المقالات

معركة الطف..قطب الحرية

1227 19:06:00 2009-01-09

( بقلم : محمود الشمري )

(رد على مقالة الحسين قطب العبودية المنشورة بموقع الحوار المتمدن بتاريخ 6-1-2009

من يقرأ السور القرانية سواء التي نزلت في مكة أو في المدينة المنورة قراءة متمعنة أو حتى سطحية فأنه سيعلم ان هذه الكلمات هي فوق مستوى البشر من ناحية السباكة والمتانة اللغوية والتعبير المفعم بالمعاني والحكم مع حلاوة لاتضاهى وطلاوة لاتنافس حيرت العقول وسلبت الألباب ودوخت العدو قبل الصديق ووقف منها علماء اللغة العربية وحكماء الدنيا عبر العصور موقف التلميذ الصغير ينهل منها ما استطاع وبالتالي فأن القاريء اللبيب والباحث الحصيف سيخرج بنتيجة مؤكدة هو ان هذا القران هو كلام الله العظيم بلا أي شك أو تردد وأن المشككين بهذا القران قد عجزوا عبر أكثر من 1420 عام من أن يأتوا بسورة أو بأية من مثله حبكة وحكمة وجمالا وكمالا. ومن هذه القوة والحكمة القرانية استمد المسلمون من الجيل الأول القوة الروحية التي أهلتهم للوقوف بوجه الجبروت والتسلط لزعماء قريش ورجالها وان ذلك الجبروت لم يفت في عضد المسلمين بل زادهم ايمانا وقوة وصلابة وما حروب الردة التي انتصر بها المسلمون والتي حصلت بعد وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الا دليل على قوة الايمان و انتصار المسلمين بها على حداثة عهد الأسلام, على المرتدين من المشركين الذين لم يدخل الأيمان قلوبهم وندموا لأن الاسلام منعهم من الغزو والقتل وارتكاب الأفعال القبيحة ولم يقبضوا شيئا مقابل امتناعهم سوى وعود بالجنة وحسن الماب,انتصر المسلمون بايمانهم بالغيب غير الملموس على المشركين الذين كانوا يستقتلون لدنياهم وخطاياهم الملموسة .ومن المسلمات التي يجدها الباحث في علوم القران هو ان الأسلام دعوة للانسانية جمعاء لافرق فيه بين غني وفقير وبين عربي وأعجمي أو رئيس ومرؤوس الا بمستوى الأيمان بالعقيدة والألتزام بالشريعة وتقوى الله عزوجل الذي أمر رسوله الكريم (ص)بأن يبدأ أولا بعشيرته الأقربين لشد أزره وتأمين محيطه ولما لهم من خصال رفيعة وسجايا حميدة مع تاكيده لهم بأن المؤمنين أولى بعضهم ببعض وان صلة القرابة الأولى هي صلة الأيمان التي تعلو على باقي الصلات ولذا قال الرسول الكريم (سلمان منا أهل البيت) علما ان سلمان (رض) كان عبدا عند اليهود وفارسي الأصل ولكن ايمانه رفعه الى منزلة أهل البيت الايمانيةالمتميزة . ومن روعة القران أنه بيّن ان الايمان واحد ولكن القلوب التي تحويه مختلفة وكل يأخذ على قدره وهذا القدر يعود الى الشخص المتلقي والذي ينعكس مقدار الايمان الذي يحتويه القلب على أفعاله وتقواه لذا فان الجنة درجات وكذلك فان الخطايا مختلفة لذا فأن النار لمن يستحقها دركات, والعدل الالهي يوجب ان كل امرء يأخذ ما استحقه وما سعى لأجله وبمقدار عمله واجتهاده وليس معقولا ومنطقيا أن يتساوى الناس جميعا بالأجر وهم مختلفين بالأجتهاد وجودة العمل. وكذلك فان الرسالة الاسلامية قد جاءت رحمة للناس جميعا لذا امر الله عزوجل رسوله الكريم(ص) بنشرها بين الشعوب وليس في قدر الله ان يبقى الاسلام حبيسا في مكة لأنه جاء للبشرية قاطبة رسالة ايمان بالله وترك الشرك به ورسالة تعاون ومحبة وترك الاثام والظلم والتقاتل (تعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الأثم والعدوان).