المقالات

مشكلة المشاكل

1504 20:57:00 2008-12-26

( بقلم : خضير حسين السعداوي )

لم يعرف التاريخ المعاصر مشكلة استعصت على الحل كما هي حالة القضية الفلسطينية هذه المشكلة التي تتجدد كل عام بل وفي كل شهر حتى عجز المجتمع الدولي بما فيه من هيأت ومحافل في إيجاد حل ناجع يرضي أطراف النزاع والذي تجذر ليصبح عداءا دائميا بين الشعب العربي والإسلامي من جهة وبين اليهود من جهة أخرى و الذين تخندقوا خلف أحلام الحركة الصهيونية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يكون منطلقا لإقامة دولة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل تحت مقولة (( حدودك يااسرائيل من الفرات إلى النيل )) لقد بدأت الحركة الصهيونية في البحث عن موطئ قدم لها في البلاد العربية أبان فترة الاحتلال العثماني وعلى يد مؤسسها تيودور هرتزل إلا انه فشل في الحصول على موافقة من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني فاتجهت الحركة الصهيونية خلال الحرب الكونية الأولى إلى الإمبراطورية البريطانية والتي كانت بأمس الحاجة إلى دعم رأس المال اليهودي ودعم الحركة الصهيونية فاستطاعت هذه الحركة أن تنتزع وعد من الحكومة البريطانية في 2تشرين الثاني العام 1917 أطلق عليه وعد بلفور نسبة إلى وزير الخارجية البريطاني في وقتها والذي جاء فيه ((( إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف والاحترام إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ))

وهذا الاعتراف الدولي الأول بالحركة الصهيونية ومشروعها في إيجاد وطن لليهود في فلسطين ومما يلاحظ على الوعد انه نسي أو تناسى أن اليهودية دين وليست قومية ومعروف اختيار فلسطين كوطن موقعها الجغرافي إضافة إلى وجود أقلية يهودية قياسا بالعرب المسلمين والمسيحيين ومنذ ذالك الوقت وبما أن فلسطين أصبحت تحت سيطرة القوات البريطانية في نهاية الحرب لذالك بدأت الهجرة اليهودية إلى فلسطين بحث وتشجيع من الحركة الصهيونية التي أخذت على عاتقها تامين وصول المهاجرين اليهود إلى فلسطين مما اشعر سكان فلسطين من العرب المسلمين والمسيحيين بخطورة الموقف أدى إلى إشعال فتيل الثورات المتتالية منذ عام 1920 مرورا بثورة عز الين القسام وأخرها الثورة الفلسطينية الكبرى العام 1936 و كان لصعود الحزب النازي في ألمانيا عام 1933 وعداءه لليهود الأثر الأكبر في هجرة مئات الآلاف من اليهود الألمان إلى فلسطين حيث سجل هذا العام والأعوام التي تلته نسبة كبيرة للمستوطنين اليهود الذين جاءوا من المانيا وكانت الحرب الكونية الثانية الفرصة الذهبية للحركة الصهيونية عندما ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية كقوة اقتصادية وعسكرية كل المؤشرات تشير إلى انتصار الحلفاء في هذه الحرب والتي تشكل الولايات المتحدة العمود الفقري لهذا التحالف فقررت الحركة الصهيونية نقل مقرها إلى نيويورك المدينة الأمريكية الكبيرة والتي توجد فيها جالية يهودية لها تأثير كبير في صنع القرار الأمريكي .....

هذا الاستعراض التاريخي الموجز لهذه المشكلة يتبين منه أن القضية الفلسطينية منذ ظهورها هي قضية ذات صبغة عالمية أي أنها لم تكن مشكلة صراعات دينية أو عرقية ولا حتى صراع قومي إنما هي صراع دولي كبير كان ضحيته الشعب الفلسطيني فظهور دولة إسرائيل إلى الوجود في أيار من العام 1948 بمباركة الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي والذي كان تعول عليه حركة التحرر العالمية ، ولهذا نجد أن ردة الفعل لهذا الحدث أي ظهور دولة إسرائيل حدوث أربعة حروب هددت السلام العالمي الذي خرج لتوه من أتون الحرب الكونية الثانية وهذه الحروب الأعوام 1948 1956 1967 1973 واثنين من هذه الحروب أوصلوا العالم إلى شفير حرب كونية ثالثة بين العملاقين النوويين تكون نتيجتها انتهاء الحضارة الإنسانية على ظهر هذا الكوكب ......

إن ما اعتقده أن تدخل الحكومات العربية إبان فترة المد القومي بقيادة عبد الناصر شكل جزء من المشكلة وليس جزء من الحل بل عقد المشكلة وأصبح الحل بعيد المنال فقد اقترح المجتمع الدولي في تلك الفترة حلول منطقية وهي بصالح الشعب الفلسطيني إذا ما قورن بما يطرح اليوم من حلول ولكن هذه الحكومات ولتبنيها عواطف الجماهير العربية التي عبأت باتجاه الحرب والتحرير دون الإعداد لتلك الحروب كان نتيجتها سلسلة من الهزائم مكن إسرائيل من احتلال مزيدا من الأراضي إضافة إلى أنها استطاعت أن تكسب عطف الشعوب الأوربية باعتبارها دولة صغيرة وسط بحر من الأعداء يحاولون افتراسها كما صورها الإعلام الصهيوني في الغرب كما أن حركة التحرير الفلسطينية والتي حملت السلاح تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية أيضا كانت جزء من المشكلة وليس جزء من الحل عندما توزعت ولاات هذه المنظمة بفصائلها المختلفة توزعت على الحكومات العربية فتجد من هو حليف إلى سوريا أو إلى ليبيا أو إلى العراق أو إلى غبرها من الحكومات مما فت في عضد حركة الكفاح المسلح الفلسطيني وافقدها استقلالية القرار على العكس من حركة الكفاح المسلح للشعب الفيتنامي الذي تزامن مع حركة التحرر الفلسطينية والذي استطاع أن يستفيد من الاتحاد السوفيتي ومن الصين الشعبية رغم عداءهم لبعضهم البعض وبقي الحزب الشيوعي الفيتنامي ولاءه للشعب وكفاحه المسلح واستقلال قراره السياسي حتى التحرير مع بعض الفوارق ، كذلك حركة التحرير الجزائرية أيضا استفادة من الدعم العربي لها دون أن تتعدد ولااتها حسب الأنظمة الداعمة لها وبقي قرارها مستقلا ......

إن ما أريد أن أقوله إن القضية الفلسطينية شكلت وجع وألام شعب طرد من أرضه ولم يسمح له في استقلالية قراره السياسي المصيري بسبب التحكم به من الخارج من قبل الأنظمة والحكومات العربية والتي هي اعجز من أن تجد الحل الحاسم لهذا الشعب بل بالعكس إنما انسحب تأثير القضية الفلسطينية على قطاعات كبيرة من الشعب العربي وما حالة الفقر والتخلف التي يعيشها هذا الشعب الجزء المهم منه هو بسبب القضية الفلسطينية والتي جعلت أبناء الشعب العربي وخاصة المجاور لإسرائيل يدفعون الثمن منذ ظهور هذه المشكلة إلى اليوم و المتمثلة في حالة الاستنفار الدائم والعسكرة للمجتمع إضافة إلى تحول اقتصاديات هذه البلدان إلى اقتصاديات الحرب والاستعداد الدائم وشراء الأسلحة والمعدات الحربية واقتطاعها من لقمة المواطن العربي إضافة إلى ذلك وجدت الأنظمة الدكتاتورية ضالتها في هذه القضية في البقاء بالسلطة تحت ادعاات التحرير وإرجاع الحق المغتصب ......

عند حدوث الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 كان أول من وصل إلى طهران رئيس منظمة التحرير الفلسطينية المرحوم ياسر عرفات وأعلن في وقتها إن العمق الإستراتيجي للقضية الفلسطينية أصبح يمتد من فلسطين إلى خراسان بعدها بعام ومنذ بدء الحرب العراقية الإيرانية أعلن ياسر عرفات وقوفه بجانب العراق وبذلك خسر قسم من الدعم العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية وكان من المفروض أن يقف حياديا لان الحرب بين طرفين مسلمين ، عندما غزى صدام الكويت عام 1990 نجد المرحوم ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية تقف إلى جانب صدام على الرغم من الدعم المشهود من قبل الكويت للفلسطينيين الذين كانوا يشتغلون في دولة الكويت بما فيهم ياسر عرفات ودعمها العلني لقيادة المنظمة ، وغيرها من المواقف المتذبذبة للقيادة الفلسطينية جعلها تفقد جماهيريتها في الوسط الفلسطيني و العربي والإسلامي مما مكن التيارات الإسلامية المتطرفة في الحركة الفلسطينية أن تتصدى لقيادة الشعب الفلسطيني و الذي دفع إسرائيل لإنقاذ منظمة التحرير الفلسطينية بالتفاوض معها كممثل للشعب الفلسطيني بعد أن كانت توصف بأنها منظمة إرهابية نكاية بالحركة الإسلامية التي بدأت بالتصاعد بعد فشل التيار القومي في الوصول إلى تحرير فلسطين كما كانوا يدعون ذلك .......

قد يقول قائل وهل هنالك حل منطقي لهذه المشكلة ؟ طرح العقيد معمر ألقذافي حلا هو شبه مستحيل وهو إعلان دولة (( اسراطين ))وتشمل الإسرائيليين والفلسطينيين وتحكم بشكل ديمقراطي . وانأ اعتقد إن الحل يكمن في وحدة الفلسطينيين والقبول بقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل كأمر واقع وتجنيب المنطقة حالة الاستنفار الدائم وعدم التعويل على شعارات لم تأت أكلها منذ 60 عاما

خضير حسين السعداوي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك