانون يخص الغذاء، السؤال الذي ينطرح هنا وما دخل الفقر وتخفيفه في الموضوع.
و – ان القرارات الحكومية هي السبب الرئيسي في زيادة الفقر ومن اهم تلك القرارات هو قرار خفض قيمة الدينار العراقي امام الدولار الأمريكي الذي رفع من نسبة الفقر بأكثر من 5 % ووصلت نسبة الفقر الى أكثر من 31 % من المجتمع العراقي.
المادة -2- تمويل الحساب
أ – في أولا من المادة:
ان مصطلح ((الفائض)) هو عكس مصطلح العجز، وهو الفرق بين النفقات "المصروفات" والموارد "الإيرادات" ففي حالة زيادة النفقات المحققة عن الموارد الفعلية يترتب عليه ما يعرف العجز، وفي حالة تراجع النفقات الفعلية عن الموارد المحققة يتحقق الفائض.
الزائد: كلمة أصلها الاسم (زَائِدٌ) في صورة مفرد مذكر وجذرها (زيد) وجذعها (زائد)، م فاعل من زادَ/ زادَ على/ زادَ عن/ زادَ في/ زادَ من، وهنا يعني ما زاد من الأموال المخصصة لصرف او للإنفاق في موارد تمشية الحال او الأمور اليومية للدولة.
ان المادة -2- قد بينت ان الحساب أي هذا القانون يمول من (الزائد) وهي كلمة لا يتم استخدامها في التشريعات بل يتم استخدام كلمة أخرى وهي (الفائض)، عن اجمالي مبالغ النفقات المنصوص عليها في المادة 13 من قانون الإدارة المالية وبما لا يزيد عن 25 تريليون دينار عراقي.
حيث بينت المادة 13 من قانون الإدارة المالية أعلاه ان الصرف يجب ان يكون بنسبة 1/12 او اقل هذا بالنسبة للجارية، اما للاستثمارية فيتم الصرف للمشاريع المستمرة إذا كان مخصص لها أموال وحسب الذرعة. لكن المفاجئة هنا انه حدد سقف لهذا الصرف وهو بالتالي خالف عدة أمور منها:
1 – خالف قانون الإدارة المالية رقم 6 لعام 2019.
2 – وضع سقف كبير وهو 25 تريليون دينار أي بحدود 17 مليار دولار، للعلم ان واردات العراق النفطية حيث كان سعر البرميل أكثر من 120 دولار وكانت الإيرادات هي 8.8 مليار دولار فكيف يكون سقف الصرف 17 مليار شهريا.
3 – وكان المشرع لهذا القانون يقول ان نسبة 1/12 هي 25 تريليون وبالتالي الصلاحية الكلية في حال رفع هذه النسبة هي 300 تريليون وهذا رقم غير معقول جدا.
4 – هنا عندما وضع مبالغ كبيرة تجاوز الهدف والغاية من القانون وهو الامن الغذائي.
ب – مصادر أخرى للتمويل
بين القانون وجود موارد أخرى لتمويل القانون رغم ان الإيرادات كبيرة جدا وتم ايضاحها سابقا، فان المشرع لهذا القانون بين ان المصادر الاخرة هي المنح والمساعدات التي يتم منحها للعراق، لكن الامر العجيب ان القانون هو العراق حاليا محتاج للمساعدات، لكن الغريب في الموضوع وهو مناقض للقانون الحالي هو ان الحكومة في نفس الوقت تقدم المساعدات للدول
الأخرى ومنها:
1 – في الاحد الماضي المصادف 27-3-2022، صندوق النقد الدولي يصادق على مساعدة بقيمة 44 مليار دولار للأرجنتين، وهل للعراق علاقات مميزة مع الارجنتين كي يتم مساعدتها. وللعلم ان حكومة تصريف الأموال لا تملك الصلاحية لإهداء تلك الأموال.
2 – تجديد الاتفاق مع الأردن بتصدير 10 الاف برميل من النفط الخام يوميا الى الأردن بأقل من السعر العالمي ب 16 دولار.
ج – ثالثا من المادة -2-
هنا بينت هذه النقطة بان يتم تمويل الحساب من القروض الداخلية والخارجية بما لا يزيد عن 10 تريليون دينار، اعتقد ان هذه النقطة فضيحة كبرى للحكومة، وللأسباب الاتية:
1 – ان أسعار النفط الان في اوج ذروتها وليس من المنطقي ان لا تكون كافية، وبالتالي يعني ان النفقات الان وهي جارية فقط ولا توجد استثمارية، قد فاقت الإيرادات النفطية، ويوجد عجز حتى وان سعر برميل النفط لامس 120 دولار، اذن السياسة الاقتصادية التي تم نهجها للحكومة هي خاطئة تماما، ونتيجة لذلك يعتبر هذا القانون هو جزء من السياسة الاقتصادية للحكومة وبالتالي هذا القانون خاطئ أيضا.
2 – ان اللجوء الى الاقتراض تبين لنا من العام الماضي هو لا حاجة لنا به وبالتالي ان الاقتراض الان هو خاطئ أيضا. مع ملاحظة ان حجم الانفاق الكلي لعام 2021 كان 72 تريليون وهذه السنة بحدود 88 تريليون ويكون المعدل الشهري هو اقل من 7 تريليون فكيف ونحن وارداتنا النفطية فقط هي 8 مليار دولار.
3 – ان سعر برميل النفط هو أكثر من 100 دولار والعراق يحتاج للاقتراض حسب هذا القانون وهذا يعني ان السياسة الاقتصادية للقانون هي بالكامل خاطئة وان العراق سيفلس حتما لو انتهت الازمة الأوكرانية وينخفض النفط الى 50 دولار او اقل.
4 – الاقتراض يعني ان الغاية من الورقة الإصلاحية البيضاء قد فشلت في تعظيم الإيرادات الغير نفطية وبقاء الاعتماد على الإيرادات النفطية.