( بقلم : فراس غضبان الحمداني )
نؤكد في البدأ الى حاجتنا الماسة للأطر الموضوعية والاخلاقية واساليب ( الاتكيت ) في فن الحوار وتؤيل الحديث والمقال والحوار ، وتحليل مضمون الخطاب في مكوناته وليس باسقاطات المتلقي الذي يرفض او يقبل الخطاب الاعلامي بصورة سلفية مسبقة بدون تأمل او تعمق ، واقول ذلك لانني اعرف بان البعض سيصدر حكمه على هذا المقال من مجرد قراءة العنوان أو الاسم ولا يترك مجالا للتفاهم على امل الوصول لقناعة مشتركة .ويبدوا اننا كما قلنا نحتاج الى وقت طويل لنتخلص من عقدة الاستبداد في ابداء الراي ورفض الآخر فضلا عن اننا قد ورثنا تقاليد في خطابنا اليومي السياسي والاعلامي تنتمي الى العهد الصدامي ، ولا اقول البعثي لان للبعث له منطلقات فكرية سواء اتفقنا معها او رفضناها ، لكن المنطق الصدامي يعتمد على مبدا ، اذا قال صدام قال العراق واذا قال العراق قال العرب والمسلمين والانسانية جميعا وبهذا اختصر العالم بشخص واحد وهذا هو الاساس البنيوي للخطاب الاستبدادي والذي تجسد بان تكون كل وسائل الاعلام بل وسائل الثقافة ومنابع الفكر امتدادا للشخصية المجنونة ، وهكذا كانت المانيا في زمن هتلر وايطاليا في زمن موسليني وروسيا في حكم ستالين ومازالت كوبا لكاستروا وآخرين مازالوا على قيد الحياة ، وقد تحولت وسائل الاعلام الى بوق للدعاية والتهريج والتهويل ، وكل ما مضى نجد له تبريرا في السياسة وبمستويات التطور التقني والاعلامي انذاك .
ولكن ان نكون على اعتاب العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين ونحن نمتلك فضائية تكلف ملايين الدولارات ولكل ثانية حسابها المالي والاثر المعنوي ونبقى نتصرف ونوظف الاعلام بتلك الطريقة الدكتاتورية البائسة ، فأن هذا والله قمة البؤس والتخلف ، لان هذه التكنلوجيا المكلفة بمبالغ ضخمة تستخدمها عقليات هزيلة لاتمتلك النضج السياسي والاعلامي وتتحرك مثل الدمى بيد صاحب التمويل الذي يقبض من اجهزة مخابرات معروفة وهو دمية بايديهم وليس امامه الا ان ينتقي الدمى امثاله ليقدمهم للجمهور بأسلوب ( القرقوزية ) ، وكما يقال فأن الطيور على اشكالها تقع ، فالجميع يبحثون عن التمويل والنجومية والشهرة حتى لو كان ثمنها الموقف الوطني والشرف الشخصي والامثلة كثيرة جدا و يكشف عنها النقاب ايام الازمات حيث تظهر الاصوات النشاز مصورين انفسهم إبطال ومحررين ومحللين سياسيين ومفكرين اعلاميين وتاريخهم يقول بأنهم نكرات لهم سيرة لكنها غير عطرة ولاتعبر عم موقف اصيل ونبيل بل يتلونون مثل الحرباء تاكيدا لامراضهم النفسية التي ورثوها من طفولتهم وعلاقتهم المريضة بالمجتمع والسلطة ، فهم يحاولون ان يؤكدون ذاتهم على طريقة خالف تعرف وضخم التوافه من الامور لتبدوا كبيرة ومؤثرة .
لعل ما نقوله ينطبق جملة وتفصيلا على قناة البغدادية ، فصاحبها المدعو خشلوك الذي جاء من ريف الناصرية لاندري من اين جاء بهذه الملايين من الدولارات لانشاء فضائية يكلف الحجز على القمر الصناعي مبالغ كبيرة بالدولار ، ناهيك عن المصروفات على المكاتب والمراسلين والمراسلات واستقطاب المصابين بالنرجسية وحب النجومية ، ولا نصدق بأن تجارة السكائر هي التي تجعل صاحبنا خاشلوك لاقامة هذه الفضائية والتي يدعون انها مستقلة رغم ان كل قيادتها منذ البداية كانوا برتب كبيرة ووظائف متميزة في مخابرات صدام وجهازه الاعلامي والدبلوماسي فأول مدير لها هو السفير ارشد وهو من اقطاب النظام السابق قبل إن يلتحق بالسعودية ليكون تلميذا لمخابراتها وتوجهاتها الطائفية ثم استقطب عبد الحميد الصائح الذي فشل في الادب بعد ان كان يرتدي الزيتوني ويكتب التقارير الحزبية على جيرانه واصدقائه .. يحاول اليوم ان ينجح من خلال اسلوب التهريج الصدامي الذي سئمنا منه فهو يذكرنا بالحروب الدامية وصراعات النظام مع الجيران والعالم وافتعاله الازمات وتحويل وسائل الاعلام الى ابواق لتبث البيانات بافواه اعلاميين سفلة لايمتلكون قدرة لاحترام ذاتهم واحترام وطنهم وارتضوا لنفسهم ان يكونوا ابواقا لترديد الشعارات والرقص على ايقاعات الاناشيد لوجود قضية او بدونها ، فلا نعرف ولا يعرف معنا المشاهد هل ان قضية حذاء الزيدي اصبحت من المقدسات الوطنية الكبرى وهل هي حربا جديدة مع اسرائيل لكي نصدر البيانات ونرقمها ونكرس هذه الفضائية لهذه القضية ونعدها من البطولات النادرة والشجاعة الفريدة ، وكلنا نعلم من هو الزيدي وما هو مستوى الشجاعة التي يحتاجها اي صحفي عراقي في هكذا موقف ليتصرف بهذا الاسلوب غير اللائق ، فهو لو كان يعرف بأن هذا النظام الحالي هو امتداد لنظام صدام لكان لم ولن يفكر بالقيام بادنى تصرف حتى لو كان رشق بوش بقلم صغير أو حتى بوردة لكنه يعلم ان في العراق فعلا ديمقراطية تسمح حتى للمصابين بالنرجسية والباحثين عن النجومية يعبرون عن انفسهم وذواتهم بأستخدام الحذاء .
نحن ننتقد بوش جهارا ليلا نهارا ونشجب جرائمه في العراق ونعترض على الكثير من الاخطاء في حكومة المالكي ، لكن استخدام الحذاء نراه تعبيرا عن الافلاس الاخلاقي والاعلامي ، والسقوط الاكبر منه ان تتبناه قناة فضائية خاشلوك واعوانه البعثية ، فمن اين لك عون ملايين الدولارات وكيف تفسر استقطاب ايتام صدام من المعقدين والذين يبحثون عن الشهرة فسقط عنهم اخر ما تبقى من حياء وسمعة اعلامية كان يرى فيها البعض انها تستحق الاحترام .
فهذا داود الفرحان سقط في فخ حوار الطرشان المدفوع الثمن بالدولارات الامريكية والفرنسية وهو يدعي الوطنية والمهنية ونعرف كيف كان سكرتيرا للعميد العبيدي قائد قوات الصحافة الاسبوعية ورئيس تحريره في مجلة فدائيي صدام ونعلم ايضا ان الفرحان خرج من العراق غضبان وزعلان لان شقيقه وهو ظابط كبير في مخابرات صدام قتل بعد بعد احداث سقوط النظام ليس لسبب سياسي وانما طمع اللصوص في سيارته فاردوه قتيلا ، فهرب الفرحان طالبا اللجوء السياسي في القاهرة متكئا على ملف عمالته للمخابرات المصرية كونه من مناصري جمال عبد الناصر ولاندري السر وراء كراهيته للشيعة فهم لم يقتلوا اخيه وربما قتلته عصابة من جماعة حارث الضاري ، وكذلك فان كل مراجع الشيعة قد اصدروا فتاوى ضد الانتماء الى حزب البعث ولم يصدروها ضد التيار القومي والناصري .
وهناك صوت نشاز آخر يبحث عن النجومية فوجدها في البغدادية هو حميد عبدالله الذي ضبط متلبسا وهو يسرق وثائق من المكتبة الوطنية والغريب انها كانت عن صديق داود الفرحان جمال عبد الناصر ، وكان صاحبنا ابن عبدالله ومازال يقبض الاف الدولارات منذ خمس سنوات من جريدة المشرق التابعة لعميل المخابرات الصدامية سابقا والامريكية لاحقا محمد عبد الكريم صاحب التكيات الشهيرة المعروفة بالكسنزانية ومن يجهلها فليبحث في ملف المخابرات الصدامية وفضائحها المنشورة في جريدة المدى ، ليعرف الخدمات التي قدمها أب هذه التكية واولاده ( غاندي ، ونهرو , و ملص ) ليعرفوا من هو حميد عبدالله المعارض لنظام الحكم الحالي في بغداد والمدعي انه ضد الاحتلال الامريكي ولكني اتحداه بأنه لا يحمل في جيبه ( كرين كارت ) للاقامة في امريكا ، فهل المعارضة ومعاداة الاحتلال على صدر صفحات الصحف الخليجية وفي القصة الاخبارية في المشرق وبرامج البغدادية وفي واقع الحال صديق وعميل حميم ل ( USA ) ولا نقول اكثر من ذلك ولا نحتاج ان نقدم تفصيلا ودليلا عن الجوقة الاخرى التي تغرد بدولارات خشلوك وهي ايضا مستمدة وهذا ليس سرا من مخابرات صدام والمخابرات العربية الطائفية والغربية التي تبحث عن دور لها في العراق .
واخيرا نقول ونسال كل عاقل وحكيم هل ان قضية ( القندرة ) تستحق كل هذه البيانات والبرامج وهذا الصياح والعويل ، اليس هذا تعبيرا عن ميراث الفكر الاعلامي الصدامي واجندته السياسية ، وان ما جرى بشأن (قندرة ) الزيدي يعد الحلقة الثالثة من المسلسل الذي اخرجه بأموال صدامية عربية طائفية المخرج الدموي ( حارث الضاري) وكانت حلقته الاولى ( الست صابرين الجنابي ) التي قالوا انها رمز العفة والشرف وقد اغتصبوها وتبين انها تغتصب الرجال ، فلاذوا بالصمت ، ثم جاء دور الحلقة الثانية وكانت من بطولة ضياء علاوي الكواز وهو الاصح ( ...) وهذا اللقب تعرفه الزمرة القريبو من وطبان ابراهم الحسن شقيق صدام ، عندما كان الكواز مصورا شخصيا له ثم اصبح بين ليلة وضحاها مصورا للامير الحسن ولي العهد الاردني السابق والكل يعلم ان الرجل لم يكن اكثر من مصور فوتغرافي وحين ذهب الى المانيا تخصص بتصوير الكلاب والقطط لاغراض أخراج الهوية الصحية لها ، ثم فجاة اصبح رئيسا لتحرير احد المواقع الالكترونية واستقطب كل حثالات صدام من مرتزقة الصحافة ، امثال أحمد صبري وزين الكبيسي وجلال النداوي ووليد الزبيدي وكل المنافقين الذين يلفقون الوقائع وكان اخطرها الادعاء بابادة عائلته بالكامل واقامته لعزاء كبير في قاعة الرحمن في شارع مكة بعمان ، وقد انفق عليه اموال طائلة حتى ضن البعض ان هذا العزاء لملك او رئيس دولة ، وقد حضر شخصيا لهذا المجلس كل بقايا النظام السابق والمجموعات الارهابية لحارث الضاري ، واتضح بان الامر كله افتراء وكذب بأعتراف منظمات دولية .
وسيأتي اليوم الذي ستنكشف فيه اوراق منتظر الزيدي الذي ركبته موجة تيارات ظاهرها صحيح وفي باطنها يتحرك فدائيي صدام وبقايا من المجرمين ، فالمعلن هو ضد الاحتلال لكن حقيقة الامر هو ثارات لسقوط صدام والضرر الذي اصاب اللصوص الكبار .
ان البعض عبروا عن كل هذا الاعجاب العظيم بفعل الزيدي نتيجة كما يقول احد علماء النفس انه نتيجة لما يشعرون من حالة جبن واخصاء بحكم طول سنوات خضوعهم وعبوديتهم وخدمتهم للنظام السابق فأنهم اصبحوا ينظرون لابسط الامور انها عمل عظيم .
فما الذي تبقى بعد ذلك من مصداقية لخطاب البغدادية ، فارفعوا عنها اسم بغداد الجميلة واطلقوا عليها ( الخوش لوكية ) والمصابين بداء النرجسية والذي كانت لاغلبهم اقامات وارتباطات بالدولة الفرنسية .
https://telegram.me/buratha