( بقلم : د.سامـر نديـم )
الأنــترنيـت جــدار حــر مفــتوح أمــام أفكــار الكتــّاب جميعــا ، صغـيرهـم وكبيرهـم ، الجاهــل منهــم واللبيــب ، فاقــد البصـيرة اللحـوح والباحـث عنهــا العـارف بنفســه ، وهكــذا حتى نصـل الى الغبــي المدعـي بالذكـاء والثقافــة ، المُصـرّ على إن جميـع النــاس دونــه معرفــة وهـو إفلاطـون زمانــه ، فتتملكـه حالـة من التحليـق الذهنـي تسمـو بـه الى فضـاءات من جـنون العظمـة والخيــال الفكـري المضطـرب ، وحين يصـل المـرء الى حالــة اللا إتـزان هــذه يبــدأ بــترك النــاس فــرادى ليتهجــم عليهــم طوائفــا وجماعـات ! ثــم يقفـز ليحـقق ذاتــه المريضـة من خـلال التنقيــص من شــأن من يختـاره من الرمـوز والعظمـاء ، فيعــاود الطعـن بهــم والتقليــل من شأنهــم كدأبــه في القــذف والسـب على كـل ما يجتمـع النــاس عليــه ، وتزخــر حياتنــا بهكــذا أمثــال ، بينمـا يعطينــا التأريـخ العربـي والعالمـي أمثــالا متعــددة لهــذا النـوع من المرضى نفسيـــا ً، فمنهـم من مـات دون تأثـير يـُذكــر ومنهــم من تــرك بصمــة مؤذيــة على المجتمـع ، ومن بين هـؤلاء نذكـر إبن تيميــة الذي مات دون زواج تـاركا كمـا هائــلا من الأفكـار المضطربــة تشبــث بهــا مؤسـس الحركـة الوهابيــة محمــد بن عبـدالوهـاب ليكـون مرجعـا روحيــا لكـل إرهابـي مريــض ! فــآذى ومن تبعــه بسـوء روح الإسـلام وسمعتــه ، وعكــس نفسيتــه العليلــة على الدين القويــم بفتــاوى موتـورة حولتـه أمـام العالــم الى ديـن يدعـو الى القتــل والدمـار وتكفــير النــاس .
إن الأمـم تسمـو بالأفكـار البنــاءة وبسِــيـّر رمـوزهـا ، وتعلــو كلمــا كان تأريخهــا مليئـــا بالأمثلــة الإنسانيــة المشرقـــة ، كالأنبيــاء والأوليــاء والصالحـين والعلمــاء وأصحـاب المثـل النــادر فـي التضحيـة ، وقــد أراد الله سبحانــه أن يهــدي الأمـم ببعــث الأنبيــاء ، وجعـل من الأوصيـاء نموذجــا عمليـا لتجسيـد سمــو رسالاتـه ، يحملـون أفكارهـا ويطبقـون تعاليمهــا ويكشفـون زيــف من يدعــي عليهــا باطــلا ، فكـان لموسـى هـارون ، ولعيسـى الحواريـين ، فماذا كـان نصيـب محمــد ؟ هـل يمكن لقـارئ مطلـع عاقــل أن يعفــي آل البيــت من هــذه المهمــة الإلهيــة ؟ هـل يمكن لــرب محمــد ٍأن يستثنــي من ربــاه محمــد ٌ ليـُكلـــف بهــا من كـان غاطسـا حتى أذنيــه في عبــادة الأصنــام وقتــل المــوؤدة وإتيــان الفواحـش ؟ أو لمـن كـان عقلــه مشبعـــا بأخـلاق الجاهليــة ؟؟ قــد يدعــي البعــض إن الإسـلام يجـِـب ّ ُما قبلــه !؟ وهــذا صحيـح فـي ما فــات من أفعــال سيئــة وليــس فيما كــان فـي العقــول من ترسبــات الجاهليــة ومـا فــي ســيرة حيــاة أصحابهــا .
