بدأت وزارة النفط مفاوضاتها مع الشركات النفطية العالمية حول تعديل بنود عقود جولات التراخيص، لـ"تقليل كلف الانتاج، بما يتناسب والاسعار المنخفضة للخام في السوق العالمية"، وفي حين نوهت الى أن تلك المفاوضات "لا تعني الغاء التراخيص"، أكدت "قانونية تغيير الضوابط التي تضمنتها العقود"، فيما أبدى خبراء في الشأن النفطي استغرابهم من تعديل العقود المبرمة بصيغة الخدمة، وليس الشراكة المعمول بها في أغلب دول العالم، متوقعين خضوع تلك الشركات الى رغبات بغداد بسبب امتلاك العراق احتياطيا نفطيا كبيرا.
المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد اوضح في تصريح لـ"العالم"، ان الوزارة "بدأت التفاوض مع الشركات النفطية بخصوص اعادة النظر بعقود جولات التراخيص"، مشيرا الى أن ذلك "لا يعني الغاءها بالكامل".
ويقول جهاد ان "التعاقدات رغم انها عقود خدمة، الا ان صيغها تختلف من رقعة الى اخرى".
واضاف ان الشركات الاجنبية المتعاقد معها على جولات التراخيص "تتفهم ازمة العراق الاقتصادية والمالية"، لافتا الى ان "من الشروط التي وضعها العراق عند توقيع تلك العقود، كان امكانية تعديلها في حال حدوث تغييرات طارئة".
ويقول جهاد ان وزارته تحرص على "تقليل كلف الانتاج، مع الوصول الى صيغة تخدم الطرفين".
وبيّن ان "اللجان المكلفة بالتفاوض مع الشركات العالمية تضم ممثلين عن دائرة العقود الى جانب ممثلين عن دوائر أخرى في الوزارة"، لأن "اجراء تلك التعاقدات من صلاحيات وزارة النفط حصرا".
واختتم جهاد بأن تلك العقود تتمتع بـ"الشفافية المطلقة".
وفي تشرين الاول الماضي دعا عضو اللجنة المالية النيابية هيثم الجبوري، الحكومة الى إلغاء جولات التراخيص النفطية فوراً كونها تمثل "سرقة علنية مشرعنة" لثروات الشعب، وفيما بين أنها تكلف موازنة الدولة ٢١ مليار دولار سنوياً، أكد أن كل الزيادة بالإنتاج النفطي ذهبت أموالها للشركات على الأسعار الحالية.
واضاف الجبوري في بيان صحفي ان تلك كلفة تلك الجولات تعدل مبلغ كل ما يباع من الزيادة في انتاج النفط، عما كان عليه قبل تلك الجولات؛ حيث انه يعادل بيع مليون ونصف المليون برميل يومياً بمبلغ ٣٩ دولاراً وهو مبلغ بيع النفط العراقي، موضحاً ان "كل الزيادة بالانتاج النفطي ذهبت أموالها لتلك الشركات على الأسعار الحالية".
بينما يعرب الخبير النفطي حمزة الجواهري عن استغرابه من محاولات الوزارة "اعادة النظر بعقود جولات التراخيص"، التي اعتبرها من "افضل ما يمكن الحصول عليه من تعاقدات نفطية، على اعتبار ان اغلب الشركات تتعاقد بصيغة المشاركة، بينما عقود التراخيص في العراق ابرمت بصيغة عقود الخدمة".
واشار الجواهري في حديث لمراسل "العالم"، الى "امتلاك العراق خصوصية عند الشركات النفطية العالمية باعتباره من بين اكبر الدول امتلاكا للاحتياطي النفطي في العالم"، معتقدا ان "اي تغيير في صيغ تلك العقود ليس من مصلحة العراق".
من جهته، قال عضو لجنة النفط والطاقة النيابية، عزيز العكيلي، إن "المسؤولين السابقين في وزارة النفط، لم يفكروا بالتغييرات التي يمكن أن تطرأ على اسعار النفط العالمية، عندما وقعوا عقود جولات التراخيص"، لافتا إلى أنهم "فكروا فقط بالربح الممكن تحقيقه حينها".
واكد العكيلي، أن "العراق دفع ثمن ذلك التفكير القاصر بعد انخفاض أسعار النفط وأصبحت الخسارة من حصته لوحده، ما حدا بوزارة النفط الى تعديل بعض بنود عقود التراخيص".
وتوقع عضو لجنة النفط والطاقة النيابية، أن "يتجه التعديل إلى المشاركة بالخسارة والربح كما هو معمول به في إقليم كردستان"، مستبعداً أن "ترفض الشركات النفطية المعنية تعديل عقود التراخيص"، عازياً السبب إلى "رصانتها وحرصها على عدم فقدان السوق العراقي، أو عدم الحصول على أي فرصة استثمارية جديدة مستقبلاً".
ونفى وزير النفط عادل عبد المهدي، في وقت سابق، تفاوض وزارته على تحويل عقود التراخيص إلى عقود مشاركة، مؤكداً أن الوزارة تقدر تماماً عقود التراخيص، إذ أنها كانت خطوة مهمة لتطوير الإنتاج النفطي والغازي العراقي.
وكان عبد المهدي أكد في تشرين الأول الماضي ضرورة إعادة النظر بعقود التراخيص النفطية بنحو "يضمن المصلحة الوطنية"، عاداً أن الشركات العالمية المعنية ينبغي أن "تتحمل مسؤوليتها" بشأن انخفاض أسعار النفط بالسوق العالمية.
وأعلنت وزارة النفط في ايلول الماضي عن تعديل عقد تطوير وتشغيل حقل الرميلة النفطي الذي تتولى تطويره وتشغيله شركة (برتش بتروليوم) البريطانية بالاشتراك مع شركة النفط الوطنية الصينية وشركة تسويق النفط العراقية (سومو)، وبموجب التعديل أصبحت مدة المشروع 25 عاما بدل 20 عاما، كما تم تخفيض إنتاج الذروة من مليونين و850 ألف برميل يوميا الى مليونين و100 ألف برميل يوميا (ما يعدل نحو 3% من إجمالي الإنتاج العالمي من النفط)، وبررت الوزارة التعديل بحرصها على عدم التأثير على أسعار النفط العالمية، وضمان تسويق الكميات المنتجة في المستقبل بلا صعوبات.
https://telegram.me/buratha