د .علي العمــــــــار
يقول مهندس منظومة الاصلاح الاجتماعي في تشيلي خوسيه بنييرا
" نحن نصنع ثورة عمالية – رأسمالية من خلال خصخصة صناديق تقاعد الضمان الاجتماعي"
في خمسينيات القرن الماضي وتحت اشراف تيودور شولتز وارنولد هاربر جر انشأت جامعة شيكاغو برنامجا للمنح الدراسية لطلاب الجامعة الكاثوليكية في تشيلي , حينها جلس مجموعة من الطلبة تحت اقدام ميلتون فريدمان وجورج ستيكلر, هذه المجموعة من الطلبة التشيليين المتخرجين من جامعة شيكاغو وبرعاية خوسيه بينييرا قاموا بعمل عظيم لتطبيق منهج يدعم السوق الحرة بهدف معالجة مشكلات امريكا اللاتينية وهو بحد ذاته يعبر عن منهج طموح يحول النمط التقليدي لصناديق التقاعد الى نظام حسابات تقاعدية شخصية حقيقية مؤيدة للنمو.
ففي سبعينيات القرن الماضي كانت تشيلي تعاني ركودا تضخميا حالها باقي دول العالم ,حينها استدعت الحكومة العسكرية بنييرا وفريق متخرجي جامعة شيكاغو لإعادة تنظيم الاقتصاد فقد كانت وصاياهم تتلخص بالاتي:
1. خفض الانفاق الحكومي.
2. اصلاح النظام الضريبي.
3. توسيع التجارة.
4. منع او وضع رقابة صارمة للنقد المتداول.
5. الغاء التأميم.
في عام 1980-1981 تم تعيين بينيرا وزيرا للعمل والضمان الاجتماعي حينها قام بتنفيذ اربعة اصلاحات رئيسية:
1. الاصلاح الاول: وضع أول نظام لخصخصة التقاعد في العالم
2. الاصلاح الثاني: برنامج للتأمين الصحي الخاص.
3. اعادة تأسيس النقابات العمالية الديمقراطية.
4. قانون دستوري لحقوق الملكية في مجال التعدين.
ما هو نظام خصخصة التقاعد؟
ادرك بنييرا ان نظام صرف الاستحقاقات اولا باول كان مفلسا وهذه اول نقطة هامة تتعلق بربط الاستحقاق المالي الفردي بالاشتراك الفردي الشخصي لكل عامل في القطاع الخاص, وبهذه الاموال التي تستقطع من العاملين في القطاع الخاص يتم تحويلها الى استثمارات تسجل بحسابات فردية بأسماء العمال انفسهم وهذه الاستثمارات يجب ان تكون معفاة ضريبيا .
وان هذه الاستثمارات يجب ان تكون مودعة في صناديق خاصة بحسابات العاملين بالقطاع الخاص تصرف اليهم حين الطلب او الاحالة على التقاعد وهنا لا يشترط السن في التقاعد.
كما يمكن للعامل ان يحول جزءا من قيمة حسابه المستثمر الى معاش سنوي يصرف بضمان شركات تأمين معتمدة حكوميا وهذا يمثل دخلا ثابتا لباقي سنين حياته وهذه بحد ذاتها تعبر عن شعور رضا واطمئنان .
تعود فكرة خصخصة التقاعد اول مرة الى خطط الرواتب السنوي للمعلمين والمعروفة باسم رابطة التأمين والمعاشات السنوية للمعلمين والاساتذة الجامعيين بالكليات في جامعة شيكاغو حيث عرض عليهم خيارات من بينها مجموعة الصناديق الخاصة بالأسهم والسندات.
مزايا تطبيق هذا الانموذج:
في هذا النظام تم التحقق من ان ما يزيد على 93% من القوة العاملة في القطاع الخاص في تشيلي اصبحوا مسجلين في اكثر من 20 صندوقا من صناديق التقاعد الخاصة.
والتي ارتفعت معها معدلات النمو الاقتصادي حيث ارتفع معدل الادخار المحلي من 5% ليصبح اكثر من 26% ومن اجمالي الادخار العام , فيما اشر حجم الاموال المدخرة ما قيمته 120 مليار دولار وبما يمثل 80% من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي .
هذا الانموذج حدا بالرئيس الامريكي الاسبق جورج دبليو بوش عام 1996 للاحتذاء به ,وان قرار تحويل الضمان الاجتماعي الى خطة تقاعد ممولة بالكامل تتم بحسابات ادخار فردية يمكن ان يعزز نظام الادخار القومي ويزيد من قيمة الممتلكات والمعدات.
هنا اود ان اشير الى احد الاقتصاديين الامريكان (رودي دور نبوش) وهو احد اشد الداعمين لهذا الانموذج يقول :" ان واحدة من اهم مزايا هذا البرنامج انه سيدعم تكوين رأس المال الناتج عن رفع الاجر الحقيقي ومن ثم سيكون بمثابة حلول مستدامة وطويل الاجل لإصلاح منظومة التقاعد والضمان الاجتماعي دون الاضرار بباقي الفئات من العاملين "
هذا الانموذج يفترض بأن النمو الاقتصادي يجب ان لا يكون رهين مغامرات اقتصادية حكومية على حساب مدخرات المتقاعدين ممن يعملون في مؤسسات القطاع العام.
فأن كان هناك نوع من العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل يجب ان تتضمن الخطة نقاط مهمة تتلخص بالاتي :
1. ان يكون هناك نظام حسابات مرتبط بوزارة العمل يكون مسؤول عن اشتراك مالي لكل عامل في القطاع الخاص يدخر في صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي خاص بالقطاع الخاص وسواء كان هذا العامل يعمل في القطاع الخاص الرسمي المسجل احصائيا او من غير المسجل احصائيا (غير الرسمي).
2. اعتماد الاعفاء الضريبي عن ضريبة الدخل لكل مشترك في هذه الصناديق .
3. امكانية اشتراك الحكومة بجزء من رأسمال هذه الصناديق بشكل اسهم او سندات لدعم هذه الصناديق في بدايات تأسيها ويمكن استيفاء ها بشكل دفعات حسب درجة نمو وتطور استثمارات هذه الصناديق.
4. يمكن لهذه الصناديق ان تدعم الضمان الصحي للعاملين المشتركين فيها للعلاج سواء داخل او خارج البلاد.
5. يمكن للمستثمرين في هذه الصناديق ان تكون نسبة 51% منها للمساهمين من العمال في القطاع الخاص ويمكن ان تحول جزء او كل من هذه الاستثمارات الى شركات تأمين او مصارف حكومية تدفع معاشات من الارباح للعاملين وبشكل دائمي ومستدام دون تأخير.
6. يمكن للحكومة ان تساهم بجزء من رأسمال هذه الصناديق تخصص لدعم عوائل بعض الفئات الاجتماعية من غير العاملين في القطاعين العام والخاص مثال ذلك( عوائل الشهداء والارامل وغيرهم)من الفئات الاجتماعية .
7. يمكن ان تكون لهذه الصناديق بعض الاستثناءات في الاستثمارات المشتركة مع مؤسسات حكومية.
8. ان المهم في تطبيق هذه النقاط ان تكون خاضعة لجملة من المعطيات كالشفافية والمسائلة واطلاع المشمولين دائما على قيمة اشتراكاتهم وارباح استثماراتهم.
ان هذا الانموذج نجده فيه الكثير من نقاط التشابه بفرض اعتماده للاقتصاد العراقي ويمثل مخرجا علمي وعملي ومنصف لكافة الشرائح الاجتماعية , وكبديل لما تريد اقرار تطبيقه الحكومة العراقية في قانون التأمينات الاجتماعية المقترح كثير الجدل وغير المقر لحد الان , فهو ببساطة قانون اريد ان يكون فهو برأينا ( تشريع حق ولكن يراد به باطل للكثير) فالقوانين والتشريعات لا يجب ان تصدر او تسن لتضر بالناس ولكن وللاسف فأننا كل يوم نجد هناك قانون او تشريع هو أسوأ من الذي كان او المشرع من قبل حيث باتت مشكلة العراقيين ((ان يحلوا مشكلة من طمس في وحل صندوق النهب الدولي)) وورط البلاد والعباد بغامرات اقتصادية وسياسية واجتماعية لاحل ولاوقت معين لحلها .
ــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha