تبني السلطة النقدية قرارها في عملية استبدال العملة على منهج الكلف والمنافع، باعتبار تغيير الدينار العراقي وحذف الأصفار يعد خطوة مهمة على طريق الإصلاح النقدي، وإصلاح نظام إدارة العملة النقدية من خلال هيكلتها للسيطرة على تدفق وإدارة كلفة الكتلة النقدية على نحو أمثل وباستخدام نموذج «موسلي» الأكثر شمولًا الذي لا يقف عند حدود الكلف والمنافع بل يشمل متغيرات البيئة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وأضاف الخبير الإقتصادي د. عبد الحسين عبد الجليل الغالبي وفقًا لـ»الصباح» أن “الأفكار يمكن أن تثار في هذا المجال، انطلاقًا من عملية حذف الأصفار واستبدال العملة حيث ستكون مكلفة على الاقتصاد العراقي والمجتمع، ابتداء من كلف الدعاوى القضائية والتعويضات، إلى جانب كلف دعم الاقتصاد أثناء وبعد عملية الاستبدال.
وأكد أنه لا أحد ينكر بأن عملية تغيير الدينار تتطلب تكاليف لإنجازها، ولكن المناقشة لهذه التكاليف تأتي من عدة اتجاهات، أولها أن الابقاء على الدينار يولد للمجتمع تكاليف مستمرة في الميادين المحاسبية والإجرائية للعد والفرز والتخزين وغيرها.
وأوضح أن “هذه الكلف يمكن توفيرها عند تغيير العملة وتقليصها إلى أقل حد ممكن، والإتجاه الثاني الذي يفرز جانب الكلف هو مسألة طبع العملة الورقية وسك العملة المعدنية، وهنا يمكن القول أن العدد الضخم الموجود حاليًا في الاقتصاد العراقي والذي يبلغ 4 مليارات ورقة يحتاج إلى عمليات استبدال للأوراق التالفة والممزقة والمستهلكة منه.
وبيّن أن العمر التداولي للورقة النقدية لا يزيد على عشر سنوات، بل أنها في ظروف الاستخدام المكثف كما هو الحال في العراق الذي تصل نسبة العملة في التداول إلى عرض النقد فيه نحو 90 في المئة فأن عمرها قد يصل إلى خمس سنوات.
وأضاف لذا فان هذه التكاليف هي أصلًا منفقة إلى جانب أن الاستبدال سيخفض عدد الأوراق النقدية المصدرة إلى مانسبته 70 بالمئة من العدد السابق، وعليه فأن التكاليف ستخفض أيضًا بأكثر من هذه النسبة لأن العمر التداولي للورقة الجديدة سيكون أطول من السابقة لسببين أولهما أن المسكوكات ستخفض من عبء الاستخدام عليها، وأن الأوراق النقدية الكبيرة ستكون سرعة استخدامها أقل.
وتابع الغالبي أن السبب الثاني هو أن نوعية الورق أفضل وأكثر تحملًا من الورق الحالي الذي صدر عام 2003 للتطورات المهمة التي حصلت في ميدان طباعة النقود. وأما الأشارة إلى كلف التعويضات والدعاوى فلا علاقة لها بعملية الاستبدال وكذلك كلف دعم الإقتصاد أيضًا لا علاقة لها بذلك، إذ أن الدعم الحكومي للنشاط الإقتصادي يتأثر بعملية تغيير العملة لأن ما يحدد مبالغ الدعم واتجاهاتها هي الحكومة ضمن سياساتها المالية.
وأوضح أن تغيير العملة وحذف الأصفار لا يقلل الورق المصدر، ومع وجاهة هذا الرأي وصحته فان ما يؤخذ عليه هو أن العملة (الدينار) لا تتوقف عند حدود الاستبدال للفئات نفسها، بل سيتم إصدار فئات نقدية أكبر بحيث أن العدد الكلي للأوراق سيصل إلى 1.18 مليار ورقة بدلًا من 4 مليارات ورقة، مما يخفض عدد الأوراق بشكل كبير إلى جانب زيادة مدى الفئات المستخدمة ليس من الأعلى فقط وإنما من الأسفل بإصدار المسكوكات النقدية.
https://telegram.me/buratha