الصفحة الاقتصادية

دنانير ودولارات..!


 

عبدالزهرة محمد الهنداوي ||

 

الدولار الامريكي، ليس هو كبير السن بين العملات العالمية واسعة التداول، وليس أعلاها قيمة شرائية، لكي يتسيد المشهد العالمي، من دون منازع، فالجنيه الاسترليني اكبر منه سنا وأعلى منه قيمة، وحتى الدينار العراقي الذي ابصر النور ، بتاريخ ١٦ آذار عام ١٩٣٢ (بالإمكان ان يكون هذا التاريخ يوما وطنيا للعراق، في ظل عدم الاتفاق على تحديد يوم وطني)، أقول حتى، دينارنا، كان في يوم من الايام، يعادل اكثر من ثلاث دولارات، يوم كنا نتعامل بأجزاء صغيرة من الدينار ولكنها ذات قيمة شرائية يُعتد بها.

ورويدا رويدا، بدأ الدولار يزحف بقوة، فارضا هيمنة مطلقة، على أسواق العالم، حتى بات  البارومتر الحساس لقياس مؤشرات تلك الاسواق، ولم تفلح كل محاولات المحاور العالمية المناوئة، في ايقاف زحفه. والحال في العراق، يبدو اكثر وضوحا  في تسيّد الدولار الامريكي، للمشهد برمته، لدرجة اننا بتنا نحسب كل شيء بقيمته، ولكن بأسعار تكاد تكون ثابتة، لم تتجاوز سقفا معينا، وهذا السقف يعد منخفضا، لذلك فقد كانت الأسواق العراقية تشهد خروج كميات ليست قليلة من الدولار إلى الخارج، بداعي الاستيراد، الذي تجاوزت قيمته حاجز الـ(٥٠) مليار دولار سنويا، في بعض السنوات، ورقم مثل هذا يمكن ان يحدث تنمية انفجارية حقيقية، إذا جمعناه لعدة سنوات، ولعل هذا هو السبب وراء عملية الإغراق السلعي، التي شهدتها اسواقنا على مدى السنوات الماضية، الأمر الذي تسبب بحالة انكشاف اقتصادي، أدت إلى عدم قدرة المنتج المحلي على المنافسة، فغاب تماما من الواجهة.

وهنا، ثمة سؤال يقفز إلى الذهن، هل ان الإجراء الأخير الذي قامت به الحكومة، والمتمثل برفع سقف سعر الصرف بحوالي (٢٥) نقطة عما كان عليه ، سيسهم في تقليل حجم الاستيراد، وهذا بدوره، يقلل أيضا من حجم الأموال الذاهبة إلى الخارج، وبالتالي يعطي فسحة للصناعة الوطنية ان تتنفس قليلا، عسى ان تعود اليها الحياة تدريجيا؟، أقول، نعم، من المؤكد، ان أمرا مثل هذا سيتحقق، ولكن بشرطه وشروطه، من دون ان نغفل  التداعيات السلبية التي ستلقي بوطأتها، على كاهل الشرائح الهشة، في المجتمع، لاسيما مع حالة ارتفاع الأسعار المتوقعة، بعد إقرار الموازنة، صحيح ان الأسعار ارتفعت بعد قرار رفع قيمة الصرف، الا ان ارتفاعها كان دون المتوقع بكثير، فكانت اعلى نسبة ارتفاع للسكائر  بنسبة (١٠٪، واقلها للمواد  الغذائية  بنسبة نصف واحد في المائة، وعدم الارتفاع هذا نتيجة وجود خزين من المستوردات، وكذلك وجود منتجات زراعية محلية تغطي حاجة السوق، مع توافر كميات كبيرة من الدولار مدخرة في بيوت المال، وبيوت السكن، لذلك كانت أسعار التداول في الأسواق اقل من سعر البيع الرسمي للدولار، أما في حال  إقرار الموازنة، باعتماد ذات السعر، فان الموقف سيكون مختلفا، وهذا من شأنه ان يعيد الحركة إلى الأسواق والمراكز التجارية، واتوقع ان القطاع الخاص الصناعي والزراعي، سيتعافى قليلا، لان المنتج المستورد سيشهد ارتفاعا في اسعاره بنسب مرتفعة..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك