( بقلم : اسعد راشد )
ندد السيد رئيس الوزراء المالكي يوم الثلاثاء بتاريخ 6/1/2009 بالجريمة الكبرى التي ترتكبها اسرائيل في غزة داعيا الدول العربية الى وقف كل الاتصالات السرية والعلنية مع هذا النظام القاتل كما جاء في تصريح المالكي ‘وقال المالكي خلال احتفال بيوم الجيش العراقي :
" ان هذه جريمة كبرى تقوم بها اسرائيل ضد ابناء غزة ‘ هذه رسالة مفادها ان كل العالم والقانون الدولي تحت اقدام جنود الاحتلال الاسرائيلي ".. واضاف "على العالم ان يقف مرة اخرى من اجل استعادة كرامة المؤسسة الدولية وكرامة الانسان وحقوقه " ..
لم يبدي السياسيون العراقيون اي تحفظا تجاه تصريحات السيد رئيس الوزراء بل وجدوا فيها دعوة صريحة لفرض القانون الدولي والنظام واحترام حقوق الانسان على كل من ينتهكه سواءا كان الطرف المعتدي والمنتهك ارهابيا وهابيا او اسرائليا غاشما ومتعجرفا ‘حيث يرون ان ما تقوم به اسرائيل من جرائم وانتهاك لحقوق الانسان يعطي مبررا للارهابيين وللدول المتعجرفة عنصرية كانت ام طائفية لممارسة ذات الاعمال الاجرامية وبالتالي تعريض العالم والمنطقة لعدم الاستقرار وللحروب العبثية وللارهاب .. ورغم ان هناك شرائح واسعة من العراقيين قد نالتهم اعمال الضيم ومشاركة بعض العناصر الارهابية التابعة لبعض الفصائل في جرائم قتل وتفجير ودعمهم للنظام الشوفيني السابق وتأفف بعض القادة العراقيين من مواقف سياسية غير عادلة لاطراف فلسطينية الا ان ذلك لا يحول دون التعاطف مع قضايا انسانية ووقوفهم مع الحق استنادا الى الاية القرانية الكريمة التي تقول : "لا يجرمنكم شنئان قوم الا تعدلوا‘ اعدلوا هي اقرب للتقوى" ..
ان اعمال اسرائيل الاجرامية ووحشيتها في قتل المدنيين هي سابقة خطيرة رغم انها ليست الاولى بل هي افعال جبل عليها هذا النظام والمالكي الذي لحكومته علاقات صداقة حميمة مع الولايات المتحدة لن يكون الزعيم الوحيد الذي يندد بعدوانية اسرائيل ونظامه القاتل بل هناك عدد من الدول الغربية وصحافة اوروربية معروفة اتخذت الموقف ذاته ودعت اسرائيل الى وقف العدوان واحترام حقوق الانسان ..
ففي صحيفة الاندبندت البريطانية كتب روبرت فيسك مقالا ينتقد بشدة فيه الدولة العبرية لايقل شراسة عن موقف المالكي حيث افتتح مقاله بكلمات " وهكذا تفتح اسرائيل ابواب الجحيم مرة اخرى على الفلسطينيين "متسائلا "لماذا نتفاجيئ من مثل هذه التصرفات ؟ مذكرا بجرائم اسرائيل في لبنان وقتلها لاكثر من 17الف مدني معظمهم من النساء والاطفال عام 1982خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان ومقتل اكثر من 1700 فلسطيني في مخيمات صبرا وشاتيلا ومذبحة قانا 1996 وغيرها من الهجمات الاسرائيلية "..
ويقول الكاتب "ان المثير للدهشة حقا هو ان العديد من القادة والرؤساء ورؤساء الوزراء الغربيين يبيعون "الكذبة القديمة" بان اسرائيل تتخذ الكثير من الحذر لتجنب سقوط ضحايا مدنيين "..ويضيف فيسك " ان اي رئيس ورئيس الوزراء يعيد قول هذه الكذبة كمبرر لتجنب وقف اطلاق النار يحمل في يديه دماء المجزرة التي حدثت الليلة الماضية " في اشارة الى استهداف القوات الاسرائيلية لمدرسة تابعة للامم المتحدة في غزة .. بالطبع لا يمكن ان ننسى تصريح وزير خارجية فينزويلا والذي كان ناريا واكثر شراسة حيث اتهم اسرائيل بان ماتقوم به هي ابشع من الهولوكوست الذي تعرض له اليهود ..
