( بقلم : اسعد راشد)
شتان بين حذائين ‘ حذاء خلد في التاريخ بتلك الصفعات التي وجهها ذلك العراقي الشهم على صورة زيتية ورقية لطاغية العصر صدام بعد سقوطه وذهابه الى مزبلة التاريخ وقد نقلت المشهد في وقتها كل وسائل الاعلام العالمية وهي تبرز اهات ابوتحسين من ظلم ذلك الطاغية ودمويته ‘ وحذاء سوف يرمى في مزبلة النسيان ولم يشرف ابناء العراق الشرفاء مثل ذلك الموقف المشين من هذا المدعي بالصحفي الذي يشكك الكثيرون في دوافعه بل هناك من يذهب الى القول بان الصحفي "الزيدي" كان ضحية القناة البغدادية التي اسسها المصريون وهم اليوم يديرونها ويضعون سياستها الاعلامية بما يتماشى واجندتهم الخفية التي لا يشك العراقيون بانها مناوئة لمصالح شعب العراق العليا .كي نكون واضحين ونصل الى حقيقة دوافع ذلك السلوك المشين والاهداف التي كانت ادارة البغدادية الخفية تسعى اليها من هذا الحادث العار ونعرف لماذا هذا الصحفي اقدم على هذا العمل غير الاخلاقي وامام مرأى ومسمع اجهزة الاعلام العالمية لابد من سرد بعض اقوال المقربين للزيدي وما كان يخطط له للقيام بمثل هذا التصرف غير اللائق خاصة وان هناك من ينقل من اصدقاءه بان منتظر الزيدي على موعد لدخول التاريخ وصنع مفاجئة وهذا يعني ان الحادث لم يكن عشوائيا ولا عفويا بل هناك ثمة تخطيط مسبق ودراية بما سيحدث مع مجيئ الرئيس بوش وعقده مؤتمرا مشتركا مع السيد رئيس الوزراء المالكي في بغداد .
يقول احد العاملين في البغدادية "جهاد الربيعي" وهو زميل للصحفي الذي رمى بحذاءه صوب بوش " انه وطني متشدد كان يخطط منذ اشهر لفعلته "! وشدد الربيعي على "ان القناة التي لديها مقر في مصر مستقلة ولا ترتبط باي حزب سياسي"! وقال مصدر في القناة "ان منتظر كان يعمل لقناة الديار المحلية سابقا وقبلها في عدد من الصحف المحلية وهو (شيوعي يساري) في ميوله السياسية ومناهض للامريكيين والقوات الامريكية ومتشد في معارضته للرئيس الامريكي بوش"!
قراءة سريعة للمعلومات التي بين يدي القراء حول توجه هذا الصحفي وما ينقله عنه زملاءه في المهنة تكشف امرين :
اولا: ان مراسل البغدادية (المصرية) شيوعي يساري وله ميول سياسية مناهضة للامريكيين ‘ والمعروف ان الشيوعيين في العراق والحزب الشيوعي الذي يتزعمه السيد حميد موسى هم جزء من العملية السياسية وميولهم ليست المناهضة ولا التشدد بل العمل سوية مع بقية الاحزاب والكتل السياسية من اجل عراق ديمقراطي حر وهم اي الشيوعيون واليساريون بزعامة حميد موسى ليسوا في عداء ولا خصومة مع الولايات المتحدة ‘ وهذا يعني ان زميل الصحفي منتظر الزيدي كان يقصد بقوله "شيوعي ويساري" ومناهض للامريكيين بانه من حزب الكادر الذي يمثله في الواجهات الاعلامية نوري المرادي المعروف بتعاونه مع الارهابيين وتعاطفه مع القتلة والسفاحين من البعثيين والسلفيين .
ثانيا: ان العملية كان قد خطط لها منذ اشهر وهذا يعني ان منتظر لم يكن لوحده قد خطط لمثل هذا اليوم وهذا الحدث بل هناك جهات تقف خلفه اختارته للقيام بهذا التصرف المشين وقد كلف الزيدي لهذه المهمة مستغلة تلك الجهات رمزيته الصحفية بصفته احد مراسلي القناة الفضائية لتنفيذها .وهنا يطرح السؤال نفسه لماذا اختاروا "الزيدي" وهو شخص لو جردناه من ميوله السياسية ينتمي من حيث المعتقد للمذهب الشيعي رغم ما كشف عنه زميله بانه "شيوعي يساري" فانه من حيث الخلفية المذهبية فهو شيعي ‘ فهل لاختيار الشخص له هدف بحد ذاته ؟
المراقبون وبعض المطلعين في بغداد لا يستبعدون ان يكون الزيدي قد تم تجنيده من قبل ادارة "البغدادية" وان المخابرات المصرية لها دور في مثل هذا العمل المشين وذلك لتحقيق عدة اغراض لها صلة باجندة بعض الدول العربية وخاصة السعودية والاردن ومصر وبعض مشيخات الخليج .
الغرض الاول : اضعاف صورة الحكومة العراقية وتعريضها لحملة اعلامية غير نظيفة بهدف تشويه دورها .
الغرض الثاني: ممارسة ضغوط اعلامية وسياسية على الامريكيين لتقديم تنازلات للدول العربية بما يخدم عملاءها في الداخل العراقي ومنحهم دورا يفوق حجمهم وعددهم وقد تجلى ذلك في ردود الافعال التي صدرت على فعلة الزيدي حيث ان الاعلام قد ركز على الاحتجاجات التي قام بها الصدريون ومظاهراتهم التاييدية لزيدي .
الغرض الثالث: ان اختيار شخص "شيعي" لمثل هذه المهمة يعتقد في نظر المخابرات المصرية او السعودية او الاردنية سوف يمنح الاطراف الاخرى السنية وضعا مميزا في المشهد العراقي يبعد عنهم شبهة العداء والتطرف والنزوع للعنف تجاه الامريكيين وهذا بالضبط ما كان يسعى اليه الاعلام العربي في تبنيه لقضية الزيدي وتضخيمه وابراز الدور الاحتجاجي للصدريين فيما اختفت كليا مظاهر الفرح والاحتجاجات كل المدن السنية ومناطقها تقريبا ولم يبرز الاعلام الا صور مظاهرات الصدرية ولم ينشر شيئا عن السنة سوى خبر جانبي وباهت ودون صور عن خروج مظاهرة في تكريت ! وهو موجه في الاساس للرأي العام العربي وتغسيل عقول السنة بان ابناء جلدتهم مازالوا على عهدهم في مقاومة "الاحتلال الامريكي"!
والاهم من كل ذلك ان الاعلام العربي الذي يشمئز من شيء اسمه "منتظر" فمابالك ان كان حامله "شيعي" بدأ بـ"ثورة" غير مسبوقة في مجال الاعلام لتخليده "الحذاء" وكانه فتح مبين واعادة لامجاد التاريخ وفتوحات "خراب الدين" وتحرير "بلاد العرب" من جاكرتا الى طنجة !وهذا يعني في القراءة السياسية ان ماوراء الاكمة ماوراءها وان الهدف من هذا التهليل والتمجيد هو توجيه رسالة الى الامريكيين بان من اهانكم هو "شيعي" وان الشيعة الذين حررتموهم من نير وظلم صدام يضربون رئيسكم بالحذاء ‘ فلا غرابة اذن ان يثور الاعلام العربوي لهذا الحذاء والحال ان رؤساءهم كلهم احذية يستحقونها من قبل شعوبهم التي اذاقوها الهوان والذل واليوم يوجهون وجهتها نحو حذاء لا يشرف العراقيون به لانه بحمل موروث البعث وعرب القنادرة !
من هنا فان بعض المراقبين لا يستبعدون ايضاان يكون الزيدي قد وقع ضحية لعمل مخابراتي يقوده في الخفاء نظام عربي بهدف التشويش على المشهد العراقي والتحريض على الشيعة وممارسة العهر السياسي و ضرب العملية السياسية الجارية في العراق ‘ وقد جاء خروج الصدريين في مظاهراتهم الهوجاء وحرقهم للاعلام الامريكية ليضفي مصداقية اكثر على ما ذهب اليه المراقبين حيث بعملهم اعطوا مبررا للاعلام ليقود حملة تشويه ضد المشهد العراقي دون ان يقدموا شيئا للعراقيين وحتى لزيدي نفسه الذي بلا شك سوف يحاكم ويدخل السجن لاعتداءه على رئيس دولة بحذاءه وبطريقة غير اخلاقية وعنيفة دون ادنى احترام لا مهنته الصحفية ولا للقوانين والاعراف وسوف ينسى في مزبلة النسيان ولا يقارن حذاءه المشبوه بحذاء ابوتحسين الذي خلد في التاريخ بعد ان دخله في يوم 9 ابريل من عام 2003 من اوسع ابوابه .
https://telegram.me/buratha