( بقلم : علي الخياط )
في كل عصر فريقان من الناس، فريق يقف ضد الحق من اجل مصالح ومنافع دنيوية عابرة، وفريق يقف مع الحق، ويكرس كل شيء في سبيله، يكرس وقته وراحته، وماله وما يملك في سبيل الله، وفوق ذلك يحمل روحه فوق كفه راضيا ليجود باعز ما يملك الا وهي نفسه عن قناعة وعقيدة لا تلين، محققا قول الشاعر: يجود بالنفس ان ضـنَّ الـبخيل بهاوالجـود بالنفس اقصى غاية الجود
وحين يتبنى المرء فلسفة تفضي به الى النعيم الابدي الذي لا يزول، فان كل شيء يهون، ويصير ما يقاسيه من متاعب وآلام شديدة متعة ولذة لا يشعر بها الا من باع نفسه مخلصا لاعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، وفي قصيدة لرثاء الحر الرياحي رضوان الله ورحمته عليه:معشوقة الحر صار السيف زغـردةوالرمح بالرقص في الاعناق ذا وَلعصار العذاب بحـد السيف نعــمتهتـرجى ومرعى المنايا خير منتجع
وقد ضرب الامام علي(ع) المثل الاعلى في الجهاد في سبيل الله تعالى، فقد برز الى فارس المشركين عمرو بن ود العامري الذي يعد بألف فارس وعمره لم يتجاوز الثانية عشرة سنة، بعد ان احجم عن قتاله كل صحابة الرسول الذين هم اكبر سنا واكثر تجربة في القتال منه (عليه السلام) وكان عليه السلام يهرول الى الحرب مسرعا لا يلوي على شيء.
وهذا الحسين بن علي عليهما السلام يقف هذه الوقفة التي لا مثيل لها في التاريخ البشري قديمه وحديثه. في كربلاء تمر العصور تلو العصور، غير ان السطور تعجز عن الاحاطة بعظمتها وتأثيرها في البشرية، حيث كانت وحيث تكون، فباسمها يرفع كل مظلوم شعار الثورة على الظالمين، سواء اكان مسلما ام كان من غير المسلمين.فلا عجب ان يمتدحه ويثني عليه في كل زمان وكل مكان العرب وغير العرب، والمسلمين وغير المسلمين على اختلاف الوانهم واجناسهم واوطانهم ومذاهبهم لان وقفته العظيمة كانت لكل المظلومين المحرومين الذين يرفعون شعار الثورة على الطغاة البغاة الظالمين. اذا ما استعرضنا التاريخ الجهادي لمحبي ال البيت ( عليهم السلام) نجد ان ثورة الامام الحسين (ع) تتصدر في طليعة هذه الاستعراضات لكونها مازالت تتصدر ( وحي الثورات) والوقوف بوجه الظلم ولجبروت في كافة الميادين والصعد .فجر الامام الحسين(ع) ثورته في وقت كانت الامة الاسلامية تعيش بوابل من الركون المادي و التناقضات والتخلف والتبعية لاشرار سيطروا على فكر ومقدرات الامة .
ومن هنا سلك الامام (ع) طريق الاحرار ، فقدم نفسه الشريفة وال بيته وصحبه قربانا على طريق الفداء والحرية والكرامة ولاريب حين ضرب الامام ومن معه في العاشر من محرم مثلا في التضحية والفداء، تعجز الصحافة عن الالمام بتفاصيل ومقدار هذه التضحية . كما يظل التارخ (قاصرا) لايدري كيف يوثقر هذه البطولات والتضحيات التي سطرها الامام ومنه معه لينير للبشرية طريق الحق والصدق والعدل .
فالامام(ع) يقول لأصحابه : انتم في اذن مني، كان بامكان اصحابه ان يفارقوه ويرحلوا كأن شيء لم يكن ويقضون بقية ايامهم بسلام وهدو ، ولكنهم تولعوا بحب ال البيت(ع) وعرفوا منزلتهم وقربهم من الله عز وجل فاصروا على الشهادة وهم يعلمون ان هذا اخرعمرهم بالحياة البالية. واختاروا الاخوة الباقية وجسدوا بذلك ألمعية الامام وفكره ، ومفاهيم ثروته وتارخها العظيم في البطولة والابداع والتضحية والفداء فجزاهم الله تعالى افضل الجزاء ونفعهم عملهم الخالد يوم لاينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم.
https://telegram.me/buratha