الصفحة الاقتصادية

هل نحن جياع فعلا؟!


  عبدالزهرة محمد الهنداوي ||   "محد يبات بلا عشا"، مثل شعبي عراقي قديم، يختصر الكثير من التفاصيل، المتعلقة بالامن الغذائي للعراقيين، ومن تلك التفاصيل، ان العراقي ماجاع ولن يجوع، كما انه ليس جائعا الان، لذلك فقد قوبل تقرير برنامح الاغذية العالمي، الذي وضع العراق، الى جانب  اكثر سبعة بلدان جوعا في العالم، بالاستغراب وربما الاستهجان، اذ هل يُعقل ان حال العراقيين بنفس السوء الذي يعانيه الصوماليون او المدغشقريون،؟! فهذه البلدان تعاني جوعا متجذرا، ولطالما نقلت لنا الكاميرات مشاهد مؤلمة لتلك الشعوب، وهم خمص البطون، ويتقاتلون من اجل الحصول على لقمة تقيهم غائلة الجوع، الذي يفتك بهم منذ عقود طويلة من الزمن، كما لايمكن باي حال من الاحوال مقارنة بلد متوسط دخل الفرد فيه ٦ الاف دولار وموازنته اكثر من ١٠٠ مليار دولار سنويا، مع بلد اخر  متوسط دخل  افراده، اقل من ٣٠٠ دولار، مثلا، ومن المؤكد ان المقارنة ستكون غير منصفة اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار مايتوافر عليه العراق من ثروات، لعل في مقدمتها التمور، فاذا لم يكن لدينا غير التمر ، فاننا والحال هذه لن نجوع ابدا.. ومن دون الخوض في تفاصيل الواقع المعيشي للعراقيين، والذي لااريد وانا اتحدث في حيثيات هذا الملف الهام والحساس، ان ارسم صورة وردية للحياة عندنا، بقدر ما كنت اريد ان اقول، ان هنالك فرق بين ما رسمته خريطة برنامج الغذاء العالمي، من صورة حمراء قاتمة للوضع الغذائي في العراق، عندما اشارت  الخريطة الى ان اكثر من ٣٥٪؜ من العراقيين ينامون جياعا!! وبين الواقع المُعاش فعلا وهنا اقول، نعم، ان الحال لدينا ليس سهلا، وثمة تحديات جسام كانت ومازالت تواجه حياتنا، وهذه التحديات ليست خافية على احد، ولايريد احد التعمية عليها، فالجميع يعرفها، ويخوض في تفاصيلها، فالعراق من بين الدول التي مازالت بحاجة الى مساعدات خارجية، ولكن ذلك لا يعني الجوع، .. صحيح ان نسبة الفقر مرتفعة كثيرا، ولكن ذلك لايعني الجوع، صحيح ان الواقع الخدمي متهالك في اغلب الخدمات، ولكن ذلك لا يعني الجوع، صحيح، ان لدينا مشاكل امنية وسياسية واقتصادية واجتماعية، ولكن ذلك لايعني الجوع، نعم لدينا تباين حاد في توزيع الثروات التي تنعكس على متوسط دخل الفرد، وبالتالي التأثير على المستوى المعيشي، نعم لدينا نحو مليون ونصف المليون اسرة، ضمن شبكة الحماية الاجتماعية، ولكن ذلك لا يعني الجوع.. وقد تكون اصعب فترة غذائية مر بها العراق، كانت  فترة الحصار الاقتصادي، في تسعينيات القرن الماضي، وفيها عاش العراقيون اسوأ مرحلة في التاريخ الحديث، الا انهم لم يصلوا  المستوى الذي يمكن  معه ان يقارنون بالمدغشقريين.  اما اذا اردنا الحديث عن تفاصيل المستوى المعيشي للعراقيين اعتمادا على الرصد الميداني، فلا اتصور ان الميدان سيبخل على الراصد بمشاهد التحسن الملحوظ في الحياة، الامر الذي يؤكد ان وضع العراق، في منطقة البلدان الاكثر جوعا في الكوكب، لم يكن منطقيا ابدا..
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك