( بقلم : مصطفى كامل الكاظمي )
قل لي من صديقك أقل لك من أنت..!إحذر مودةَ ماذقٍ مزجَ المرارةَ بالحلاوهْ يُحصي الذنوبَ عليك أيامَ الصداقةِ للعداوهْ
سألني صديق عن جملة: [قل لي من صديقك أقل لك من أنت] من أين أتيت بها؟ طبعا بعد ان قدم امتنانه واعجابه بهذه العبارة لوضوح انطباقها التام على الاصدقاء..! فكان صديقي يسأل عن مصدر الجملة الشرعي، فهو متشرع ويخشى الله في تعميم حكم لم يأمر به المولى. فقلت له ان العبارة ذاتها وردت بمعان وصور متنوعة وكثيرة في مصادرنا الحديثية.من هذه المصادر موسوعة البحار وقد اخترت منها الحديث التالي: (قال النبي سليمان عليه السلام: لا تحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا الى من يصاحب، فانما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه وينسب الى أصحابه وإخوانه).ان من مزالق هذا الزمن الأغبر اننا نعرف جيدا أن فلانا أوعلانا ممن يسمى صديق وهو في الواقع خلاف ذلك،! لكننا نتمسك به لعلل كثيرة منها الحياء والخجل والمجاملة الفارغة وربما نظرة ضيقة لتأمين مصلحة ما أو دفع شر ما ولتمشية امر ما وغير ذلك .. في الوقت الذي يأمرنا القرآن الكريم ويحذرنا من الدنو والاقتراب من هذا النمط السيئ من العلاقات، ويؤكد خسارتنا واننا لن نجني من امثال هؤلاء سوى الخيبة والندم يوم القيامة، فتأمل الآية:{يا ويلتى ليتني لمْ أتخذ فلاناً خليلاً}. وقد ورد في تفسير خليلاً: صاحباً وصديقا.
الاية الشريفة هذه صريحة جداً وهي تعرض ندم من يتخذ الخونة (اصدقاء) في الحياة الدنيا، فانهم كما خانوه في الاولى سيخذلوه قطعاً وسيتخلون عنه في الاخرة.!والى هذا المعنى جاء تأكيد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله:(الوحدة خير من قرين السوء)البحار:ج77 ولكي لا نسقط في الخذلان ينبغي ان نؤسس لعلاقات سليمة، فالبناء الصحيح لا يحتمله الا الاساس السليم. فما هي اذن مواصفات الصداقة الحقيقية؟
طرق اختيار الصديق:قال الامام جعفر الصادق عليه السلام: (لا تسم الرجل صديقاً سمة معروفة حتى تختبره بثلاث: فتنظر غضبه يخرجه من الحق الى الباطل.! وعند الدينار والدرهم.! وحتى تسافر معه) البحار ج 74وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: ( في الشدة يختبر الصديق) غرر الحكم.وقال الامام الصادق عليه السلام: [يمتحن الصديق بثلاث خصال، فان كان مواتياً فيها فهو الصديق المصافي والا كان صديق رخاء لا صديق شدة: تبتغي منه مالاً، او تأمنه على مال، أو تشاركه في مكروه] تحف العقول.
حدود الصداقة:قال الامام علي عليه السلام: [لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث: في نكبته وغيبته ووفاته]بحار الانوار. وقال عليه السلام ايضا:[الصديق الصدوق: من نصحك في عيبك وحفظك في غيبك وآثرك على نفسه] غرر الحكم.أمير المؤمنين عليه السلام يحذرنا بقوله: (لا تتخذ عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك)البحار:ج77.
من هو الصديق؟الصديق من يشد أزرك وقت الشدة، فحزنك حزنه وفرحك فرحه، ويقوّمك حال الانكسار وانت تستشعر صدقه في داخلك. اما من يخذلك وقت الشدة وان تظاهر بصداقتك فهو ليس بصديق.* من خدعك متعمدا ولو مرة واحدة فهو العدو.* من لمْ يبادر لاسعاف حاجتك فلا تأمل بصداقته خيراً يوماً.* اجتنب من كان همه بطنه.* احفظ لسانك، لا تفشي سرك إلا لمن خلصت سريرته ومحّصته بالاختبار.* من الاصدقاء من يتتبع هفواتك ليطعنك بها يوما.* احذر الكذاب والنمام والبخيل فسيبيعون ودك بكراع نعجة.* اجتنب من يبحث عن الشهرة والمنفعة الشخصية في زمن التقلبات الاغبر.الخائن: من يتظاهر بإصطفائه اياك، ولما تشرح له صدراً يلتقط اسرارك إلتقاط الدجاجة للقمح، ليهتكك بها في غيابك، ثم لا يبالي ان يستسخر منك أمام الشانئين ويستطرفهم فيك.
ولله در من قال:إذا ما المرءُ كان له صديقٌ فبرُّ صديقه فرضٌ عليهِ وإنْ عنه الصديقُ أقامَ يوماً فوجه البرِّ أنْ يسعى إليهِ وإنْ كان الصديقُ قليلَ مالٍ يضيقُ بِذرْعهِ ما في يديهِ فمِنْ أسْنى فعالِ المرءِ أنْ لا يَضِنَّ على الصديقِ بما لديهِ
لا خير في صديق إن لم ينبهك إلى عيوبك، وقد قال الامام الصادق عليه السلام: " رحم الله امرء اهدى اليّ عيوبي".
في الحلقة القادمة سنتعرض للصديق المثالي
https://telegram.me/buratha