لــم أعــرف الحسـين من والــدي ّ ! ولــم أعشـق الحسـين بتأثــير من بيئتــي ومحيطـي ! بـل عرفــت الحسـين قارئـــا لسـيرتــه ، وعشقــت الحسـين من عظمــة تضحيتــه ، التي عجــزعن تقديمهـا أقـرب صحابـة الرسـول ، ويعجـز بالإقــدام عليهــا كـل من يدعـيٍ إسلامـه حتى يــوم الـدين ، وأهتديــت بالحسـين من أقــوال جـــده رسـول الله ، فما من عاشــق لغــيره من الصحابــة إلا وكــان الحسـين سيـــدا ً لعاشقــه ، فهــو وأخيــه الحسـن سيــدا شبــاب أهــل الجنــة ، فهــل من بعــد هــذا القــول من جــدل فـي الحسـين ؟؟وفـي العــودة الى ماكتبــه المدعـو عبــدالله الفقــير في موقــع كتابــات وتحـت الرابــط http://kitabat.com/i49062.htm
أقــول للفقــير : والله ما أردت فـي كتاباتــك إصلاحــا للأمــة ! بــل هـي روح الطائفيــة التي أعمــت بصـيرتـك وأوقفــت عقــلك وحركــت فيــك ما قلنــاه سابقــا من أمـراض نفسيــة تأكــلك كلمــا رأيــت ذكــرا وتعظيمــا ليــس لآل البيــت الأطهــاروحسـب !! بــل لكـل رمــز يـُشكـل عليــك همــا نفسيــا ثقيــلا ، نعــم ..ما أردت إصلاحــا بــل إثــارة لحقــد أعتمــر صــدور المبغضـين منــذ معركــة بــدر الكــبرى ليجــد فيهــم كل مريـض حاقــد تنفيســـا عمـا يختلــج قلبــه فألتحـق بهــم ، ولا أحتــاج للبرهنــة على طائفيتـك وما تعانـي منــه إلا ممـا خـرج منــك فـي سطـور ما كتبــت ! دينهــم ....قرآنهــم ...طقوسهــم ....لتقولهــا بصراحــة إن الشيعــة وما تنتمـي أنــت إليــه خطــان لا يلتقيــان ! وأقولهــا أنــا بصراحـة ....نعــم ديننــا ...ونعــم قرآننــا ...ونعــم طقوسنــا ! فليــس الـدين أن أنكــر على الحسـين تضحيتــه ؟ وليــس الـدين أن أبغـض عليــا ً الذي قــال فيــه محمــد ٌ " علي ٌ مَـعَ الحـَق ِ والحـَق ُمـَع َعلـي ٍ" ؟! وليـس الـدين أن أتــرك آل البيــت لأتمسـك بمـن قــال : (تلاقفوهــا يا بني أميــة تلاقف الكــرة ، فـوالـذي يحلف به أبو سفيان ما من جنة ولا من نـــار، إنمــا هي الدنيــا نتكالــب عليهـــا......) .
إن عبــدالله الفقــير لا يمثــل سنــة العـراق إطلاقـــا ً ، فأهــل السنــة من الموالـين لآل البيــت ، تربينــا معهــم ونشأنـــا بينهــم ، وعرفناهــم مُحـبين عاشقـين ، ولـي فـي عائلتـي نموذجــا يثبــت ذلك ، فمازلـت أرى أولادي يتربـون فـي حجـر جدتهــم السنيــة المذهـب وينهلــون منهــا عن أهـل البيـت ما أشغلنــي عنهــم ! ولكـن الفقــير يحمـل فكــرا دخيـلا على أهـل العـراق ! فكــرا يفــرق ما بين المسلــم وأخيــه ، والـزوج وزوجــه ، ويحـل دمهــم ومالهــم ، يهــدم ما بنــاه الأولـون ويدمــر ما يحملــه الأبنــاء ، ويكفيهــم عــارا أن يكـون كـل إرهابـي مجـرم تابعــيّ لهــم وواحــد منهــم ، منبوذين من جميـع الأديـان والشعـوب ، وعليــه أقـول لهــم : إن لكــم طريقــا إخترتمــوه ولنــا منهجــا تمسكنــا بــه ، منهــج ٌ لــم يأتينـــا من خـارج البيــت النبــوي ، بـل أتانــا من فــم النبـي نفســه ومن سنتــه مباشــرة ً . فمن هــو الحسـين ؟ ومن هـو يزيــد بن معاويــة ؟
أما الحسـين فلا داعــي لنقــول إبـن من هــو ، ووالــد من كــان ، ما سيرتــه وكيـف قضى حياتــه ، فـالشمـس وضــّاءة ولــو كــره الكارهـون ! ولكن لنقــارن فقــط بين العائلــة التي تربــى تحـت كنفهــا الحسـين وعائلــة قاتلــه يزيــد ! ومنهــا يستقــي العاقــل العـِـبر َ، فيـُمـيز الخـيرعن الشـر ! الباطـل عن الحـق ، إذ يمكن لكـل إنسـان أن يجــادل في أمـر الـدين ! فيستطيــل عنــد البعـض القصـير ويقصــر عنــد خصومهــم الطويــل ! إلا فـي التـأريـخ فـلا يمكن الجـدال فيــه ، لإنــه لا يُمــارئ ولا يجامـل ! بـل يعطـي الوقائـع كما هـي ويـترك شــأن تحليلهــا للحكــيم الفطـن .
