ضياء المحسن
نسمع كثيرا هذه الايام عن خطورة الوضع المالي في العراق، بسبب هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية، واعتماد العراق في تمويل الميزانية العامة للدولة على الواردات النفطية بنبة كبيرة تتجاوز 90%، ومع أن أغلب هذا الكلام صحيح، لكن هناك أشياء يتم المبالغة فيها، مع أنها تصدر من أشخاص متخصصين في مجالهم، لكن ما هو السبب في ذلك الحديث؟
حقيقة هناك أسباب كثيرة تقف وراء ما يدلون به من حديث، لكنه في معظمه سياسي ليس أكثر، ذلك أن جميع العراقيين قريبي عهد بالأحداث التي حصلت في حزيران 2014، ودخول داعش الإرهابي لثلاث مدن واقترابه من بغداد وكربلاء، ومع هبوط أسعار النفط في وقتها لأقل من سعره اليوم، واضطرار الحكومة العراقة لتسخير امكانياتها للمجهود الحربي، لكن مع ذلك استطاع العراق ان يخرج من ذلك الوضع بأقل الخسائر، والوضع اليوم أفضل بكثير من الأمس الذي تحدثنا عنه.
لكن السؤال الأهم هو لماذا لا يطرح السادة المتحدثون عن خطورة الوضع المالي للعراق، عن مقترحاتهم لمعالجة الوضع المالي! هل أن ألسنتهم خرست عن ذلك؟ أم أن هناك شيء أو أشياء لا يريدون البوح بها؟ أم أنهم في حقيقة الأمر لا يعرفون كيف يقيمون الأمور ويضعونها في نصابها الصحيح.
واقعا من خلال متابعتي لما يقوله هؤلاء المختصين أجد أن هناك أسباب سيساسية لهذه المواقف التي يتم إطلاقها في هذه القناة أو تلك.
نعم هناك وضع صعب بعد هبوط سعر النفط في السوق العالمي الى أقل من 25$ للبرميل الواحد، لذلك على الحكومة العراقية أن تلتفت الى ضرورة تنشيط القطاعات الاقتصادية الاخرى، مستفيدة من الوضع الحالي والمتمثل بالحجر الصحي الإجباري ودم وجود تبادل تجاري مع الدول الاخرى، والذي يستنزف أموال طائلة من العملة الصعبة، خاصة القطاع الزراعي، بالإضافة الى القطاع الصناعي الذي تستطيع الدولة دعمه لأنها الفاعل الرئيسي فيه، من خلال امتلاكها لمعامل كثيرة منتشرة في أرجاء العراق (معمل البتروكيمياويات، معمل الزجاج، معمل الفوسفات، معمل الأدوية، معمل الطابوق) هذه المعامل لو عادت للعمل فستكون هناك حركة عمل واسعة في العراق، تدعم الموازنة بأموال كثيرة سوف تسد جزء كبير من العجز المالي الذي يحصل في الموازنة.
الأمر الأخر والمهم (نعتقد بأنه ضروري في هذه المرحلة) يجب أن تفكر الدولة جديا بضرورة عدم الإقتصار على تصدير النفط الخام فقط) بل يجب عليها أن تقوم بإنشاء معامل لتكرير النفط وبيع المشتقات النفطية في السوق العالمية؛ بدلا من بيع النفط الخام فقط، فمع افتراض أن سعر برميل النفط سوف يرتفع لكنه لن يرتفع الى أكثر من 60$، في حين أن المشتقات النفطية عند بيعها سيكون بيع البرميل الواحد نفط ب110$، وبحسبة بسيطة نجد أن الفارق هو 50 $، ومع طرح تكاليف انتاج المشتقات النفطية والتي تبلغ 20$ تقريبا نلاحظ أن الفرق هو 30$، وإذا جمعنا 60$ سعر برميل النفط الى الفارق من المشتقات النفطية 30$ نجد أننا سوف نبيع برميل النفط ب 90$، صحيح أن معامل تكرير النفط تحتاج الى مبالغ طائلة، لكن الصحيح أيضا أنه سيجعل العراق في مصاف الدول المتقدمة كذلك، فأيهما أفضل؟
أخيرا، سبق وأن تحدثنا عن موضوع سد البصرة وكتبنا عنه كثيرا، وكنا قد قدمنا دراسة الى مجلس النواب عام 2009 عن الموضوع، وأرسلنا نسخة منه الى مكتب معتمد المرجعية الشيخ عبد المهدي الكربلائي في وقتها، حول ضرورة السيطرة على المياه التي تذهب الى الخليج هباءا بدون الإستفادة منها، على أن يكون بناء السد على جزيرة أم الرصاص وهي داخل الأراضي الإقليمية العراقية، بمعنى أن لا أحد له السيطرة على السد إلا العراقيون أنفسهم، صحيح أن علاقتنا بالجمهورية الإسلامية الإيرانية جيدة، لكن من يضمن بقاء هذه الحكومة بعد 10 أو 20 سنة، ويتم تعويض سكان المناطق التي سيتم غمر أراضيها بمياه السد بأراضي أخرى ومبالغ يستطيعون فيها إقامة مشاريع زراعية شبيهة بالتي كانت موجودة سابقا، واقعا هذا الأمر مهم جدا للإقتصاد العراقي لأنه يستطيع إحياء 40 مليون دونم صالح للزراعة لكنه بحاجة للمياه فقط، بالإضافة الى ذلك سنحتاج الى نقل المياه الفائضة الى خزان مائي كبير يستوعب الكميات الزائدة، وهذا الخزان لا يحتاج الى تكاليف باهضة، لأنه موجود في محافظة النجف والمتمثل في بحر النجف، يستطيع مهندسوا العراق أن يقوموا بإنشاء قناة ناقلة له وتغذيته بالمياه وإحياء مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، وبذلك نستطيع حماية أمننا الغذائي أولا، ونكون سلة غذاء لدول الخليج ثانيا.
فهل من مستمع لما نقول
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha