منى البغدادي
قد يصعب على الحكام قراءة التأريخ برؤية منفتحة ومتبصرة وقد يصعب عليهم استيعاب دروس التأريخ وعبره بسبب ضغوطات السلطة واغراءات الموقع وتضليل المستشارين او المعلومات الاستخبارية الخاطئة. قد تنطبق هذه الفكرة على الحكام الذين لم ينتموا للحركة الاسلامية ولم يمتلكوا تجربة معارضة قاسية تكرس لديهم القناعات الاكيدة بضرورة فهم التأريخ بمساراته الصحيحة. واما ان يكون حاكماً بمستوى المالكي من رجالات الحركة الاسلامية ممن عانى كبقية اخوانه من قسوة وقمع النظام السابق فهذا الامر يحتاج الى وقفة وتريث وتأمل!
اذ كيف نتصور ان يكون شخصية بوزن السيد المالكي بعيداً عن تجارب التأريخ المعاصر فضلاً عن القديم وهو يرى بعينه كيف تساقط الطغاة والجائرين وكيف تحولتهم حصونهم وقلاعهم الى اثار واطلال يعبث بها الاطفال والصبيان وهل يعقل ان يحرق المالكي ذاكرته ويتجه باتجاه السقوط الحتمي ولم يتذكر قليلاً اخطاء الحكام القاتلة؟ وزع البيوت والاراضي على ضفاف دجلة ومازالت قصور عدي وقصي وعبد حمود وحلا ورغد شاخصة امام عينيه ونسى وتغافل بيوت التنك والطين وراء السدة وساكنيها ممن يعول عليهم المالكي في الانتخابات القادمة. توزيع البيوت في الكاظمية واليرموك لعناصر حزبه يذكرنا بسلوك الحقبة الماضية دون ان يظهر له رشيد مذكراً له من هذا الانحدار الخطير وهل اصبح انتماء المالكي للحركة الاسلامية مجرد اوهام واخطاء ام انتماء حقيقي لا ندري؟
التعويل على السراب والاوهام وبروز عقد الانتقام لدى عناصره من حلفاء الامس ورفاق الدرب وهل يدرك خطورة الهجمة الحاقدة التي تخطط لها دولة كبيرة من دول الجوار لاجهاض المعادلة الجديدة في العراق وارباك المشروع الديمقراطي الجديد في العراق. هل يعلم المالكي كم تنفق المملكة العربية السعودية من اموال النفط والديار المقدسة من اجل اجهاض المشروع السياسي في العراق؟ هل يعلم المالكي حجم الخدمة المجانية التي دفعها للسعوديين وغيرهم بانفراده عن الائتلاف الوطني العراقي لاوهام السلطة وسراب حصد الاصوات؟
هل يعلم جيداً ان فعلته بالانفراد عن الائتلاف الوطني العراقي يعطي فرصة ذهبية لاعداء العراق بتشظية الواقع الجديد الذي شذ عن السرب العربي؟ هل يدرك المالكي جيداً خطورة المنزلق الذي يسير عليه ومدى الثمن الذي سيدفعه والخسارة الفادحة التي تنتظرنا جميعاً في حال التساهل مع المؤامرات التي تستهدف المعادلة الجديدة في العراق؟ وهل خطورة البعثيين التي حذر منها المالكي تكمن في صعودهم للبرلمان ام دخولهم في مؤسسات الدولة الامنية والحكومية؟ وهل يدرك المالكي ان البعثيين اخذوا يتلونون امامه لكي ينالوا ثقته عبر تسقيط الاخرين من القوى الاسلامية والوطنية واعتبرهم اوفياء له في معركته الانتخابية القادمة؟ هل العراق والمعادلة الجديدة حكر على حزب الدعوة حتى يفرطوا بها بهذه الطريقة من الحزبية المقيتة؟ وهل المالكي وحزب الدعوة وحدهما جديرون بادارة دفة الامور في البلاد وغيرهم لا يحق له ادارة البلاد والعباد؟
https://telegram.me/buratha