معاويــة إبن أبـي سفيــان والــد يزيــد ، أمــه (هنــد) التي لاكــت بأسنانهــا كبــد أســد الله ( حمــزة ) ! وخالتــه (أم جميــل) حمالــة الحطـب وأخــت هنــد ، ورد ذكرهــا ذمــا ً في القـرآن الكريــم هي وزوجهــا (أبـولهــب) ، خالــه (شيبــة) وجــده لأمــه (عتبــة) ، قتيــلا معركــة بــدر الكـبرى من كفــّار قريــش والمُجهـزين لحملتهــا ، قـال الرسـول الكريــم فـي يزيــد ومـروان ( إنهمــا صبيــة النــار) ، لــم يسلــم أبو سفيــان بين يــدي الرســول بعــد فتـح مكــة حالـه حـال أهلهــا ، بـل إدعـى أنـه أسلــم فـوق الجبــل ، وحين حاججــه خالــد بن الوليــد أجابــه ( إن الــدين دين الله وليـس دين محمــد !!) ، فقــد البصـر ومــات أعمــى ، بهــذا الجـو العائلــي المشحـون نشــأ يزيــد بن معاويــة ! وظـل يحملهــا ضغينـــة حتى تمكن من الحسـين فقالهــا وهــو يلكــز رأس إبن فاطمــة الزهـراء : ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الاسللأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشلقـد قتلنـا القـرم مـن سـاداتهـم وعـدلنــا ميــل بــدر فـأعتـــــدل
ولعمـري ماوجـدت عاقــلا معافــى إلا وكــان معجبـــا بالحســين ، وما عرفــت ثائــرا إلا وأقتــدى بالحسـين ، يقــول المرحـوم أحمـد الشقـيري مؤسـس منظمـة التحـرير الفلسطينيــة :فـي عــام 1964 وأثنــاء التحضـير لتأسيـس المنظمــة ذهبنــا الى الصـين للقــاء قائــد ثورتهــا ماو تسـي تونـغ لنسألــه كيــف نقاتــل وكيـف ننتصـر ، وكـم إستغربنــا وتملكنــا الخجـل حين قـال لنــا : لديكـم الحسـين إبن نبيكــم وتسألونـي كيـف يكـون النضـال والنصـر؟
ختامــا أقولهــا للسيــد الفقــير : لقــد أضحكتنــا فعــلا قصتـك المفبركــة عن المــرأة التي ماتــت في المخــاض بعــد أن نقلتهــا بسيارتــك الخاصـة الى المستشفــى بعــد الثالثــة ليــلا ! فقــد جـاءت ركيكــة الحبكــة ضعيفـة التأليـف ، وأتحــداك أن تعطينـي أسمهــا وتأريـخ دخولهــا المستشفـى لنـتبين الكـذب من الصـدق فـي قــولك هــذا !! ولا أظنـك تقــول صـدقــا ً !الى روح الشهيـــد عثمـان العبيــدي وأخوانــه الأبطــالتحيــة من قلــوب العراقـيين المحبــة السمحــاء ... وستبقــى أسماؤكــم خالــدة مجيــدة والى والـــديّ عثمـان الـذيّن ربيــّاه على حـب العراقــيين جميعــا دون تفرقــة أو تمـييز كنتــم مثــالا رائعــا للعائلــة العراقيــة النجيبــة ، فتقبلــوا منــا كـل إحــترام وتقـدير .
https://telegram.me/buratha