الصفحة الاقتصادية

جشع الكارتيل وعاهة السلطة جعلا النفط خردة


حامد البياتي

 

يراودني شعورا كلما طالعتنا، نشرات الطاقة واخبار اسواقها واسهمها وشركاتها، بان مايجري في عروقي هو الخام والزيت والنفط وليس دما قاني الحمرة، ولم لا، فحكوماتنا البائدة والحاضرة، تبيعه، فنطعم ونشرب بفضله، ونبني ونؤثث منه، وحتى عندما نعشق ونتزوج فصداقنا عاجله واجله منه، فاصبحنا رهينته ووديعته وطوع قضائه وقدره٠وذلك لاننا ارتضينا، او اريد لنا، ان نكون دولا ريعية، متكاسلة ومتراخية ومخدرة، لانريق جهدا في صناعة او زراعة او سياحة ولا نبلوا فنا في تقنيات المعلومات او خدمات الانترنيت والالكترونيات، وكل همنا انحصر في شفطه  وبيعه والعيش باثمانه وقد عجزنا حتى على تحديد سعره الذي تولاه غيرنا، ولقد صرح احمد زكي يماني الوزير السعودي الاسبق حينما قال ( لتدمير اوبك يكفي ان نرفع انتاجنا الى اقصى طاقته ولتدمير الدول المستهلكة يكفي ان نخفض معدلات انتاجنا ) ولقد كذب المافون، فامريكا هي من تحدد حجم الانتاج وقيمته، نزولا او زياده، ونظامه مجرد انبوب يفتح ويغلق بامرها٠

شهد النفط، ومنذ اكتشافه وليومنا هذا والى اخر برميل ينتج، ويقال عراقيا، الكثير من المؤامرات والدسائس والحروب، واقتحمته السياسة واختلطت في براميله، واخذت تقوده الى بوصلتها واجندتها وكواليسها، واذا حاولت الدولة النفطية ان تؤممه وتنعم بدفئه، تتنادى عليها الشركات الجشعة وتحرك جيوشها لاسقاطها وجرها الى بيت الطاعة٠ومن الذين جربوا ذلك الزعيم الايراني القومي محمد مصدق في عام ١٩٥١حينما دعى الشركات البريطانية الى المناصفة معها في نفطه، بدل الفتات الذي كانت ترميه اليه ، فرفضت بريطانيا ذلك، فبادر العميل التقليدي نوري السعيد الى عرض المزيد من خدماته النفطية، فيما اخذت بريطانيا بضرب حصارها الشديد على ايران وحبست عليها نفطها فانهارت الاسعار، وخلعت الحكومة بعد سنتين على يد المخابرات البريطانية والامريكية، وسجن مصدق ثلاث سنوات واستمر تحت الاقامة الجبرية حتى وفاته في ١٩٦٧م٠

ولم يفلت حتى الاتحاد السوفيتي من لعبة الاسعار وكيدها، فبعد ان جرجر الى حلبة حرب النجوم وانفق عصارة خزائنه، اوعزت امريكا الى حلفائها وعلى راسها المنتج الاكبر السعودية باغراق اسواق النفط الى حد التخمة لتتهاوى اسعاره فتزداد محنة الاتحاد السوفيتي ولينهزم بفعل ضربات السوق القاضية٠

وابان حكم طاغية العوجة، كان للوفرة النفطية وفقاعتها دورا واضحا في اشعال حرب الخليج الاولى وغزو الكويت، والتي ادت تداعياتها الى تسليم الاقتصاد العراقي الى المعادلة الاممية الحاقدة النفط مقابل الغذاء والتي راح ضحيتها اكثر من ٧٠٠ الف طفل عراقي، وحينما سئلت وزيره الخارجية في وقتها مادلين اولبرايت عن هذه الكارثة الانسانية، هزت كتفها، وقالت ببرود، ان الامر يستحق ذلك٠

وهكذا تدور المصائب والنوازل على كل بلد منتج للطاقة اذا ماحدثته نفسه لعصيان امريكا وشركاتها كما حصل لشافيز زعيم فنزويلا وللقذافي في ليبيبا ولروسيا وايران في الوقت الراهن٠

انه لمن الخسارة العظمى ان يباع النفط بدراهم معدودة، مع انه من اثمن السلع واثراها، فهو يدخل في انتاج وتصنيع مئات المواد التي لاغنى للحياة عنها، وان الادعاء بالاستغناء عنه بالطاقة النظيفة افتراء فاجر وخديعة وقحة للحط من قيمته، والا فما معنى ان تنفق امريكا المليارات من ميزانياتها لانتاج نفطها الصخري والذي يكلف البرميل الواحد منه ٥٠ الى ٦٠ دولار ومع ذلك تنتج اكثر من ١٣ مليون لاستهلاكها الداخلي وللتصدير، بينما يكلفنا من ٥ الى ٨ دولار في المتوسط٠

حقيق، ولا فض فاه، من وصفه بالذهب الاسود، لكننا بذيليتنا وتواكلنا ضيعنا ذهبيته وبقي سواده الذي يفاجئ هرموننا الادريناليني وجهازنا العصبي وضربات قلبنا بتقلباته ومشاكساته وامزجته اللعوب٠

قال تعالى في كتابه المجيد ( يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها واكثرهم الكافرون )٠

صدق الله العلي العظيم٠

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك