( بقلم : علي الخياط )
على عجل ودون معرفة الدوافع الحقيقية من ورائها فقد تم تنظيم والتحضير لجلسة خاصة تجمع بعض النخب الصحفية مع رئيس الوزراء السيد نوري المالكي على قضية المراسل منتظر الزيدي وبالفعل تم الاتفاق على اجتماع المدعوين في فندق المنصور ميليا،وكان منهم الصحفي والكاتب ورئيس المؤسسة ومقدم البرامج وحتى الموظف في هيئة امناء شبكة الاعلام العراقي ،ودارت حوارات جانبية بين المدعوين الذين طرح بعضهم فكرة تخويل الدكتور هاشم حسن بالحديث وعدم اعتبار قضية الزيدي هي القضية التي من اجلها يعتقد ذلك اللقاء وانما تكون ثانوية،وليتم طرح قضايا عامة تكون قضية ذلك المراسل واحدة منها.
احد الصحفيين حذر من رفع الكلفة مع رئيس الوزراء وزيادة جرعات التملق من خلال اعتبار منتظر الزيدي مجرما ويجب معاقبته وقال بالحرف الواحد ..لاتقدموا منتظر الى المذبح فهو صحفي وليس نعجة ،ولابد من التركيز على الشأن المهني،وخاصة وان منا الصحفي والكاتب والمذيع ومدير الاخبار ورئيس المؤسسة والمدافع عن حريات الصحفية.. ماحصل ان اللقاء حرّف عن مساره ودخل بعض الاعلاميين في سباق من اجل الظفر بفرصة الحديث وابداء الرأي ،وكان التملق واضحا منهم باستثناء الذين قرروا السكوت وعدّوا حضورهم بروتكوليا لأنهم يعتقدون ان القضية محسومة لجهة تحويلها الى القضاء ولاداع للخوض فيها والمزايدة عليها ،وان رئيس الوزراء لن تكون لديه قدرة على التدخل فهو لايريد ان يدخل نفسه في مشكلة مع مجلس القضاء الاعلى والكتل السياسية والمتربصين به من الجهات الاربع ،ولن يجد ابدا اية فرصة للتأثير في مجريات القضية حتى مع تأكيده على تنازله عن حقه الشخصي ،وكان ذلك واضحا من خلال تعليق المتحدث باسم قناة البغدادية عبد الحميد الصائح مساء الاثنين الماضي حين امتدح الحاضرين الذين فضلوا السكوت حيث دلّ على صمتهم على رفضهم لمهزلة التملق التي كان ابطالها عدد من الاعلاميين،الذين بدأوها بكلمة سيدي ،وانهوها بتهديد المالكي في حال عفا او ساهم في اطلاق سراح منتظر الزيدي.
الاعلاميون الذين التقوا المالكي افترقت بهم الاهواء والامزجة والاتجاهات والادلجات ،فمنهم الشيوعي والبعثي ،ومنهم الاسلامي والعلماني ،ومنهم السني والشيعي،وكان منهم من لم يتعرف على بعض المدعوين وكان ذلك لقاؤه الاول به ،ولم يكونوا بصدد التملق ،ولم تكن الاكذوبة التي اطلقها احد التدريسيين في كلية الاعلام من ان المدعوين تم تلقينهم ما كانوا يتحدثون به سوى بالون مليء بالهواء العادي اذ ان المعروف عنهم شدة وقاحتهم وجرأتهم ،لكني اتفق مع الرأي القائل بأن بعض الذين تملقوا لرئيس الوزراء كانوا يمنون النفس بمكرمة شبيهة بالتي كانوا يتلقونها من صدام، وان هذا الاستاذ الاعلامي كان يتحدث للبغدادية لآنه حانق جدا لعدم شموله بالدعوة الكريمة خاصة وانه اعلامي معروف في الحاضر والماضي..
احد الصحفيين والمعروف بتصريحاته المتوازنة اكد لبعض الزملاء ان اي مداخلة ستسجل ضد اصحابها مهما كانت وجهتها خاصة مع الانقسام في الرأي العام..لذلك نصحهم بالسكوت والاكتفاء بتوزيع نوع من الابتسامات الهادئة..ماصدر عن الدائرة الاعلامية لمجلس الوزراء صبّ في قناة المجلس ،وتحدث البيان الذي تم بثه بعد اقل من ساعة عن ادانة بالاجماع تقدم بها الصحفيون ضد زميلهم ، بينما الحقيقة كانت تقول ان عددا لايستهان به منهم كان بالضد من طروحات التحريض ودفع رئيس الوزراء لألحاق الاذى بالزيدي اخرون استغلوا المناسبة لتذكير المالكي بمسؤوليته عن حماية الحريات الصحفية ودعم الاعلام الحر..
والامانة المهنية تقتضي القول ان جميع المدعوين اتفقوا على رفض اي هدية او مبالغ مالية قد تقدم لهم ،حتى لو كانت شكلية ،ولم يتناولوا الغداء ،ولم يطلبوا حتى ماء ،اضافة الى انشغال رئيس الوزراء بتوقيع عقد مع شركة سيمنز الاملانية لبناء محطات كهربائية بطاقة 330 ميكا واط وكان وزير الكهرباء ينتظر في الغرفة المجاورة ومعه ممثلوا الشركة ،وكانت وزيرة خارجية اليابان تنتظر هي الاخرى اللقاء برئيس الوزراء ،وهي اشارة الى الاهمية التي كان المالكي يراها في حضور النخب الصحفية ..اللافت في الامر ان المالكي دعا ضيوفه ليكونوا صحفيين احرار وان يقولوا الحقيقة ،وانهم لن يسجنوا اذا عبروا عن ارائهم بطرق واضحة واشار الى استقلالية القضاء العراقي ،وانه سيكون مستعدا للقبول بأي حكم يصدره ذلك القضاء ..
اخيرا لابد من التأكيد على ان الصحفيين الذين حضروا لقاء المالكي لم يكونوا مرتبطين بالحكومة وظيفيا على الاقل..وانهم عبروا عن قناعات شخصية ،فقد تم ذكر بعض الذين تحدثوا بقسوة عن الزيدي تمسكهم بمواقفهم لأنها حقيقية ،وليست للمجاملة وعدوا تصرف الزيدي غير مقبول مطلقاً لكنهم ليسوا بصدد اصدار احكام مسبقة او اعتباره بمجرم حرب...
كل ما كتبته في هذا المقال ليس من عندياتي انما هو نتاج حوارات مع بعض الزملاء الذين حضروا اللقاء ورفضوا ان يكونوا مطبلين في فرقة بعض من يدعي القيادية في الاعلام.
https://telegram.me/buratha