( بقلم : حسن الهاشمي )
يحث البيان الذي صدر عن مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) بالنجف الأشرف جميع المواطنين رجالا ونساء على المشاركة في الانتخابات المقبلة وعدم العزوف عنها، على الرغم عن عدم الرضا عن التجارب الانتخابية السابقة. وتأتي دعوة المرجعية العليا للجماهير بالمشاركة الفاعلة في الانتخابات لتقرير مصيرها بنفسها ودفعها لمجالس المحافظات أناس وطنيون مخلصون يسدون الخدمات للأمة ويحافظون على ثوابتهم الدينية والوطنية ولا يخضعون لأية أجندة داخلية أو خارجية، ولا يخضعون إلى املاءات الأحزاب التابعين لها وإنما يخضعون فقط وفقط لمصلحة المواطن والوطن، ويقدمون المصلحة العامة على مصالحهم الشخصية والحزبية إن كانوا ينتمون إلى تكتلات أو كيانات سياسية.
في حقيقة الأمر أن التجارب الماضية لمجالس المحافظات غالبا ما أخفقت في ترجمة شعاراتها على أرض الواقع ما حدى بالمواطن أن يصاب بالانتكاسة وعدم جدوائية الانتخابات، ومما زاد الطين بلة فإن الكثير من مجالس المحافظات قد أصيبت بحمى المحاصصة الحزبية ودب الخلاف بين أعضاءهم وكانت جلسات المهاترات والمشاجرات والنزاعات التي تحدث بينهم أكثر بكثير من جلسات الإعمار وتقديم الخدمات!! ناهيك عن ضعف الهيئات الرقابية للحد من الفساد المالي والإداري المستشري أصلا في الدوائر.
واعتمادا على المقولة (من أمن العقاب أساء الأدب) فالمسؤولية إذا ما أنيطت بشخص خالي الوفاض من التقوى والنزاهة ولا من رادع قانوني يحاسبه على انتهاكاته فإنه بطبيعة الحال يتطاول على بيت المال، فإن ضعف الدور الرقابي أدى إلى تمادي السراق بسرقاتهم والغشاشين بغشهم والفاسدين بفسادهم دونما رادع قانوني ولا وازع ضمير أو دين أو حتى أخلاق، ونستثني بعض المحافظات وهي قليلة لا نسميها وإنما هي معروفة بمشاريعها ونزاهتها على أرض الواقع.
ومن هذا المنطلق كان لسماحة المرجع الأعلى رأيه الصائب في عدم الرضا عن التجارب الانتخابية السابقة، وهو يعبر عن الهواجس الكامنة في قلوب الملايين التي أبدت امتعاضها عن أداء مجالس المحافظات في الدورات السابقة، لاسيما أن معظمها محسوب على الحركات الإسلامية، ربما يصاب المواطن البسيط بالنكوص إزاء تلك الحركات بيد أن المؤمن الواعي يفرق بين المبادئ الإسلامية السامية وأداء المحسوبين عليها.
في الواقع نحن عندنا فقط (قول وفعل وتقرير) المعصوم حجة وهي جزء من التشريع، وما سواه فإن أعمال كل واحد منا هي التي تصنفه في خانة الإسلام وعدمها، لهذا جاءت توصيات المرجعية العليا لتضع النقاط على الحروف بأن يختار الناخب بعد الفحص والتدقيق من يكون مؤهلا لعضوية مجلس المحافظة، ممن يلتزم بثوابت الشعب العراقي ويسعى في تحقيق مصالحه ويتصف بالكفاءة والنزاهة والإخلاص لخدمة هذا الشعب الكريم، وهذه الصفات هي التي تخلد المواقف والأشخاص ودونها خرط للقتاد مهما تستر أصحابه بالدين والشعارات البراقة الزائفة.
https://telegram.me/buratha