الصفحة الاقتصادية

الاقتصاد الأمريكي ينهار بنسبة 42% وأزمة سياسية في الأفق


تبدو البيانات الاقتصادية القادمة من الولايات المتحدة الأمريكية كارثية، ولا أجد كلمة مناسبة أكثر من تلك.

ووفقا لأحدث التقديرات لبنك أتلانتا الاحتياطي الفدرالي، سينخفض الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 41.9%. ولن ينجو جزء كبير من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم من الحجر الصحي الحالي، حتى مع وضع جميع برامج المساعدة الحكومية في الاعتبار،

ويتحدث الأطباء بالفعل عن موجات ثانية وربما عديدة من الوباء.  في الوقت نفسه يعترف المزيد من الاقتصاديين، وحتى المسؤولين، أن الركود لن يكون على شكل حرف V بالإنجليزية، أي هبوط ثم زيادة حادة، وإنما على شكل حرف L، أي سقوط ثم ركود طويل.

لقد تضاعفت البطالة في أبريل الماضي إلى أكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 14.7%، ومن المرجح أن تستمر في النمو لبعض الوقت على الأقل.

كذلك انفجر عجز الموازنة الأمريكية، ووفقا للتوقعات قد يقترب من 4 تريليون دولار هذا العام، وهذا إذا لم تضطر البلاد إلى فرض حجر صحي جديد قرب نهاية العام. كل ذلك يجبر الاحتياطي الفدرالي على طباعة دولارات غير مغطاة بكميات لا تصدق، وبسرعة مذهلة. وعلى مدى العامين الماضيين، بلغ حجم الدولارات المتداولة الضعف تقريبا، وأثناء شهري الربيع بعد انهيار مارس، ارتفعت القاعدة النقدية للاحتياطي الفدرالي (حجم الدولارات المتداولة) بمقدار 2.8 تريليون دولار، لتصل إلى 7 تريليون دولار. إنه ذات النهج الذي سارت عليه الأرجنتين وفنزويلا وزيمبابوي وغيرها من البلدان التي عانت من التضخم المفرط من قبل. بالطبع، فإن مخزون قوة الدولار، كعملة عالمية أكبر، لكن هذا قد يؤجل انخفاضه فحسب، لكنه لن يمنعه.

لقد خفف هذا التدفق من المال من الكارثة الاجتماعية مؤقتا وجزئيا، كما أنه أعاد مرة أخرى سوق الأسهم إلى ذروتها، لكن كما يحدث دائما، أصبح الأغنياء أكثر ثراء، على خلفية فقر الفقراء، واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء، وازدياد التفسخ الطبقي. لم تعد سوق الأوراق المالية تعكس الواقع هي الأخرى، وتوقفت عن أداء وظيفتها. لقد ماتت الرأسمالية في الولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى الرغم من أن احتمالات إعادة انتخاب دونالد ترامب على خلفية ما سبق تتدهور بكل تأكيد، إلا أن الحزب الديمقراطي، في المقابل، يفعل كل ما يلزم من أجل خسارته في معركة الانتخابات الرئاسية، بترشيحه أحد ممثلي النخبة الفاسدة القديمة، والمتورط في فضائح فساد بأوكرانيا، جو بايدن، والذي لا يرجح فوزه أمام ترامب، أي أن فرص إعادة انتخاب ترامب لا زالت كبيرة على أي حال.

 يحدث كل ذلك بالتوازي مع تغيّر كبير للصورة الديموغرافية والعرقية بين سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يؤدي فعليا إلى تغير في توازن القوى السياسية، حتى أن الحزب الديمقراطي يمكن أن يحصل على السيطرة الكاملة على مجلسي البرلمان الأمريكي هذا الخريف، لتصبح قضية عزل ترامب، حال انتخابه لفترة رئاسية ثانية، مسألة وقت لا أكثر.

إن المجتمع الأمريكي يعاني اليوم من انقسام شرس غير مسبوق، وهو ما يعكس مواجهة بين فئات تختلف فيما بينها على أساس العرق والخلفية الاجتماعية. وفي هذا العام، أو ربما العام المقبل، من المحتمل أن يتم الإطاحة برئيس منتخب شعبيا، يعبّر عن مصالح الأمريكيين البيض المحافظين بأي ذريعة مختلقة. يتزامن ذلك مع فقدان البيض لأغلبيتهم المطلقة، على الأقل بين الفئة الأكثر نشاطا تحت سن 50-60 عاما، أي أن الانقسام حول قضية عزل الرئيس سوف يمس كل الحدود التي تقسّم المجتمع الأمريكي، وعلى رأسها التقسيم العرقي. هكذا تبدأ الحروب الأهلية والعرقية، ولا حاجة للتذكير بأن سكان الولايات المتحدة مدججون بالسلاح.

كل هذا سوف يحدث على خلفية أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وأكبر انخفاض في مستوى معيشة الأمريكيين على مدى عدة أجيال، أي أن درجة السخط الاجتماعي سوف تكون عالية جدا، وسيصبح الكثير من المواطنين الأمريكيين على أتم استعداد للاحتجاج أو المشاركة في المواجهات.

ليس هناك ما يضمن أن تجري الأحداث على هذا النحو، لكنه أحد السيناريوهات الواقعية المحتملة.

ماذا يحدث لو أصبح الرئيس الأمريكي القادم جو بايدن؟

لن تصبح الأزمة الاقتصادية الأمريكية أقل عمقا، ولن تصبح الاحتجاجات أقل اتساعا، لكن المحافظين البيض سيحاولون الانتقام لا على مستوى الدولة، وإنما على مستوى الولايات أو الجمعيات أو حتى بالنزعات الانفصالية. على أي حال، ستمر الولايات المتحدة الأمريكية بأعمق أزمة للنظام هذا الخريف، ويمكن حتى أن تستمر فترة أطول من الركود الاقتصادي، ولا أحد يمكنه الجزم بما إذا كانت ستستطيع الخروج من هذه الأزمة على نفس الشكل الذي دخلت به فيها أم لا.

 

 

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك