المقالات

سيدة كربلاء الجريحة

1763 20:45:00 2009-01-01

( بقلم : داود الحسيني )

إلى عقيلة البيت الهاشمي النبوي الطاهر .. إلى أمِّ الحزنيا نجمة الحلم الإسلامي وملح جراح الدين ، عمتي زينبسيدة كربلاء العالمة غير المعلمة والفاهمة غير المفهمة بشهادة سيد البكّائين وزين العابدين .. تتطاولين على الفجيعة والجراح مثل شهاب ثاقب ويغتسل الصبر على شاطئيك أيتها الصابرة التقيّة ... الليلة تستعدين لتحمل المصائب ومتى فارقتك ...

الليلة يرقب الأطفال العطشى حركات عينيك فيضحكون حينما تبرقان ويعتصر الخوف أكبادهم عندما تطرفان وتسيل مدامعهما حسرة على أخيك الوحيد مع قلة الناصر بين أعداء لا يعرفون رباً ولا رحمة ..شددتِ حيازيمك للأسر والعذاب ، الأجساد الممزقة تحفر في روحك مرارة العزاء .. وجه أمك الزهراء المثكلة والهاربة بحزنها عن العيون لم يفارقك كان يدنو ويبتعد مثل بندول .. كنت تعاتبين فيه أباك حامي الحمى وتستنجدين به ليشق حجارة القبر ويمتطي صهوة النجدة .. تشبح عيناك نحو طريق الغري تتوقعين الرفد الميمون ولكن هيهات فلقد شاء الله أن يراك سبيّة مقهورة محتسبة .. وشاء ان يرى الحسين وأهل بيته وأصحابه صرعى مجندلين على ثرى الطف في كربلاء تنـتهب لحومهم الكواسر والجوارح ليكونوا ثأر الله الذي لا يأخذه غيره .

فحسينٌ وكان شلواً مدمىً وجبيناً جالت عليه الخيولُإن يكن جسمهُ على الأرض ملقىً فهو حيٌ وخصمهُ المقتولُ

الليلة تفترشين المواجع ويرتدُ طرفك وهو دامع ومحمر .. وأنتِ تسمعين أخاك وبقية العترة ينعى نفسه ويستعد للموت .. (أذا كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني) .. أمن أجل دين الله يا أبا عبد الله استسلمت لأخذ السيوف والنصال؟ أمن أجل أن نحيا أحراراً جدت بنفسك وأهلك وأصحابك؟ .. فكيف يلومنا أحد على أحياء مصيبتك والبكاء عليك . فداؤك العيون والقلوب كيف ترقأ عبرتنا وتهدأ رنتنا وأنت تحتضن الثرى وحداد السهام في صدرك لكي تبقى كلمة الإسلام حيّة نابضة . ولكي نعيش نحن في كرامة . عمتي زينب يا ثورة الجراح والمآتم ..الليلة تنثرين حروف الوداع وهي تفري الأكباد .. تودعين حُماتك وكافليك لتستعدين للحزن .. يدور قلمي معك أحاول أن أرسم حركاتك وسكناتك في ليلتك الأخيرة قبل استشهاد الحسين روحي له الفداء ولن أستطيع، فأي فكر يستوعب لوعتك .. وأية كتب تفي حق مصيبتك .. كنت لا تفترين عن ذكر الله .. ولا تنقطعين عن المناجاة وهو ديدن القانتات العابدات ولكنك في كل لحظة كنت تسترقين النظر .. تتطلعين إلى الحسين وهو يشحذ سيفه ويوصي ما بقي من أهله ، يمهد لهم طريق الشهادة ويخيرهم بين البقاء إلى جانبه والموت أو الرحيل والنجاة فيختارون لقاء الشهادة معه. تنفجرين باكية ..

الآن أصبحت الطريق الى السماء مفتوحة والفراق لابد منه .. أيَّة بلاغة تسرد أحساسك المعجون بالويل والهم والتصبر؟ عمتي يا صوت الزهراء ومنطق النبي وفصاحة الوصي .. أيُّ كلام يصف مأساتك؟ .. وهل تراني قادراً على الوصف وأنا أشاهد الآهات تهدم محاجرك المكدودة وتحني أضلاعك المكسورة ؟ يصاهرك وجع مقيم وأنت تجلسين مع السجاد ذلك الطود العليل والهزيل حد الإنتهاء. تؤنسين خوفه على أبيه وتعتنين بمرضه . وقطرات من عرقك ومدامعك تسقط على وجهه المصفر لتشي له بعمق الجروح ولهب الحوادث القادمة وعصف الفوادح ..عمتى يا ذراع الحسين وصبابة سهامه يلتفُّ حولك الصغار هذا يستفسر عن أبيه وهذا يسأل عن أخيه لم يذوقوا الماء منذ ثلاثة أيام وأنت حائرة بماذا تجيبين؟ عمتي لا أريد أن أكتب عنك كما كتب الآخرون تواريخاً وأحداثا ..أريد أن أشاركك المأساة ، أمشي معك حيث تذهبين أصبغ مشاعري بأحزانك ..أدور معك في الخيام والصحراء ومجالس الطغاة . أرغب أن أصنع لي مجدا أستجديه من تراب تضحياتك لا أريده مجداً دنيوياً ، أريده هناك حيث تجلسين على قمة الشرف والسؤدد والخلود في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر يكون لي شافعاً يوم لا ينفع مالٌ ولا سلطان.

خادمكداود الحسينيالناصرية

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو زهراء
2009-01-02
بارك الله فيك يااخ دواد ورزقك شفاعة الحسين ع وزيارة السيدة زينب ع واعظم الله اجورنا واجوركم باستشهاد الحسين ع
احمد الكردي / شبكة الاعلام العراقي
2009-01-02
ام لم يوصي بنا النبي واودع الثقلين فيكم عترة وكتابا فغدوا حيارى لايرون لوعظه الا الاسنة والسهام جوابا شكرا للكاتب احمد الكردي شبكة الاعلام العراقي
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك