( بقلم المهندسة بغداد )
لا يصعب لمن يتابع ما اكتب أن يتلمس استغرابي في ما يحدث وألام لما يجري والحيرة في اتخاذ قرار وهذا حال شعب العراق قاطبة فالمرء اليوم لهول الأحداث بات يصمت ثواني قبل أن يجيبك على أي سؤال حتى لو كان السؤال ما اسمك ؟؟ لم يعد لنا سوى أن نتقاسم همومنا وحيرتنا لتجاوز مصاعب الحياة. ولرسول الله ص حديث في هذا المجال حيث قال إن شكوى المؤمن للمؤمن كأنما يشكو الى الله وشكوى المؤمن للكافر كأنما يشكو على الله صدق رسول الله في قوله فما أجمل أن يعين المؤمن أخاه المؤمن في محنته أو على اقل تقدير يعينه معنويا بان يسمعه ويقدم له حلولا واليوم أحب أن أطلعكم على حالة أمر بها ربما تكون شخصية إلا أنها عامة في ذات الوقت فالآلاف تعاني منها في العراق ومن يعيش في ربوع الوطن سيكون أفضل من يساعدني في اتخاذ قراري نعم فلقد عقدت العزم على اتخاذ القرار كما اتخذته في مرة سابقة بعد كتابة مقال وكان للتعليقات اثر علي في اخذ القرار وكان حول مسائلة ترك الإنسان عمله لما يرى ويسمع من فساد كبير جدا وعندما زاد الوضع سوءا بخطر الشارع المحدق بك خاصة في الشهور المنصرمة فلقد مضى حزيران وتموز واب حارا قاسيا ودمويا على شعب العراق وفي تلك الفترة قررت ترك كل شيء للحفاظ على نفسي كما طلب مني نعم لم يكن قراري عن قناعة كاملة بل ليرضى عني من كانوا سببا لوجودي في هذه الدنيا ولقد عاهدوني ان الأمر لا يتجاوز الأشهر قائلين < نطلع من الحر والأزمة والله كريم يابتي>
وها هو الحر قد رحل عنا والإرهاب لا يزال موجودا !!! . وقبيل شهر توجهت لدائرتي لزيارتهم ولأمهد لرجوعي وما ان صعدت باص الموظفين حتى عادت لذهني مأساة العمل والاختلاط بأناس فقدوا كل معنى للذوق والإحساس وحتى الكرامة لقد تركتهم لعدة أشهر وما ان صعدت حتى كانت ذات المواضيع مطروحة وبنفس الجمل ونفس الكلمات في طرق مزدحمة تضطرني للجلوس ساعات قبل الوصول للجنة !!! كنت أتمالك نفسي بصعوبة وطالما فكرت في أن اخبر الأخ أبو طيبة بان جمله المكررة ستتسبب في قتلي من الملل واني أعيش معه في العراق فلماذا يتعب نفسه بان يشرح لنا الوضع ! ولماذا يجبرنا أن نسمعه كلنا بينما هو يعتقد انه يهمس في إذن زميله! استغفرت ربي وفوضت له أمري وأدرت وجهي منتظرة أن نمر فوق دجلة الذي افتقده أكثر من أي شيء أخر في الدنيا فذلك الصديق الصامت الذي يسمعني دائما وأنا أعبره شاكية همومي إليه فيجيبني بتلك الموجات التي تتلالا عليها أشعة الشمس ويصبرني لطالما تبسمت له وشكرته لكرمه وجماله. وصلت الى حيث المبتغى وبدئت بإلقاء التحية على كل من اعرف وبالفعل الإنسان يشتاق الى مكان عمله مهما كان متعبا فهناك وجهه عراقية بسيطة وقلبها طيب تهون علينا ومضت ساعة تلو ساعة أحسست أني اختنق فلقد بدأت استذكر كل شيء كل التجاوزات كل الأمور الخفية التي كنا نطلع عليها ولا نستطيع فعل شيء فمديرك لا تأتمنه ومديرك العام لص كبير تذكرت دوامتي المخيفة وكسر صمتي سؤال زميل عن حالي وإحساسي وأنا اجلس في المنزل ؟ فصدمته وصدمت نفسي بالإجابة فلقد أخبرته بأنني بخير لأنني لم اعد شيطان اخرس ؟؟!!
وجدت نفسي أطالب بشهر إضافي كإجازة متحججة بشهر رمضان بعد أن كنت عازمة على الرجوع للعمل وبعد سلسلة نقاشات مع الأهل لاستحصال موافقة منهم فلا اعلم كيف قررت وبسرعة هذا القرار ؟ والأمر الذي جعلني ارتاب إنهم يطلبون مني بالحاح بان ارجع للعمل على الرغم إن طريقة عملي لم يعجبهم يوما ودائما كانوا يراهنون باني سأتغير بعد أن افهم الحياة جيدا برفع شعار كل الأمور تمشي هيج ؟؟!! واليوم وقد مر على الشهر نصفه ولم أصل لقرار بعد والأمر ليس مجرد قرار بمسألة تعود لشخص المسألة مسألة مأساة وطن وأبناء وطن لم نعد نعرف ما نريد أنا اكتب وأراجع الجمل التي كتبتها وأسال نفسي ماذا تريدين الى أين ترمين ؟؟؟ إلا إنني سأحدد خطوط عريضة أفكر بها ليل نهار ربما كان احدها صحيحا واتمنى من يقرا المقال أن يرى من وجه نظره أيها اقرب للواقع وان يخدمني بنصيحة أخوية واليكم القناعات التي تتردد على فكري الذي أتعبه التفكير بالمستقبل لهذا الوطن ولنا فالأمر ليس بيدي فهناك أناس تفكر بشكل جماعي وأتشرف أن أكون منهم لإيماني إن الحل الجماعي يساعدنا جميعا فلا فائدة من إنقاذ أنفسنا فرديا ونحن في المجتمع
الفكرة الأولى: الخلاص بالسفر ومغادرة البلاد نهائيا هذا الحل يقي الفرد من ان يتعب تفكيره بحلول مجتمع بشكل كامل كل ما عليه ان يزرع نفسه في مجتمع أخر ويبدأ من جديد ويتابع بلده عبر جهاز التلفاز فيختنق بعبرته قليلا لكن صعوبة الحياة بالخارج ستنسيه تدريجا إلا عن الدعاء لبلده الجريح وفي هذا الحل فائدة ثانية انه لا يكون مسئولا بنظري فان تتفرج من بعيد تكون معذور إما من يجلس ويتفرج من داخل يرتب عليه إشكال شرعي وطبعا لكل فكرة من أفكاري سلبيات كبيرة إلا إنني استعرضها كفكرة ليس إلا لأصل لفكرة تكون اقل سلبيات واقل الم . فلا راحة في دنيا كما قال الامام علي ع
الفكرة الثانية : الانسحاب من هذا المجتمع والتقوقع بمجتمع صغير نعيش فيه ونستسلم ان هذا البلد هو بلد ماجد ياسين وسعد خليفة وهم خير نموذج للمجتمع بعد ان نستسلم ان لا جدوى من اصلاح مجتمع اتعب حتى الأئمة فلقد كانوا يخذلون اائمة يرونهم بأعينهم فهل من المنطق إنهم سيقتنعون بأناس لديهم ضمير ومثقفين تحكمهم وهم من لم يرضوا حتى على اائمة الله في أرضه ؟؟؟ وعلى فرض إننا نستطيع فكيف نعيش بالانعزال عن المجتمع وهل نستطيع ان نصبر على ما نشاهد في التلفاز وهل ستتوقف حياتنا وهل ممكن إيقافها ؟ وبعيد عن هذا أو ذاك نظرة الشرع بالنسبة لنا هل سيتهمنا بالتقاعس وهل نستطيع إقناعه بان السفينة قد غرقت وهل سنتقنع أصلا بهذه الفكرة وكتجربة شخصية مررت بها وجربت هذه الفكرة لأشهر أحسست باني اتاكل واموت بصمت رهيب وان لم اكتب هنا لاستصعبت حتى التنفس
الفكرة الثالثة: النزول للمجتمع بعد التوكل على الله والاستمتاع بما فيه من سلبيات يا سلام على مجتمع تلتقط فيه الأشياء الصحيحة كما يلتقط الطير الحب من الأرض كل شيء غلط في غلط وحضرتك بين الأمواج تصطدم بالناس الذين يعاملوك كالمجنون لو قلت كلمة حرام أو لا يجوز فهذه الكلمات قد شطبت من قاموس المجتمع العراقي ناهيك عن المشاكل التي تأتيك من كل حدر وصوب فاما معهم أو عليهم وهنا الكارثة الحقيقة فالقرار لك معهم تتلوث وتغضب ربك او ان تكون عليهم يجندون لك حزب الشيطان وتبدأ الحرب وعن تجربة شخصية لمدة سنوات ثلاث من التعامل مع المجتمع بعد السقوط ايضا اقول كنت اشعر باني ساغدر في أي لحظة وساكون مذنبة والذي يتهمني هو الظالم نفسه .
بعد استعراض الافكار الثلاث كلنا أكيد نؤيد من ناحية المبدأ الفكرة رقم ثلاثة وكنت افخر بها وكانت الوحيدة التي تعشش في زوايا عقلي وأنا أفكر بأننا من سنغير المجتمع نحو الأحسن وانه مجتمعنا ونزاحم المنافقين والحمقى وكل من هب لما وجد الساحة فارغة لكني عرفت وبالتجربة أن هذه الفكرة بحاجة الى دعم دولة فلا تستطيع الإفراد عمل شيء مالم يبدأ التنظيف من فوق فلا يمكن أن تغسل السلالم الأولى لدرج بيتكم من الأسفل الى الأعلى فهذه حماقة وجهد ضائع أمامي 15 يوم لكي أقرر وأنا مدركة تماما إنني لن أصل لقرار تحت هذه المعطيات والثوابت المريرة وستفاجأ بنفسي وأنا أقرر عندما اذهب هناك وربما سأقرر القفز من نافذة خط الموظفين إذا استمر الزميل أبو طيبة شرح حال العراق بنفس جمله المكررة ونسال الله الصبر ولا شيء أهم من ان يلهمنا الصبر انه سميع الدعاء
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha
