د بلال الخليفة ||
ان الجيوبوليتيك العالمي بعد عام 1815 قد تغير كثيرا أي بعد معركة ووترلو وهزيمة نابليون، حيث سيطرت بريطانيا بشكل كبير جدا على العالم باسرة وخصوصا بعد عام 1816 عند اعتماد الباون كعملة عالمية للتعامل ووضع مقابل له الذهب في البنك المركزي في لندن.
استمر النفوذ البريطاني حتى تزعم البحار رسميا عام 1846 عندما هزم الاسطول البريطاني الاسطول الاسباني وبالتالي أصبحت الملاحة العالمية تحت النفوذ البريطاني واجبرت كل السفن في العالم بدفع تامينات للاسطول البريطاني بدل الحماية من القراصنة وغيرها.
في عام 1846 أيضا ، اعتمد الاقتصاد البريطاني في فلسفتة على نظرية السكوتلاندي الاقتصادي ادم سميث في الاقتصاد المفتوح وأيضا قامت بخطوة كانت غير صائبة وهي رفع الدعم عن الحبوب، وبالتالي تعرض الاقتصاد البريطاني الى صدمة وكساد وهجرة الفلاحين للأرض نتيجة رخص المستورد الهندي وسميت هذه الازمة بأزمة البطاطا.
كانت بريطانيا حريصة على جعل العالم ومن ضمنها سكوتلاند كحديقة خلفية وتبعدها عن التطور الصناعي. فسياستها ارتكزت على ثلاث ركائز وهي:
أولا: السيطرة على البحار جميعا وقد وضحنا ذلك في أعلاه.
ثانيا: الحفاظ على المواد الأولية تحت سيطرتها مثل النفط والذهب وغيرها.
ثالثا: التركيز على ان العملة البريطانية هي العملة الرئيسية في التداول العالمي وبذلك تكون قادرة على السيطرة على اقتصاديات العالم.
استغلت المانيا الأوضاع الاقتصادية السيئة في بريطانيا وقامت بخطوتين من شانهما ان تثير الغضب البريطاني الى حد الحرب وبالفعل حدثت الحرب العالمية الأولى، وكانت الخطوتين هما:
1 – بناء الصناعة، حتى أصبحت الات النسيج وغيرها تنافس بل افضل من اختها البريطانيه، وكذلك زادت في اسطولها البحري.
2 – حاولت المانيا التوسع في نفوذها، فعمدت الى التمدد في المناطق التي فيها المواد الأولية للصناعة والطاقة وهو النفط، فمدت سكة حديد من برلين الى انقرة، ثم اتفقت مع العثمانيين لمد السكة الى بغداد فالبصرة والخليج.
عام 1889، اتفق الالمان مع العثمانيين وذلك بعد زيارة قيصر الالمان وليام الثاني الى إسطنبول، على مد سكة حديد تمتد من برلين الى انقرة، كانت المانيا قد قررت ان تبني تحالفا اقتصاديا قويا مع تركيا بدءا من تسعينيات القرن التاسع عشر 1890 وبغرض تامين أسواق واسعه وواعدة لتصدير منتجاتها الصناعية الى الشرق لتامين المواد الأولية لصناعتها وكذلك الامداد بالطاقة، وكان مشروع الخط السككي برلين بغداد يشكل حجر الزاوية لاستراتيجية اقتصادية ذكية قابلة للتنفيذ. ولذلك اصبح هذا الخط، وهو خط سكك الحديد الذي يربط اوربا ببغداد نقطة احتكاك وخلاف بين المانيا وبريطانيا. وكان المفروض ان تصل سكة الحديد من بغداد ثم الى البصرة و ثم الخليج، وبذلك تكون المانيا قد حققت اسرع وارخص اتصال بين اوربا وشبه القارة الهندية اضف اليها الميزة المهمه جدا وهي تجاوز الهيمنه البريطانية التي كانت مسيطرة على جميع البحار والمحيطات.
وان هذه الخطوة تنذر بولادة تحالف كبير يهدد الامبراطوريات البريطانية والروسية، وهي المانيا والامبراطورية النمساويه – الهنكارية وبلغاريا وثم تركيا.
احست بريطانيا بخطر سكة الحديد الألمانية ولذلك قامت بعدة خطوات لتقويض الامر، ففي عام 1901، قامت القوات البريطانية المتواجدة بالخليج على اعتبار الكويت محمية بريطانية، لان نقطة التقاء خط الحديد مع الخليج كان في الكويت، لم تستطع السلطنة العثمانية الضعيفة غير تقديم احتجاج ضد الإنكليز.
وفي عام 1907 وقعت بريطانيا مع مبارك الصباح على وثيقة يؤجر بموجبها الى الابد أراضي (بندر شويخ) الى الحكومة البريطانية وبالمقابل دفعت بريطانيا مبلغا ليس قليل من الذهب والبنادق.
وفي عام 1913، وقع الإنكليز مع الأمير مبارك الصباح أيضا وثيقة يتعهد بمقتضاها بالامتناع عن إعطاء أي امتياز للبترول في المنطقة ولأي شخص كان، عدا الذي تعينه وتوصي به الحكومة البريطانية.
وجاءت هذه الخطوة بعد عام واحد، أي بعد عام 1912 عندما وقع الالمان مع الامبراطور العثماني بحق التنقيب على النفط والثروات المعدنية على جانبي سكة الحديد برلين بغداد وبمسافة 20 كيلو متر على الجانبين.
نقاط التشابه بين خط سكك الحديد وطريق الحرير
1 – الاثنان كان العراق هو حجر الزاوية بين الاثنين
2 – الاثنان استخدما الطرق البرية بدل البحرية، كونها الاسرع
3 – في الماضي كان المشروع لتجنب الهيمنة البريطانية والان لتجنب الهيمنة الامريكية على البحار.
5 – في السابق اعتبرت بريطانيا المشروع تهديد لاقتصاده وعملت على تخريبه والغائه والان أمريكا اعتبرت المشروع هو تهديد لمنطقة نفوذها وبالتالي عملت وتعمل على عدم إتمامه.
6 – المشروعان كانا يهدفان الى بناء كتلة اقتصادية واحدة تتضمن الدول التي يمر بهما الخطان وبالتالي يكونان مقابل التحالف الاخر وهو البريطاني الروسي سابقا والتحالف الأمريكي ومن معه حاليا.
7 – المشروع الأول قامت بريطانيا بوضع عراقيل عن طريق ضمان ولاء بعض الدول او المناطق التي سيمر به الخط، والان نفس الموضوع يتكرر، وتحاول أمريكا ان تمنع وصول طريق الحديد وقطعة مثل سيطرة الاكراد او داعش على سنجار او اضطرابات كازخستان والوضع الأمني المضطرب في أفغانستان.
8 – المشروع الأول وهو خط برلين بغداد انتهى بحرب عالمية وهي الحرب العالمية الأولى، ونأمل ان لا تنتهي الخلافات حول طريق الحرير والحزام الى حرب، رغم ان بعض البوادر ظهرت في أوكرانيا وقبلها كازخستان للحرب بين أمريكا وروسيا الحليف الاستراتيجي للصين.
الخلاصة
يجب الاهتمام بهذا المشروع ونقطة ارتكازه هو ميناء الفاو الكبير ولذلك يجب التركيز عليه أولا ومن ثم سنجار ثانيا.