بقلم: احمد عبد الرحمن
ليس في كربلاء التي شهدت وقائع الثورة الحسينية قبل اربعة عشر قرنا فحسب، وليس في العراق، الذي يعد صاحب الثقل والامتداد الاكبر لمذهب اهل البيت عليهم السلام فحسب، بل في كل بقاع العالم الاسلامي، وخارجه، في اوربا واميركا واستراليا وافرقيا واسيا. في كل بقاع العالم وزواياه شهدنا احياء ذكرى الثورة الحسينية الخالدة، ملحمة عاشوراء الامام الحسين عليه السلام بطريقة ابهرت القلوب والعقول.
لم يتلقى الملايين من المسلمين من اتباع اهل البيت عليهم السلام، ومن المذاهب الاسلامية المختلفة، وغير المسلمين من المسيحيين والصابئة والايزيديين، قرارات عليا من سلطات حاكمة بأحياء عاشوراء الامام الحسين، ولم تصلهم مغريات ومحفزات مادية تدفعهم الى احياء تلك الملحمة الانسانية الخالدة، بعبارة اخرى لم يكن هناك ترغيب ولاترهيب مادي يجعل تلك الملايين تعبر عن حبها وولائها لسيد الشهداء وابي الاحرار، وتظهر اقصى درجات الحزن والفجيعة عليه. انه العشق الالهي الحسيني، انه الايمان بعدالة وصدق وصحة مباديء وقيم الثورة الحسينية الخالدة، التي نراها ويراها العالم قاطبة تترسخ وتتجذر في النفوس كلما تقادم عليها الزمن.
اي ثورة تلك التي يحييها هذا العدد الهائل من الناس، وبهذه الطريقة الوجدانية العظيمة؟.. واي ثورة تلك التي بقي رمزها وقائدها حيا في النفوس، ومنارا للاحرار والثوار، واملا وملاذا للمظلومين والمحرومين والمضطهدين، وصرخة تقض مضاجع الطغاة والعتاة والمتجبرين وتزلزل عروشهم في كل زمان ومكان؟. حينما يقال كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء، فأن لمثل هذا القول مصاديق وحقائق ومعطيات نراها ماثلة امامنا اليوم مثلما كانت ماثلة بالامس، وستبقى ماثلة ابد الدهر.انها عالمية الثورة الحسينية ليس الا. فحينما نشهد اصوات الملايين تهتف للامام الحسين عليه السلام في كل انحاء المعمورة، فهذا يعني ان تلك الثورة تجاوزت الحدود، واقتحمت النفوس والقلوب، وسرت في الشرايين مع الدماء.
وحينما نشهد مسيحيين وصابئة في العراق وغير العراق يحيون ذكرى واقعة الطف الاليمة، فهذا يعني ان الامام الحسين عليه السلام لم يضحي بنفسه واهله واصحابه من اجل فئة معينة، بل ضحى بأغلى ما يملك من اجل الانسانية جمعاء وليؤسس لمدرسة خالدة يتعلم فيها الاحرار والثوار ودعاة الحق والعدالة والحرية كيف يواجهوا الظلم والاستبداد ويتغلبوا عليه.وحينما تختفي وتضمحل الحسابات والاعتبارات المادية الدنيوية عند ملايين الناس الذي يخرجون في كل عام لاستذكار الثورة الحسينية بكل ابعادها، فهذا يعني صحة المنهج، وسلام المبدأ، وصدق التوجه والنيات. واكثر من ذلك كله يكفي دليلا على عالمية الثورة الحسينية، هو ان كل العالم بات يعرف الامام الحسين عليه السلام، ويزداد يوما بعد اخر، وعاما بعد اخر معرفة به.
https://telegram.me/buratha