( بقلم : علي الشمري )
ذكر العلماء اللغة إن عاشوراء مصطلح لم يكن موجود قبل الإسلام وقبل يوم عاشوراء ويعتبرونه مصطلح جديد وجد في الإسلام ولم يكن له أي وجود في الجاهلية . ويقصد بعاشوراء _ أي اليوم العاشر من المحرم علما انه لا يطلق هذا الاسم (عاشوراء ) الا على اليوم العاشر من شهر محرم الحرام فقط .
ولكن عند الدخول في أروقة التاريخ نجد ان هناك تناقضا واضحا يبحث عن تفسير ..! فعند الدراسة نجد أمورا كثيرة فقد اخذ القوم يعلنون بان يوم عاشوراء هو يوم فرح وسرور وهذا مصداق ما ذكره الإمام الصادق عليه السلام حين نقرأ في الحديث المروي عنه ( اللهم إن هذا يوم تبركت به بنو امية وابن اكلة الاكباد )) وقد ذكر أصحاب السيرة ومنهم البيروني فقال ( فأما بنو امية فقد لبسوا فيه ما تجدد وتزينوا واكتحلوا وعيدوا وأقاموا الولائم والضيافات واطعموا الحلاوات والطيبات وجرى الرسم في العامة على ذلك ايام ملكهم وبقي فيهم بعد زواله عنهم ) وقد رووا في ذلك أحاديث وروايات موضوعة ومجعولة وهذا ما يذكره ابن تيمية فيقول (( وإظهار الفرح والسرور يوم عاشوراء وتوسيع النفقات فيه , هو من البدع المحدثة , المقابلة للرافضة ) كتاب اقتضاء الصراط المستقيم .ومن أمثلة هذه الروايات ما روي عن ابن عباس في تفسير قوله ( قال موعدكم يوم الزينة )طه 59, قال ( وكان يوم الزينة يوم عاشوراء ) تفسير ابن كثير ج 3 . ووقف ضد هذا الحديث العيني في كتابه عمدة القاري حين قال : ان ما ورد في صلاة ليلة عاشوراء ويوم عاشوراء وفي فضل الكحل يوم عاشوراء لا يصح ومن ذلك من اكتحل .. وهو حديث موضوع وضعه قتلت الحسين ) صوم عاشوراء بين السنة والبدعة الأموية .
وفي مقابل ذلك نجد ان هناك من ذكر اهتمام النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى أهل بيته الطاهرين وهم من مذاهب مختلفة ومدارس متعددة ذكروا فقالوا بان النبي قد أعلن عن حزنه وألمه لما يحدث من بعده لولده الحسين عليه السلام يوم عاشوراء وهذا ما نجده واضحا في المصادر المعتمدة والصحيحة عند أهل السنة وبأسانيد صحيحة ..! ومن ذلك ما ذكره الحاكم النيسابوري في كتابه المستدرك على الصحيحين عن ام الفضل ( لبابة زوجة العباس بن عبد المطلب ) تقول أنها دخلت يوما على رسول الله فقالت ((يا رسول الله أني رأيت حلما منكرا الليلة ))قال ما هو ؟ قالت (( رأيت كان قطعت من جسدك قطعت ووضعت في حجري )) فقال رسول الله (( رأيت خيرا تلد فاطمة ان شاء الله غلاما فيكون في حجرك )) فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري كما قال رسول الله فدخلت يوما الى رسول الله فوضعته في حجره ثم حانت مني التفاتة فاذا عينا رسول الله تهرقان من الدموع ...فقلت (( يا نبي الله بابي أنت وأمي مالك ؟ قال أتاني جبرائيل عليه السلام فاخبرني ان امتي ستقتل ابني هذا . فقلت هذا قال نعم واتاني بتربة من تربته حمراء )). وهذا ما ذكره الحاكم فقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . الحاكم النيسابوري .المستدرك على الصحيحين .
وهذا الذي أورده الشيخ الألباني في سلسلة أحاديثه الصحيحة وعلّق عليه بقوله: له شواهد عديدة تشهد لصحته، منها ما عند أحمد بن حنبل (6/294) حدثنا وكيع قال: حدثني عبد الله ابن سعيد عن أبيه عن عائشة أو أم سلمه، أن النبي قال لإحداهما: «لقد دخل عليّ البيت ملك لم يدخل عليّ قبلها، فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول، وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها، قال: فأخرج تربة حمراء». قال الألباني: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين
وكذلك أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، بسنده عن عبدالله بن نجي، عن أبيه، أنه سار مع علي، وكان صاحب مطهرته، فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين، فنادى علي: اصبر أبا عبدالله، اصبر أبا عبدالله، بشط الفرات، قلت وماذا؟ قال : دخلت على النبي ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله أأغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل قبل، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات، قال: فقال: هل لك إلى أن أُشمك من تربته؟ قال: قلت: نعم. فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا.
في هذه الأحاديث وأمثالها ما يدلُّ على أن رسول الله كان يهتمّ بيوم عاشوراء كواقعة، وهذا أمر كان بيِّنًا واضحًا لدى أمهات المؤمنين ولدى أصحابه وأهل بيته. وفي هذا يقول ابن عبّاس: ما كنّا نشكُّ وأهلُ البيت متوافرون أن الحسين يقتل بالطف.كل هذا يدلُّ على أهمية الواقعة التي كان رسول الله يذكّر بها أصحابه وأهل بيته.
https://telegram.me/buratha