المقالات

العراق : إستفاقة التاريخ العاصف

721 11:36:00 2010-03-17

خالد الغرايري - تونس

للعراق على صفحات التاريخ بصمته الخاصة , و له فى صفحة الجغرافيا مميزاته المختلفة. كان دوما بلدا لعواصف التاريخ و مسرحا لإغراء الجغرافيا , تُشد إليه رحال الصالحين موطنا لبناء الإنسان و ساحة للعلم و المعرفة تتدافع فيها الرسالات و الأفكار . و تقصده جيوش الغزاة طمعا و إغواءا .اليوم ها هو العراق يتجدد ...يكذِّبُ نُعاتَهُ ...كعهده دوما ينهض عقب كل كبوة , يدوس كل متجبر ويهزم كل غاز مهما داولته ظلامة الأيام حُكم العراق و إحتلال العراق .اليوم ينتصر العراق " إنسانا " لطالما سالت دماءه و دموعه و غيبته السجون و المنافي و خانه القريب و البعيد و طعنه الصديق و العدو , ينتصر اليوم بكونه مازال مؤمنا بالمستقبل , بحقه في الحياة و الحرية , بحقه في الإختيار . ينتصر اليوم بأنه " إنتخب " من يحكمه . إن ممارسة الفعل هو الإنتصار الأول و الأهم - رغم كل المأخذات - لأهل العراق بكل أطيافهم بما أن عملية الإختيارملغاة من الفعل السياسي العراقي خاصة و العربي عامّة .و لعمرى إنه لمن دواعي فخر العراقيين و إعتزازهم أن تتجاوز نسبة التصويت عتبة الستين بالمائه و هي نسبة عجزت عنها كثير من الديمقراطيات العريقة في ظروف أمنية ممتازة و ليس تحت تهديد الإرهاب الأسود و سياراته المفخخة .أثبت الإنسان العراقي كما في كل مرة أنه جدير برفع التحديات و مغالبة الظلمات و مقارعة صروف الزمن . فالمؤكد أنه ليس هينا على الإنسان أن يقرر التوجه إلى صندوق إقتراع في بلاد عربية في الظروف العادية فما بالك و المرء مهدد بالتفجير في أية خطوة نحو صندوق الإقتراع .إن الزخم الإنتخابي الذي رسمه الإنسان العراقي " البسيط " حقيق بأن يُخجِل أصوات الإنتقاد المتعالية للعملية الإنتخابية و السياسية برمتها في العراق خاصة وهي تصدر عن و من بلدان ليس فيها لا إنتخابات من أي صنف ولا سياسة بأي معنى .نعم.. العراق إحتله الأمريكان و مازالت لهم فيه يد طَولى, و كانت و ماتزال لهم فيه أطماع و نوايا ..و لكن " يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين " . ليس المُحتل إلهً يقول للشيء كن فيكون و لطالما تبددت أحلام الغزاة أمام إرادة الشعوب . و ما يجرى اليوم في العراق من بناء ديموقراطي تصر عليه كل التوجهات الخيرة من أبناء العراق و يضحي في سبيله العراقي " البسيط "بنفسه ,هذا ليس بالتأكيد و لن يكون في مصلحة المُحتل . إن دروس " الخراب " و بلايا الظلم و القهر علمت الإنسان العراقي و رفعت وعيه وقوَّت هِمته و راكمت تجربته الإنسانية , لقد فات أوان الضحك على الذقون و سياسات العصى و الجزرة و إنتصرت دعوة المظلوم في السماء وعلى الأرض أيضا .لقد دفع الشعب العراقي فائضا من التضحيات الجِسام تجعله اليوم وهو يتوجه لصناديق الإقتراع من أحق شعوب الأرض - إن لم يكن أحقها - بحياة كريمة . إذا ما كان هناك من وسام شرف في عالمنا العربي فإن أحق الناس به هو الإنسان العراقي البسيط الذي تركته " الأمة " يواجه مصيره و حيدا من تسلط الدكتاتورية إلى مؤامرات حكام الأمة إلى بشاعة الإحتلال ... و ها هو اليوم يخرج من بين الركام ليُحرج أمته الميتة بأنه أكثر منها حياة , و يدهشها بما أنتجته إرادته رغم الإحتلال , و هو ما عجزت عنه الشعوب " المستقلة " و الدول " المستقلة " التي تعشش الإحتلالات المختلفة في خلاياها و يسكن التسلط في جيناتها الوراثية .كان للعراق مع التاريخ مواعيد لم يخلفها و له في الات موعد مع نهاية التاريخ الممهورة بدولة الحق و العدل لتقطع مع تاريخ الظلم و الجور, تُعَجِّلها بلا ريب خطوات الرجال و النساء المؤمنين على النهج المحمدي الطاهر .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد الربيعي
2010-03-19
شكرا للاخ الكاتب خالد الغرايري على هذه الكلمات الرائعه بحق العراق والعراقيين.وتحيه حب الى الشعب التونسي
زيــــــد مغير
2010-03-18
الأستاذ خالد .مقال جمل ورائع وفقك الله ..يمتاز شعب العراق ميزة فريدة بين شعوب العالم وهي تمسكه حد الموت من أجل المبدأ ومحاربته لأي تيار زائف .ولهذا نقل الأمام علي عليه الصلاة والسلام الخلافة الى الكوفة لأنه يعرف إن راية محمد صلى الله عليه وآله لا تبقى مرفوعة إلا برجال العراق والدليل شهادة الحسين من أجل الدين في العراق و أصحاب الحسين العراقيين ما يزالون أحياء وأغلب أصحاب الحسين الذين يحيون أمر الأسلام في المناسبات الأسلامية .أين التيارات الزائفة ماتت كلها واليوم تيار البعث الأسود انتهى انشاء الله
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك