الصفحة الاقتصادية

ارض السواد


عبدالزهرة محمد الهنداوي ||   ارض السواد، عنوان واسع الانتشار، استخدمه الكثير من الادباء والباحثين والكتاب، ولعل الثلاثية الروائية للكاتب عبدالرحمن منيف الصادرة عام ١٩٩٩ ابرز ما كُتب تحت هذا العنوان، فضلا عن مسرحيات واعمال ادبية ومسميات تجارية حملت ذات العنوان،  وبعضها ربما ابتعد عن المعنى الحقيقي للتسمية، التي جاءت وصفا لصورة بلاد مابين النهرين، لما كانت عليه من حسن الاحوال، اذ تبدو  ارض العراق،  سوداء، لكثافة زرعها وغزارة حرثها، وتشابك اشجارها، ووفقا لهذا المشهد، بقي العراق لقرون من الزمان، يمثل سلة غذائية اساسية ليس للعراقيين وحسب، انما لشعوب المنطقة والعالم.. ولذلك، شكلت الزراعة  مرتكزا مهما واساسيا من مرتكزات التنمية والحياة  في ظل الامكانات المتاحة في العراق، وبقي القطاع الزراعة، يمثل احد اهم مكونات الناتج المحلي الاجمالي ، الى ان ظهر النفط، الذي حول الاقتصاد من اللون الاخضر الداكن  الى اللون الاسود القاتم، واصبح هو سيد الساحة من دون منازع، فتراجعت جميع القطاعات التنموية الاخرى، ومنها القطاع الزراعي الذي انخفضت مساهمته  في الناتج المحلي الاجمالي الى ادنى مستوياته حتى وصلت النسبة الى اقل من ٢٪؜, ثم ارتفعت قليلا في السنوات الاخيرة، لتصل الى نسبة، ربما لا تتجاوز ٧٪؜ في احسن الاحوال.  وهنا يأتي السؤال: ماهي الاسباب التي دفعت القطاع الزراعي الى الخلف،  لدرجة فقد معها العراق تسميته التاريخية "ارض السواد"؟؟ بالتأكيد ستأتي الاجابة، انه النفط الذي تسبب بهذا التراجع الكبير، النفط الذي سهّل لنا  الحصول على الاموال،  ماادى الى اهمال قطاعات التنمية ومنها الزراعة، وأُصيب العراق بما يعرف بالمرض الهولندي، "نبيع نفطاً ونأك خبزا". ولكن، هل نحمّل النفط وحده مسؤولية كل ماحدث؟، كلا بالتأكيد، فثمة اسباب اخرى، لعل من بينها، قلة المياه المتوفرة، ادى الى انحسار المساحات الزراعية، وكذلك الاساليب القديمة في الزراعة لاسيما اساليب الري التي تؤدي الى عدم الاستثمار الامثل للمياه المتوفرة، وفقدان كميات كبيرة منها. وعدم استخدام المكننة الحديثة. يضاف لذلك تراجع مستويات الدعم التي تقدمها الدولة للفلاحين. وعدم التركيز على محاصيل بعينها وفقا لحاجة المستهلك العراقي، رافق هذا غياب واضح  للصناعة التحويلية الغذائية، الامر الذي ادى الى عدم الاستفادة من الوفرة الموسمية لعدد من المحاصيل. واذا اردنا للقطاع الزراعي ان ينهض فينبغي الوقوف عند تلك الاسباب ومعالجتها، من دون ان ننسى الوقفة المشرفة لهذا القطاع خلال فترة جائحة كورونا، فقد اسهمت تلك الوقفة في توفير السلة الغذائية للمواطن العراقي، في وقت شهدت فيه الكثير من البلدان ازمات غدائية حادة.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك