( بقلم : علي عبد الهادي الاسدي )
(( لم يكن الحاج احمد .... من رجال السياسة ، أو من المشتغلين بها ، أو المتحمسين لها ، فهو لم ينتم إلى أي من الأحزاب سواء في ذلك الدينية ، أو العلمانية ، أو غيرهما طيلة عمره المديد ، كان رجلا من أعيان مدينتنا ووجهائها ، قد خبر الحياة ، وقد عركته عركا ، ففهم الأمور سواء في ذلك خباياها وخفاياها .جمعنا والحاج احمد هذا محفل خاص ، تدور بعض أحاديثنا فيه عن أوضاعنا المزرية على الصعد كافة في أيام الطاغية صدام ، وفي ذلك المحفل ، سأله بعضنا ؛ يا حاج احمد هل يكون البعثي طبيبا ، أو مهندسا ، أو شاعرا ، أو كاتبا ، او ..... ؟؟ . أجاب : نعم يكون ، وقد كان .
سأله آخر : هل يكون سياسيا ، أو زعيما ، أو رئيسا ، أو ... ؟؟ قال : نعم ؛ يكون ، وقد كان .
فانبرى لسؤاله ثالث ؛ سأله بخبث ودهاء : هل يكون البعثي إنسانا ؟؟!! .
قال الحاج احمد : هذا مما لا يكون ، ولن يكون . ذلك لكي يكون بعثيا صميميا (( كما يقول الرفاق )) عليه أن يتخلص من ثوب الإنسانية الذي أكرمه الله به ، وميزه على سائر المخلوقات . ومن ثم - والحديث للحاج احمد – يتحول إلى كائن يمشي على اثنين ليس إلا )) .
هذا مقطع اقتطعته من مقال – من يذبح العراق ... الوطنية العوراء - كنت قد نشرته على موقع صوت العراق بتاريخ 25 / 11 / 2006 . وقد أجريت عليه – المقطع - تغييرا طفيفا لا يستحق الذكر .
وحسن العلوي هذا رغم قابليته الجيدة في التحدث ، ومهارته البارعة في إيصال الفكرة إلى المتلقي ، وقلمه الثرثار في كتاباته ، لكنه مع كل هذه المهارات والمواهب التي حظي بها ؛ فانه لن يستطيع أن يصل إلى مستوى الإنسان الإنسان أما كيف ؟!
. فهذا ما أحاول الإجابة عليه .
صاحبنا العلوي رجل دأب على نزع ثيابه في كل مرة يجد أن ثوبه الذي هو فيه لا يعود عليه بمنفعة ، سواء أ كانت مادية ، أم إعلامية ، أم شهرة ، أم سمعة وصيتا .
ففي البداية لبس ثوب القومية مع حزب البعث ، فكان أن أصبح بعثيا ( صميميا ) ، ولان هذا الثوب در عليه أموالا ، وخرج به من دائرة العتمة و الضئالة إلى دائرة الأضواء ، والشهرة التافهة ، فقد ظل معتزا به ومنافحا عنه ، بل بلغ به الأمر أن كان هو أول من روج وبشر لبزوغ فجر طاغية العراق المقبور صدام في تلكم الافتتاحيات التي كتبها لمجلة ألف باء العراقية في عام 1979 ، و لقد كتبها عن قصد ووعي واختيار حر .
لذلك فإن حسن العلوي يتحمل قسطا من آثام طاغية العراق المقبور و أوزاره ؛ ولن يرحض عنه عارها ابد الدهر مهما قدم من مبررات ، تماما كما لن يرحض عارها نزعه لثوب البعث ظاهرا .
ثم راءينا العلوي معارضا للنظام البعثي بعد أن قطعت أرزاقه منه ، بل ومدافعا عن الشيعة في كتابه (( الشيعة والدولة القومية )) ، ولم يكن دفاعه في كتابه هذا عن إحساس بالمظلومية الضخمة التي تعرض لها الشيعة في العراق على مر العصور ، بل كان التأليف محاولة ارتزاقية ، ومغازلة للمعارضة أيام وجودها في الخارج .
وحسن العلوي يدعي انه رجل علماني وهو كاذب في دعواه ، لانا وجدنا الرجل العلماني لا يدخل في النقاشات التفصيلية في الأمور الدينية العقدية ، الرجل العلماني لا يؤلف كتابا عن الخلافات الشيعية - السنية ، بل لا يقترب من هذه الفضاء المعرفي إطلاقا ، كما فعل صاحبنا في كتابه الجديد (( عمر والتشيع )) .
نعم الرجل العلماني - كما سمعت الكثير منهم - يقول في مثل هذه القضايا (( نحن غير مهتمين بمناقشة هذه الأمور وأمثالها )) ، وإذن كيف أباح حسن العلوي العلماني - كما يدعي - أن يدخل معترك الشحن الطائفي البغيض ، أ فهل هو رجل دين عقائدي من طراز خاص ؟؟ . انه ليس كذلك قطعا .
إذن أين تكمن المبررات ؟ . إنها - كما احسب - تكمن في المال والشهرة والأضواء ، التي اعتاد عليها حسن العلوي البعثي العتيد ، منذ أن حصل عليها أيام لبس ثوب البعث الوسخ ، ونزع ثوب الإنسانية الرائع .
أقول : الإنسان الإنسان ؛ مبادئ شريفة ، وقيم أخلاقية سامية ، وضمير حي يقظ لا يساوم عليهما ، مهما قست الظروف ، واشتدت أزمتها ، و زادت من ضغطها ، الإنسان الإنسان ؛ موقف ثابت ، يقدم حياته فداء لمبادئه ، وقيمه التي امن بها ، بل لا يجد معنى لحياته إن هو تخلى عنها .
وليس شيء من كل هذا موجود عند حسن العلوي ، فقد وجدناه طائفيا علمانيا ، يريد إقناعنا بأنه يمتلك القدرة على الجمع بين الضدين ، وهذا ما لا يكون أبدا .
انه ليس طائفيا ، كما انه ليس علمانيا ، انه بعثيا فقط .
و البعثي البعثي - فقط - له القدرة العجيبة على التلون والانتهازية ، والميل مع الريح حيثما مالت ، و لأنه قد نزع ثوب الإنسانية ، فقد أصبح مستعدا للبس أي ثوب تمليه المنافع التافه .
وبسبب هذا الداء الخبيث الذي يصيب الإنسان عند تبنيه لمنهج البعث في الحياة ، فقد وجدناهم – البعثيين – قد تحول قسم منهم إلى أدعياء مناصرة للأحزاب والتيارات والحركات السياسية الناشطة في العراق الجديد ، وتحول – قسم منهم – إلى سلفيين تكفيريين يقتلون العراقيين بأقذر أساليب القتل و أبشعها جريمة ، ونذالة وخسة . لكن حسن العلوي البعثي العتيد بسبب مواهبه في التحدث والكتابة والتأليف سلك طريقا مختلفا عن طريق اؤلئك البعثيين الحمقى . لقد اتخذ طريق المتاجرة بمواهبه مع الذين لا يريدون للعراق أمنا ، و لا استقرارا ، المتاجرة مع آل سعود ، والدوائر الإعلامية الحاقدة على العراق الجديد ، متاجرة ارتضاها العلوي لنفسه ، حتى وان أدت إلى مزيد من سفك الدم العراقي الحرام ، والى مزيد من البؤس والشقاء للعراقيين .
نعم . لقد ارتضى لنفسه حسن العلوي أن يكون متاجرا يسعى لجمع المال ، وان كان مالا حراما مغمسا بدم الجرح العراقي النازف ، وارتضى هذه المتاجرة لأنها تفتح له أبواب الشهرة التافهة ، التي عشقها منذ أن أصبح بعثيا صميميا ، فلم يعد بإمكانه أن يكون إنسانا عراقيا حريصا على العراق وأهله . لهذا أقول البعثي البعثي لن يكون إنسانا أبدا .
علي عبد الهادي الاسدي/ النجف الاشرف
https://telegram.me/buratha