كما ان الاسلام قد تواصل مع باقي الأديان وأحترمها وأحترم المؤمنين بها ونفى أفعالا شائنة نسبت لبعض الأنبياء وبيّن أن لهم عصمة لم تذكرها باقي الديانات وما المعاهدات بين المسلمين واليهود في المدينة الاّ اعتراف من المسلمين بان اليهود وغيرهم من الديانات يجب تقديرها والتعاون معها واحترام خيارها بالبقاء على معتقدها حيث الاية تصرح(لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) مع تبليغهم ان العزيز الجبار يقول(ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) أي بعد انتشار الاسلام وتبيان معانيه وسماع التصريح الرباني فأن من يريد أن يبقى على دينه فليبقى لكنه سيكون من الخاسرين لأن الدين هو الأسلام ,واما الخلاف مع طائفة من اليهود فأنه قد حصل بعد خيانتهم للعهد وتحالفهم سرا مع المشركين للقضاء عليه. لقد بدّل الأسلام قيم المجتمع المكي والمدني من قيم احترام المال والنفوذ القبلي الى قيم احترام الانسان لأنسانيته ولتقواه (وتحفل كتب التاريخ بأسماء اشخاص من مكة والمدينة كانوا بمثابة ملوك تهطع لهم الرقاب بسبب مالهم ونفوذهم )ولكن الاسلام جعلهم يتساوون بعبيد لهم, مثل ابو سفيان وعبد الله بن أبي وعمرو بن العاص وغيرهم. ان ديمقراطية الاسلام وزهد المؤمنين بالدنيا وعدم حبهم للمناصب والجاه جعل من بعض ضعيفي الأيمان يتسلطون على المسلمين ويحاولوا أن ينحرفوا بالأسلام عن مساره الذي حدده الخالق العزيز ونفذه رسوله الكريم (ص)واله واتباعه المنتجبين ولكن اهل الحق كثيرون وانتخوا بأمامهم الحسين ابن بنت رسولهم(ص) لتصحيح الانحراف واستجاب لأنه لابد أن يستجيب ويقوّم الأعوجاج ولابد من موقعة عظيمة يبقى صداها عبر العصور مدويا يفضح الظالم وينصف المظلوم وتكون نارا على المنحرفين ونورا للتقاة,وهكذا كانت موقعة الطف صيحة وهكذا صار الحسين نبراسا. كانت ثورة الحسين ثورة ضد الظلم والانحراف ولايفهمها سوى المظلومين ولايعاديها سوى الظالمين والمنحرفين.ان الاسلام هو دين الله الذي أمر رسوله بنشره ودعوة الناس اليه بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة وأما من يمارس العدوان على ارادة الله وأمره ويرهب الناس ويمنعهم من اتباع دين الله ويبدأ القتال فقد أعطى الله رخصة للمسلمين بقتاله دفاعا عن النفس وعن دين الله دين الحق الذي ارتضاه لعباده .(ان قوة الأيمان مظهر قوي الحضور في تاريخ الأسلام ) وهو الذي لازم المؤمنين الحقيقيين والذين وقفوا بوجه الأنحراف الذي حاول بعض حكام بني امية أن يمارسوه ويعودوا الى الجاهلية المبطنة ولكن قوة الايمان عند المؤمنين أمثال الحسين وأصحابه وغيرهم ومن ثم الأئمة و عمر بن عبد العزيز وزيد والاف غيرهم هي التي حفظت الأسلام من الأنحراف رغم كون المنحرفين قد تنصبوا على المسلمين ولكن تأثيرهم لم يصل الى القلوب التي حافظت على ايمانها وقد كان رسول الله (ص)هو مثلهم بقوة الايمان يتبعه علي والحسن وعمار وابو ذر وبلال وحذيفة واسامة وعمر والكثيرين ممن لايتسع الموضوع لذكرهم. ولايستطيع أحد أن يزوّر التاريخ ويدعي انه ليس للاسلام فضل على كل شعوب المنطقة التي دخلها الأسلام منقذا لها من الشرك ومحررا لها من العبودية والتخلف, وما دولة الأسلام المزدهرة العظيمة التي قامت في المنطقة وامتدت الى أصقاع الأرض الاّ دليلا ساطعا على عظمة الفكر الأسلامي المستند الى العقيدة الأسلامية الخلاقة والذي ساهم بالفكر الأنساني مساهمة فعالة لاتحتاج الى براهين.كان الأنسان في الفكر الأسلامي غاية ووسيلة , حيث ان سعادته الدنيوية والأخرويه هي مايصبو اليه الأسلام, وبه قطعا تنتشر العقيدة ويتم التغيير ، وان التفكير السطحي الذي يقول لماذا يرسل الله انبياء ورسل وهو يستطيع أن يغير الأمور بمقولة كن فيكون لهو تفكير مادي ضحل لايستطيع فهم بعض من أسرار الخلق المبنية على ان الانسان هو أس الحياة وهو الذي يحمل الرسالات وينشر العقائد وان التغيير يتم به وله بحكمة الله. لقد دعت رسالة الأسلام الناس الى الأخلاق الكريمة والسجايا الحميدة ووضحت للناس مالهم وماعليهم في الدنيا وفي الأخرة ووصف الله سبحانه بايات بينات بعض من مشاهد الاخرة وجنته وناره بأسلوب أخاذ و ساحر يخفف على المؤمن عناء التعب والأضطهاد الذي يلاقيه من الأعداء ويكرمه بأخباره بعض أحوال الأخرة التي سينالها ان صمد على مبدئه وماسيخسره ان وهن , وما سيلاقيه المجرمون الكافرون من أهوال ونيران.لقد كان العرب ومازالوا أتم الناس عقولا وأكثرهم حلما وأطلقهم ألسنة وأوفرهم افهاما وهم أصحاب فضائل لاتضاهى ومناقب لاتجارى ليسوا كغيرهم من الفاتحين الذين فتحوا البلدان فهم كانوا بطبيعتهم مجبولين على الخير والفضيلة وقد حاول الدكتور غوستاف لوبون , العالم الأجتماعي المعروف,عقد مقارنة بين العرب وغيرهم من الفاتحين في العصور القديمة ,فانتهى الى القول بأن العرب كانوا أكثر عدلا وكرما وفروسية,وقد ساعدوا على تنمية الحضارة التي فتحوها أكثر مما عملوا على تخريبها. لقد نقل الأمام علي مقر الخلافة الى الكوفة فجعل منها حاضرة العالم الأسلامي وانتقل اليها اصحاب المبدا الصلب والأرادة المؤمنة معه ومن ثم بدات الطرق تصبح سالكة بين الكوفة والبصرة وبعثت الحياة من جديد في ارض العراق بعد أن ماتت حضارتها وتشتت شعبها, وانقرض ما كانوا يسمونه بابليا واشوريا وكلدانيا بعد أن دخلت بقايا هذه الأقوام التي غربت الشمس عن حضارتها تحت حماية القبائل العربية التي سكنت العراق منذ الاف السنين و التي بدأت تتعايش بسلام تحت ظل القيم الأسلامية العظيمة.وبالنتيجة فأن الأرض لله يرثها عباده الصالحين الذين يعمرونها ويحيونها بعد أن كانت بورا .أما بعض المّدعين الذين يدعون أنهم بقايا الحضارات القديمة في العراق فأن علماء الأجتماع قد فندوا ادعاءاتهم بانتسابهم لحضارات منقرضة واثبتوا أنهم انما دخلوا العراق في عصور العباسيين بعد أن أصبحت بغداد عاصمة الدنيا ويقصدها الناس من كل الأديان والملل بعد أن اسسها المسلمون ونهض العراق من سباته,وأن صراخهم وعويلهم على ماض قد ولّى هو خدعة وتزوير للتاريخ ومحاولة تأصيل من لا أصل له. واليوم نقف بأجلال وفخر ونحن نرى أن مجرد مرور ائمة الهدى على بقاع مهجورة وخربة فانها تحيا وتخضر وتراها وقد انتشرت فيها البيوت وانتعشت بها التجارة وأن مجرد ضريح لأحد ائمة أهل البيت يوجد في صقع بعيد كفيل بجعل ذاك الصقع مأهولا . فأصبحت كربلاء مدينة متألقة لوجود أضرحة الحسين وأصحابه فيها, والنجف كانت لتبقى صحراء لولا ضريح الأمام علي , والكوفة ماتت بعد أن بنيت بغداد ولكن ضريح مسلم أصبح أكسير حياتهاوالكاظمية كانت مقبرة وأصبحت درة بضريح الأمامين الكاظم والجواد واشتق اسمها من أولهما ,وسر من رأى أصبحت ساء من رأى بعد أن هجرها بني العباس ولكن أضرحة الأئمة فيها أبقتها على قيد الحياة ومدن وقصبات كثيرة قامت بأضرحة أهل البيت وقادة المسلمين مثل مدينة الحمزة والقاسم والزبير وطلحة وغيرها , وأينما ترى مزارا ترى حضارة فأئمة أهل البيت كانوا نعمة وهداية في حياتهم وبركة وخير بعد مماتهم, وان منظر أضرحتهم (مرصعة بالأبهة والجلال لمشهد يجعل النفوس في) أعلى درجات الفخر والعزة

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
أحمد الرميثي
2009-01-10
لقد جننهم الحسين واصرار الناس على حبه وذكره حتى هنا في السويد مواكب ولطم ومحاضرات
ذو الفقار
2009-01-09
فلسفة الرد رائعة ومتابعة فكرية متقدمة هكذا نريد الاصوات الوطنية قريبة من كل حدث وترد كل أفك بالحجة كما فعل المؤمن محمود.
محمد الزيدي
2009-01-09
لقد طالعت المقالة التي قمت بالرد عليها بأجادة وروعةوالتي كانت لشخص يسمي نفسه حاتم عبد الواحد وهو كذاب لأن اي قاريء حتى لو كان مبتديء سيعلم ان ذلك الكاتب غير مسلم ومليء بالحقد على الأسلام الى حد أن حقده قد افقده الموضوعية التي يجب أن يتحلى بها الكاتب وجعله يلوّص( تكرمون)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك