المقالات

حذار من صناعة الطاغية


( بقلم : علاء الموسوي )

مازلنا الى يومنا هذا نعزو جميع مصائبنا ـ كعراقيين ـ وطيلة الحقبة الزمنية التي حكم بها نظام البعث، الى الطاغية صدام ، ولم.. ولن نعترف يوما باخطائنا الكارثية التي نصّبت صدام على رقابنا، حتى وصل حالنا الى تبجيله حد الالوهية. الفرد صنيعة المجتمع (كما يذهب اليه د. علي الوردي)، فهو ينشأ ويترعرع حسب المفاهيم والمساحات التي تتيح لشخصيته التفاعل مع معطيات المجتمع في الاندفاع نحو الخير او الشر. وكما يقول (جارلس كولي) في تعريفه للنفس: نفسك صدى ما يعتقد الغير فيك.. وما يتاح لك من ادوار في الحياة الاجتماعية.

لم يتجرأ منا احد في حمل لواء معارضة الطاغية صدام واسلوبه الهمجي الدكتاتوري.. حتى الذين دخلوا هذا المعترك المحفوف بالمخاطر والموت العسير اتهموا من قبلنا بالعمالة والخيانة للدين والوطن. كل شرائح المجتمع العراقي اشتركت في صناعة طاغية دموي مستبد اسمه (صدام). ولعل الاكثر الغالب في تحمل تلك المسؤولية هم الاعلاميون والمثقفون والنخب، فسجلهم حافل بالمدح والثناء والتبجيل الى حد قاب قوسين او ادنى من مقام التنصيب الالهي على البشر.

وعلى الرغم من انقلاب المعادلة الطائفية المستبدة، وطي صفحة الحزب الواحد ودكتاتورية الرأي وعصا الدم الغليض، بصفحة مشرقة فيها الكثير من الامل المنشود لعراق الجميع وحرية الرأي والمعتقد والاتجاه... مازلنا تواقين لعراق الصنم والمسمى، واختزال هوية شعب بزعيم نعقد عليه ارادتنا ومطامحنا وامالنا يقلبها كيف يشاء... عراق المالكي وعراق الجعفري والبولاني والهاشمي... تسميات للاسف نروجها بين اوساطنا الاعلامية وخطابنا السياسي المحفوف بنوع (لابأس فيه) من الحرية والتحرك بخطى قانونية رصينة. لايحتاج المالكي او الجعفري اوالبولاني .. او اي شخصية سياسية وطنية اخرى، ان نقرن العراق باسمه، فلربما يتحول هو الاخر من وطنيته الى حب التسلط والدكترة بسبب ما نرفد اليه من ايحاءات ومسميات ما انزل الله بها من سلطان. ولعل عقدة السيد الجعفري واندفاعه اللامحدود نحو كرسي الحكم، هي بسبب ايحاءات البعض من المثقفين والاعلاميين لهذا الرجل الذي لم يفارق اطنابهم الى يومنا هذا في مجالس وليالي السمر الفاخرة في المنطقة الخضراء.

التحولات الكبيرة وفرضيات الواقع العراقي الجديد على السياسة الخارجية الامريكية في عام 2008 وعامنا الحالي، لم يخلقها المالكي المرشح اساسا من قيادة الائتلاف العراقي الموحد. بل هي حصيلة التوافقات الوطنية لمسار العملية السياسية وتحقيق مقومات المشاركة والتعددية في الحكم والمشورة. ولعل خلاف المجلس الاعلى اليوم مع حزب الدعوة جناح المالكي، هي بسبب الخوف من استدراج المالكي من قبل (البعض) نحو التمسك بكرسي المنصب على حساب المكتسب الوطني، واختلاق الازمات والعقد السياسية مع شركاء التغيير، على حساب وحدة الكلمة وتعزيز التعددية السياسية في البلاد ، كما حصل الحال مع حكومة الجعفري السابقة. لا احد ينكر المنجز السياسي والامني الذي استطاع ان يشق طريقه شخص دولة رئيس الوزراء الاستاذ المالكي، ولكن ليس من الصحيح ان نشخصن الانجازات في عراق الجميع وحكومة الوحدة الوطنية. فمعيارنا اليوم لمسؤولينا هي قدرته على لمّ الشمل وتوحيد الرأي ونبذ الفرقة، وبخلافه لن نسمح بعودة طاغية جديد وبلبوس ديمقراطي مزيف. سمعنا عن تعيين الكثير من زملائنا في الوسط الاعلامي والثقافي، وبالقرب من رئاسة الوزراء في عهدي الجعفري والمالكي، ولم يمنع فرحنا بهم معرفتنا بسعيهم الدؤوب في الوصول الى ذلك المبتغى عن طريق المقال او التقرير او التحقيق.. بقدر ما كنا نأمل ان تسود العلاقة بين النخب والمثقفين مع اصحاب السلطة والحكم، بعيدا عن التوظيف والتبجيل الذي يؤدي الى الانتحار الاعلامي والسياسي بعين الجماهير، وان تأخذ مساحة القرب في التفاعل نحو النصح والارشاد وتقديم المعلومة الصادقة والمعبرة عن حاجة الشعب وتطلعاته.

وللاسف ـ وكما هي العادة ـ طغت ازدواجيتنا على ذلك المشهد الاعلامي والسياسي بالتعظيم والوقار للرموز والشخصيات في باحات القصور، وكشف العورات وفضح العيوب في منازلنا واكواخنا الفارهة. ولم نكترث بما يخبيه لنا الدهر من مغالطات اليوم ومتناقضاته لدى سياسيينا حين يتقمصون كرسي الحكم، ويتزلفون عن وعودهم وطروحاتهم السابقة، وما ستجنيه ايداينا من فرطنا واسرافنا في المدح والثناء والتطبيل لكبائر الامور وصغائرها.

يا راقد الليل مسرورا بأوله ان الحوادث قد يطرقن اسحارا

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو علي
2009-01-23
هناك نوع من انوع العصارات اللاصقة تسمى بالاميري ..وهي مادة سريعة الجفاف وتؤدي عملية اللصق بشكل جيد ..كلنا شاهد كيف ان عدة عصاصير قد استخدمت على الكرسي عند تولي 1. الدكتور البعثي اياد علاوي ..ولم يتنحى عن الكرسي الا " بالف يا علي" 2. الدكتور ابراهيم الجعفري تصدى للحكم على اساس التكليف الشرعي والانتخابات..ولم يتنحى عن الكرسي الا "بالفين ياعلي" لاشك انه في كل مرحلة تغييرية تتحرك ماكنة اعلامية في وسط المجتمع مستغلة طيبة الناس ..في التسقيط والتشويه وبث الشائعات من اجل تثبيت اللاصق بشكل جي
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك