( بقلم : عبد الجبار كريم )
بعد تاْكيد مصادر من المحكمة الجنائية العليا عن البدء بمحاكمة ستة عشر من مجرمي النظام البائد في قضية الكرد الفيلية ابتداء من السادس والعشر ين من الشهر الجاري ، نرى اهمية هذه المحاكمة تكمن في عدة جوانب رئيسية تفوق مساْلة الاقتصاص من المجرمين على افعالهم الشنيعة ، او اعادة بعض الحقوق التي سلبت ظلما وعدوانا من الفيليين ، خاصة وان المحكمة لاتناقش على مايبدو سوى الحق العام في هذه الجريمة التي لم تعط القدر الكافي من الاهتمام رغم بشاعتها وغرابتها ايضا ، وبالاخص فيما يتعلق بابادة نحو عشرة الاف من الشباب الفيليين لالشئ سوى لانهم شيعة ولانهم كرد ، ولخوف النظام البائد من تحول هؤلاء الشباب الى قوة تمرد ضده فيما لو اطلق سراحهم .
اهمية المحاكمة تكمن بالدرجة الاساس في توثيق بعض تفاصيل الجريمة الشنيعة التي ارتكبها النظام الصدامي في التهجير القسري لمئات الالاف من الفيليين ورميهم على الحدود مع ايران في وضع مزري ، بعد مصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة ، مع احتجاز شبابهم ممن هم في الثامن عشر من العمر او مايزيد عن ذلك ، ومن ثم تغييبهم في مقابره الجماعية التي لم تكشف الكثير منها حتى الان .
اجراء المحاكمة بحد ذاته يشكل اهمية في تاْكيد عراقية هذه الشريحة التي جمعت كل الوان المظلوميات في العراق سواء كونهم كردا او لكونهم من الشيعة او لاتهامهم بالانحدار من اصول فارسية ، وبالتالي تدمير والحاق اكبر الاضرار المعنوية والمادية بهذه الشريحة التي لها ثقلها في الساحة العراقية رغم تنكر الاصدقاء لحقوقها حتى بعد ازالة النظام المجرم ، ورغم ماقدمه الفيليون من خدمات مخلصة لكل القوى الوطنية العراقية ، سواء كانت اسلامية او قومية او عراقية وطنية ، فالكردي الفيلي كان اصدق تعبير عن الحقيقة ، والمدافع عنها بوجوده وبكل مايملك ولكن لم يستفد حتى الان من التضحيات الكبير ة التي قدمها الانسان الفيلي ، او على الاقل رفع بعض الحيف الذي لحق به من جراء الافعال الاجرامية للنظام البائد ، وحتى الاصدقاء لم يقوموا بالواجب الذي عليهم ، وبات الفيلية وخاصة المهجرين منهم قسرا الى خارج الحدود ك ( البدون ) بالنسبة للكويت .
اعتقد ان المحاكمة ستكون فرصة لاستذكار الحقوق المنسية لهذه الشريحة من ابناء الشعب العراقي ، التي ان لم تؤمن بشكل صحيح فمن المؤكد انها ستنفجر في أي وقت وربما بشكل سئ لايريده العراق الجديد الذي يتامل ان يعيد لكل ذي حق حقه ، وعدم تجاهل حقوق مختلف الطوائف والاثنيات العراقية ، خاصة وان الكورد الفيلية الذين باتوا اليوم اكثرادراكا لحقوقهم من الممكن ان فسح لهم المجال ليكونوا حلقة وصل جيدة بين مكونات الشعب العراقي ، واستملاك خطاب سياسي يخدم العراق ككل بانتماءاته المختلفة ,
واخيرا وليس اخرا على الاخوة الكرد الفيليين ان يتداركوا اوضاعهم جيدا ، ويلتفتوا الى انفسهم ، وان لايتصوروا ان مظلوميتهم وحدها تكفي لاسترجاع حقوقهم حتى في زمن الديمقراطية مالم يكرسوا وجودهم الحقيقي في الساحة السياسية ومنظمات المجتمع المدني ، ويفرضوا الاعتراف بحقوقهم ضمن نصوص دستورية وفي هياكل الدولة ، وعدم الاكتفاء ببعض الاجراءات التي ترمي الى تسكين الجروح وليس معالجتها من الاساس .
https://telegram.me/buratha