لنعود الى تصريحات السيد المالكي الذي وجد فيها المحللون الكثير من النقاط واهمها احترام القانون الدولي الذي يدنس اليوم تحت اقدام الجنود الاسرائيليين هذا القانون الذي تذرعت به الولايات المتحدة لاسقاط ابشع نظام ديكتاتوري في العالم والمنطقة وهو نظام البعث الصدامي ‘ وما يقوله المالكي هو تذكير للامريكيين بان مصالحهم تكمن في احترام كرامة شعوب المنطقة وحقوقها وعدم الانحياز لدولة ظالمة قد تسبب لها الكثير من المتاعب وتتركها نهبا للارهاب الوهابي والسلفي .
ان ما يقوله المالكي فيه دعوة صريحة للجم عدوان اسرائيل وفك الارتباط الامريكي مع "صديق" احمق ومجرم لا يفكر الا في انانيته العنصرية الشوفينية وفي كيانه الغاصب القائم على جماجم الابرياء ودماء واشلاء الاطفال .. المحللون السياسيون العراقيون يرون في كلام المالكي نوع من احراج لدولة صديقة مثل امريكا التي افتتحت في بغداد قبل ايام اكبر سفارة لها في العالم بلغت كلفتها اكثر من 700 مليون دولار وهذا يعني ان مصالح امريكا وبقاءها مرتبطة بمصالح دول وشعوب المنطقة الاصلية والقائمة بذاتها وليس في دعم دولة مستوردة وغاصبة وغريبة عن المنطقة مصيرها مجهول وغير واضح وسط بحر من الاعداء الذين لا ينظرون اليها الا كجرثومة سرطانية !
كما ان موقف المالكي هذا يشير الى امور اخرى يمكن ان تؤسس عليها قاعدة للعلاقات البعيدة المدى مع الولايات المتحدة وتنفيذ الاتفاق الامنية والقبول بها شعبيا في الاستفتاء القادم فيما لو التزم الامريكيون باصول الصداقة واصول التعاون بعيدا عن تهورات دولة عدوانية لا تفكر في مصالح امريكا وتحاول تخريب كل شيئ من اجل بقاءها وحدها فقط وهذا يعني ان الامريكيين بدورهم قد لا يأمّنون على انفسهم في خضم الصراعات التي تثيرها اسرائيل المستوردة في المنطقة ولا يمكن ايضا الضمان بان مصالحهم سوف تبقى في العراق والمنطقة مع بقاء مثل هذه الدولة وهمجيتها . اضف الى ان العراق يمكن ان تلعب دورا نوعيا اكثر اهمية من دور الدول العربية مجتمعة من خلال علاقاتها مع امريكا والضغط عليها باتجاه دفع اسرائيل نحو البحر اي العودة بها الى حيث اتت منه وترك المنطقة لاهلها وشعوبها وهو امر قد يضمن بقاءا واستمرار لمصالح امريكا ووضع اسس جديدة لشرق اوسط جديد بعيدا عن المعادلة القديمة التي اخذت فيها الاعتبار لكيان اسرائيل .
ان تصريحات السيد المالكي ضد اسرائيل تعني في نظر المحللين تفعيل لدور عراقي قد اماتة صدام بهمجيته وعدوانيته على دول الجوار وان العراق الجديد يسعى لوقف كل المعتدين الارهابيين وهمجيات دول وجماعات مثل اسرائيل والقاعدة ويعني في ما يعني ان العراق من دون اي علاقة مع اسرائيل يمكن ان يكون حرا ومستقلا في قراراته وان العراق سيكون بخير دون تسلط انظمة الخوف والقهر والديكتاتورية في المنطقة تلك الانظمة التي تتصور ان علاقاتها مع دولة اسرائيل الظالمة تشفع لها لدي امريكا والغرب في البقاء والتسلط ونست ان العراق عراق الحسين سوف يكون افضل وبخير دون ديكتاتوريات وانظمة لا تضع قيمة ولا اعتبار لشعوبها وانها اي العراق يمكن ان يكون بديلا لكل تلك الدول المتسلطة والظالمة التي جلب حكامها القذرين التخلف وعدم الاستقرار والارهاب للمنطقة واَن الاوان للتخلص منهم ومن شرورهم وشرور حتى اسرائيل الفاسدة الغاصبة ولا بديل لكل من يريد اقامة علاقات حسنة وامنة ومستقرة سوى الشعوب وفقط الشعوب وحتى الامريكيين لا يمكن لهم ان يجدوا بديلا في المنطقة يأمّن لهم مصالهم ويوفر الاستقرار سوف الشعوب والانظمة الديمقراطية الحرة وليست المصطنعة العنصرية والطائفية.
https://telegram.me/buratha