عقيل جبر علي المحمداوي *
نظراً لتفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وانهيار أسعار النفط واثره الكبير في حصول الازمة المالية الحالية . الامر الذي يتطلب من الحكومة العراقية الجديدة أن تركز أولا على الاستجابة للطوارئ الصحية وما يرتبط بها من خطر الركود الاقتصادي وربما مؤشرات مخاطر الانهيار المالي المحتمل ، والتعامل بحكمة ومرونة في ضبط أوضاع المالية العامة المرتبط بالهبوط المستمر في أسعار النفط حتى يتم التعافي من الجائحة.
لن يحصد وباء كورونا الأرواح فحسب، بل اسفر انتشاره عن مواجهة الحكومة العراقية الجديدة صدمة سلبية على مستوى العرض وصدمة سلبية على مستوى الطلب. تأتي صدمة العرض السلبية أولاً من انخفاض العمالة - ومستوى اداء العمل بشكل مباشر لأن العمال يقعون مرضى بفيروس كورونا او اعاقة العمل بسبب الحجر الصحي ومخاوف انتقال العدوى ، وبشكل غير مباشر بسبب القيود على السفر وجهود الحجر الصحي والعمال المقيمين في المنزل لرعاية أفراد الأسرة المرضى أو الأطفال. كما أن العرض سيتأثر بنقص المواد الخام ورأس المال والمستلزمات الوسيطة بسبب تعطل النقل وإغلاق الشركات.
أما الصدمة السلبية على جانب الطلب فهي عالمية وإقليمية. ونتيجة للصعوبات الاقتصادية حول العالم وتعطل سلاسل القيمة العالمية سينخفض الطلب على السلع والخدمات ، وعلى الأخص النفط. وسينخفض الطلب المحلي أيضًا بسبب التراجع المفاجئ في النشاط التجاري، وبسبب انخفاض حركة النقل والسفر خوفا من انتشار العدوى. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم اليقين بشأن انتشار الفايروس ومستوى الطلب الكلي قد يؤدي إلى تراجع معدلات الاستثمار والاستهلاك. كما أدى انهيار أسعار النفط إلى انخفاض الطلب على النفط العراقي حيث يعد قطاع النفط والغاز أهم مصدر لموارد الموازنة العامة في العراق ، يمكن أن تؤدي التقلبات المحتملة في الأسواق المالية إلى تعطيل الطلب الكلي بدرجة أكبر.
طبقت حكومة عادل عبد المهدي السابقة استجابات غير مسبوقة للسياسات العامة ، وهو ما ساعد على تخفيف أثر الصدمة المزدوجة. ويمكن للحكومة الجديدة حكومة السيد مصطفى الكاظمي أن تبحث أيضا ما يلي:
تصميم استجابات السياسات العامة:
للتعامل مع الصدمة المزدوجة، ينبغي على الحكومة العراقية الحالية أن تصمم استجاباتها وترتبها حسب حدة الصدمة، وطبيعة اثارها المتوقعة .
وينبغي أن تركز أولا على الاستجابة للطوارئ الصحية وما يرتبط بها من خطر الركود الاقتصادي وربما يتعدى الامر الى مخاطر الانهيار المالي في حالة عدم وجود استجابات مناسبة للصدمات والازمة المالية . وينبغي التعامل بمرونة وحكمة في سياسة ضبط أوضاع المالية العامة المرتبط بالانخفاض المستمر في أسعار النفط، ومعالجة الآثار غير المباشرة حتى يتم التعافي من الجائحة. وبدلا من ذلك، ينبغي أن ينصب التركيز حاليا على تعديل تخصيصات الموازنة وزيادة فعالية الإنفاق الموجه بإتجاه النفقات الحاكمة مع وفي إطار التصدي لجائحة كورونا، يمكن للحكومة الجديدة إعطاء دفعة للإنفاق الصحي- بما في ذلك إنتاج أدوات الاختبار أو شراؤها، وتعبئة العاملين الصحيين ودفع رواتبهم، وتشكيل لجان مجتمعية صحية وقائية ، وتعزيز البنية التحتية للرعاية الصحية، والاستعداد لحملات التطعيم. فتعزيز عمليات الاختبار وتعقب المخالطين للمصابين بفيروس كورونا أمر مهم للغاية لتحديد نطاق العدوى ورصد الحالات وعزلها وتشكيل فرق رصد وترصد لتفادي نقل العدوى واهمية وجود فريق مالي اقتصادي خبير مقتدر يتعامل باسلوب ادارة الازمات يتم اشراكه في المجالس الاستشارية والتنفيذية بتمثيل حقيقي ويعمل دور المستشار المالي لمواجهة المالية الحالية ويدعم جهود السلطات المالية والاقتصادية وخصوصاً النقدية ، وهو عامل محدد وضروري لإعادة فتح الاقتصاد وتحقيق حزم الانعاش الاقتصادي وتعزيز الوضع المالي في العراق بدون التسبب في حدوث موجة ثانية من تفشي الفيروس.
*باحث مالي
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha