المقالات

وجوب إحلال السلام في فلسطين

1060 07:58:00 2008-12-29

موفق مبار كة – كندا

عشت حياتي كلّها وأنا أسمع عن مآسي فلسطين المتتالية. فمنذ عام 1949 وكنت آنذات تلميذا في الصف الأوّل الأبتدائي ولحدّ هذا اليوم أسمع عن فلسطين وأحداثها بشكل يومي تقريباً من أخبار المآسي والإنحدار نحو هاوية التشتيت والتضييع. لقد كنّا متحمّسين لتحرير فلسطين منذ الصّغر حيث أنّي أذكر في تلك الحقبة تطلّعي نحو انخراطي بالقوّة الجوّية العراقية للمشاركة في تحرير البلد السليب وكان أخي الذي يصغرني بعامين يتطلّع إلى دراسة الطب لمداواة الجرحى وكان يردد بلغثته الطفوليّة: (أليد أصير طبيب حتّى أداوي المجاليح).لقد قدّمت طلبي فعلا للأنخراط بالقوّة الجويّة العراقية بعد تخرّجي من المدرسة الثانوية في 1961 وكان دعاء والدتي (رحمها الله تعالى) في صباح يوم دعوتي لأجراء الفحص الطبي الأوّلي:

"أللهمّ إن كان طموح ولدي يخدم الأمّة وفي سبيلك فأسألك التوفيق وإن كان التحاقه بالقوّة الجويّة لاينفع فالأمر بيدك".

لم أفلح بالألتحاق بالقوّة الجوّية بسبب اصابتي بزكام أثّرَ على الجيوب الأنفية في صباح يوم الفحص ولم تنفع توسّلاتي للطبيب الفاحص ونصحني قائلاً:

"إبني: لاأستطيع تحمّل مسؤولية غيابك عن الوعي بسبب نوبة تحصل في الجيوب الأنفية وأنت تقوم بالتدريب بالطائرة على ارتفاع شاهق في الجوّ".

طالما حمدت الله على مشيئته لأنني لو تمّ قبولي في القوّة الجويّة في 1961 لتمّ زجّي في محاربة أبناء وطني في كردستان العراق وأبناء جيراني في أيران وأبناء عمومتي في الكويت وأبناء شعبي في العراق أثناء الأنتقاضة الشعبية في 1991 إن بقيت حيّا ثمّ إجباري على التقاعد (إن كنت محظوظاً) بسبب الإلغاء الفعلي للقوّة الجويّة العراقية بعد حرب الخليج الثانية في 1991.

بكلام آخر: لو تمّ قبولي في القوّة الجوية العراقية في 1961 لتمّ إجباري على المشاركة في كل عملية حربيّة بعيدة عن الهدف السامي: تحرير فلسطين.

السلام والأمان والأنتماء إلى الوطن من أسس حقوق الأنسان العادلة وحق الأنسان في العيش بكرامة فرض إلهي على البشريّة وليس هناك من يمكن إعطاء نفسه الحقّ في إلغاء حقوق الآخرين مهما كان موقعه السياسي أو الأجتماعي أو القومي أو حتّّى الموقع الدّيني.

من حقّ الشعب الفلسطيني في غزّة وكافّة مناطق فلسطين الأخرى العيش بسلام وكرامة كسائر الشعوب الأخرى ولكن الواقع المؤسف يعكس وجود السجن الكبير في القطاع والشعب الرّهين في الضفة الغربية علاوةًً على الأحتلال العام لمناطق فلسطين التي تمّ الأستيلاء عليها بالقوّة والخديعة. لربّما توجد مناطق مملوكة شرعيّا من قبل اليهود في فلسطين وهذا ليس موضوع البحث هنا ولكن الجريمة تكمن في منع شعبٍ كاملٍ من ممارسة حقوقه الأنسانيّة الشرعيّة.

عند تحليل الواقع المأساوي للشعب الفلسطيني نجده يزرح تحت الكثير من أنواع الظلم والأهمال: أمتناع الدول العربية والأسلامية من تقديم العون المادّي والسياسي والدبلوماسي لربّما بسبب ضغوط التأثير الصهيوني والأنحياز إلى جانبه - خصوصا بعد فوز منظمة حماس بالأكثرية في الأنتخابات - أو لأسباب أخرى والسماح بمحاصرة الشعب الفلسطيني في غزّة على الخصوص في وقت يحاول فيه المدافعين عن حقوق الأنسان من أجانب أوربيين وقبارصة وغيرهم في تحدّي عتوّ أسرائيل وإرسال سفنهم إلى ميناء غزّه وهم لايملكون شيئا من السلاح سوى اعتقادهم بوجوب تقديم الدعم الذي يستحقّه الأنسان الفلسطيني المُحاصَر. تقاعس حكومات غالبية الدول الغربية والكثير من منظمات المجتمع المدني في دعم مجهود رفع الحصار وإعانة البشر في فلسطين بينما نجد دعما لاحدود له للفقراء في دول أخرى وحملات موسّعة لتشجيع الناس على تبنّي حيوانات أليفة سائبة والمحافظة على بيئة طير من الطيور من جرّافات بناء الطرق. بموجب تعليقات طالما سمعتها من فلسطينيين فإنّ ظاهرة خيانة الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره من قبل بعض الفلسطينيين أنفسهم والتجسس على أبناء شعبهم هي ظاهرة واقعية مزرية وتصرّف لايليق بمن يحب وطنه وشعبه. تشاغُل الكثيرين من العرب والمسلمين في أمور تُبعِدُهُم عن الأهتمام بالأمورالضرورية والمصيريّة مثل التشاغل بسباقات الجمال والخيول والتنافس على إنشاء أعلى الأبراج في العالم وإهمال الأمور الجدّية والتي لو تمّ وجود التوازن الفعلي بين طموحاتهم وأهدافهم السامية لتمّ تخليص الشعب الفلسطيني من الكثير من المآسي. قلّة نضج بعض الشعوب العربية ومن ضمنهم الفلسطينيّون في الأساليب السياسية وتفضيلهم الأستماع إلى الدعايات والشعارات الفارغة والأعمال الطنّانة والهشّة التي لاتغني ولا تسمن من جوع ومن أمثال ذلك: "تحرير فلسطين عن طريق طهران ... ثمّ الكويت ... ثمّ الحذاء ...!!!" قلّة خبرات القيادات السياسية العربية ومن ضمنها الفلسطينيّة في فنون المحادثات ولو اعتبروا من تاريخ السيرة النبويّة على سبيل المثال لوجدوا في (صلح الحديبيّة) خير مثالٍ للنصر السياسي والدبلوماسي والواقعي للمسلمين حيث أفلح الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم - بعدما تنازل عن عبارات معيّنة مثل (بسم الله الرحمن الرحيم) و (محمد رسول الله) وغيرها مما أثار انتقاد بعض الصحابة - في كسر حصار قريش ونجح في بناء التواصل مع القبائل العربية الأخرى ونجح في نشر دعوته الأسلامية التي تراعي حقوق وكرامة كافّة البشر لتنتشر ويتمّ أسلام من حاربه من قبل عند دخوله مكّةالمكرّمة بسنوات قليلة بعد التوقيع على وثيقة الصلح.

بنظري المتواضع فإننا كمسلمين من مواطني هذا العالم وخصوصا ممن يعيش منّا في بلاد تحترم حقوق الأنسان علينا اتخاذ المواقف التالية علما بأنني أدعو كلّ من يرغب في إضافة رأيه والقتراحاته إلى القائمة أدناه: مطالبة الحكومات الغربية وغيرها ممن يملكون قابليّة التأثير ومؤسسات المجتمع المدني في المشاركة السياسية والدبلوماسية والفعلية في احترام حقّ الشعب الفلسطيني في العيش بكرامة مهما كان برنامج الحكومة التي ينتخبها هذا الشعب لأن له الخيار في الأنتخاب وتغيير السلطة عن طريق صندوق الأقتراع الشرعي. مطالبة الحكومات والشعوب الأسلامية والعربية في ممارسة مسؤوليّاتها الأخلاقية والدبلوماسية والفعليّة لرفع المعاناة ككافّة أنواعها عن كاهل الشعب الفلسطيني والعمل على فتح الحدود. مطالبة الحكومات العربية على الخصوص والعرب والمسلمين على العموم بالأبتعاد عن رشق الآخرين بالأتهامات والتنابز سعيا وراء إلقاء اللوم على الآخرين فقد شبعنا من تلك الأساليب. مطالبة القيادات الفلسطينية بكافّة فصائلها بالألتزام بتحقيق الأهداف العليا التي يسعون إليها وأن يحترموا بعضهم البعض ويتعاونوا ويتعاهدوا على الوصول إلى هدف نيل الحقوق كاملةً ولو استدعى ذلك التضحية بالمصالح الخاصّة.

نسأل الله تعالى أن يعيننا على إحقاق الحق ومحق الباطل بكافّة أنواعه.موفق مباركة – كندا

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي بكلوريوس اقتصاد وسياحة ودبلوم ادارة مدنية
2008-12-30
ان مايحدث على هذا الشعب الفلسطيني المنكوب والمسكين هو عار على الانسانية والحكام العرب كلهم استعملوا القضية الفلسطينية كقميص عثمان المهم الكراسي ولوا لم يلتفت العراقيون فسوف يحدث في العراق كما حدث في فلسطين لكن الاحتلال لايدوم واحسن حل هو الطرق السلمية الحروب لا تجلب نفع الى الشعوب و المستفاد منها فقط سماسرة الحروب هذة الشعوب العربية سوف تصحى يوما ما وتعامل جلادها كما عومل المقبور
عراقي
2008-12-29
وفقت يا موفق وأضيف بعض الشئ ان مشكلة الفلسطنين الاولى بهم وبالحكام العرب فمعظم قادتهم السياسيين يعملون كتابعين لهولاء الحكام الذين لايهم من القضية الفلسطينية غير ان تبقى الحجة الواهية لبقاءهم على سدة الحكم وهذا ماحاولوا (الحكام العرب) ويحاولوا ان يفعلوه في القضية العراقية ورغم انجرار بعض (الساسة) العراقيين ورائهم الا ان البعض الاخر من الساسة الشرفاء حقا قد فوتوا الفرصة على هولاء الحكام الملاعين وعليه ان لم يرفس الفلسطنيون من يجعلهم كبش فداء فهم من سيء الى اسوأ
الدكتور شريف العراقي
2008-12-29
وعلى الفلسطينيين عدم الدخول في العنصريات مثل أنت عربي أو كردي أو الدخول بالطائفيات مثل أنت شيعي أو سني كما يفعل بعضهم عند لقائه بالعراقيين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك