هيثم الخزعلي
شهدنا في شهر نيسان انهيار اسعار النفط غربي تكساس في الولايات المتحدة، في بورصة نايمكس بشكل غير مسبوق تاريخيا الي ان وصلت إلى سالب 40$-، اي أن البائع يعطي المشتري 40$ مقابل كل برميل يقوم بشرائه منه، ولفهم اسباب هذا الانهيار لابد من فهم الأسباب والية عمل هذه البورصة، ان العقود الاجلة يتم شرائها لسببين (التحوط ) و(المضاربة).
فالتحوط هو قيام شركات او معامل بشراء النفط لأجل معين بسبب انخفاضه حاليا، أو لاحتمال عدم قدرتها على شرائه لاحقا، فتحتاط لشرائه الي الاجل المحدد والذي قد يمتد لسنة، والفئة الثانية التي تقوم بشراء النفط للمضاربة، وهؤلاء ليس لديهم نية فعلية لاستهلاك النفط، بل يشترونه على أمل ارتفاع أسعاره وتحقيق الربح، وفي كل شهر بتاريخ من 21-25 يتم تسوية العقود الاجلة اي يتم تسليمها للمشتري وهو بدوره اما ان يأخذها او يتركها للتخزين بمنطقة كوشينج في ولاية اوكولاهاما.
وما حدث ان المضاربين لم يستطيعوا استلام النفط لأنهم اصلا غير معنيين باستهلاكه، ولا يستطيعون نقله لبيعه في الأسواق العالمية لسببين عدم وجود طلب بسبب إغلاق الاقتصادات العالمية بسبب كورونا، وهبوط اسعار النفط العالمي الى18$، إضافة إلى أن كوشنج تبعد800كم عن سواحل أميركا مما يجعل كلفة النقل باهضة جدا.
كما أن تخزين النفط تصل كلفته الي 40$، مما دفع المضاربين الي بيع اسهمهم بالسالب - 40$ للتخلص من هذه المشكلة، وارتفاع كلف الخزن بسبب ان المخزون وصل الى70٪ من قدرة التخزين، التخزين يتم اما في مزارع الصهاريج في كوشينج او في الكهوف الملحية، أو في ناقلات النفط العملاقة والتي ارتفعت كلفة التخزين ببعضها الي 100000$ يوميا، مما رفع تكاليف نقل النفط العالمي بسبب تكلفة الفرصة البديلة.
وقد يطرح سؤال لماذا تستمر شركات النفط بالانتاج في هذه الحالة؟
والسبب ان عمليات إعادة التشغيل مكلفة جدا، وبعض الخزانات تتلف بسسب الاكل من الأملاح والمواد التي كانت مخزنة بها، وهذا ينطبق على بعض الشركات خصوصا الروسية، ومع استمرار قلة الطلب وإغلاق الاقتصاد الأمريكي وارتفاع المخزون النفطي، وفشل اتحاد السكك الحديدية الذي يدير شركات النفط في الولايات المتحدة في التوصل مع الشركات لتخفيض منتجاتها، فما لم يتم فتح الاقتصاد الأمريكي.. اعتقد اننا أمام مشهد مماثل للشهر السابق.
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha