( بقلم : احمد الموصلي )
حادث الإعتداء الذي وقع خلال المؤتمر الصحفي المشترك بين رئيس الوزراء العراقي والرئيس الأمريكي جورج بوش ينبغي الوقوف عنده وتسليط الضوء على كافة أبعاده عبر قراءة نقدية وتحليل موضوعي دقيق من أجل وضع النقاط على الحروف وأخذ الدروس والعبر من هذه الحادثة ورّب ضارة نافعة.سأستعرض بإيجاز أهم النقاط التي ينبغي الإشارة لها بهذا الصدد:
1- البعد الأخلاقي :يعتبر هذا الفعل منافيا للقيم العليا والأخلاق الحسنة والعادات والتقاليد التي ترّبى عليها الشعب العراقي فليس من شيمنا الإساءة للضيف وإهانته أيا كان هذا الضيف ، فضلا عن إن التجاوز الذي حصل هو إساءة لرئيس الوزراء العراقي المنتخب وإساءة للمكان وللحضور أجمع.
2- البعد المهني :
ما قام به ( منتظر الزيدي) وأتحفظ على إطلاق صفة صحفي عليه ، لايمّت لرسالة الصحافة والإعلام بصلة وهو بعيد كل البعد عن أخلاقيات وأبجديات هذه المهنة المقدسة ، بل وأساء من خلال فعله المشين لكل الصحفيين والإعلاميين الأحرار الذين يعملون ليل نهار بصدق وإخلاص من أجل الحقيقة والحقيقة فقط .
3- البعد القانوني :
من وجهة نظر القانونيين تعتبر هذه الحادثة هي إعتداء ومخالفة للقوانين والتعليمات والبروتوكولات المرعية في مؤسسات الدولة يحاسب علىيها القانون العراقي وينبغي أن يترك الأمر للقضاء فهو الجهة الرسمية المخّولة للحكم في هذه القضية وفق القانون .
التعاطي مع الحدث وإستغلاله من قبل أصحاب الأجندات الداخلية والخارجية:
أ- إعلاميا إستغّل الحادث من قبل الفضائيات المغرضة أبشع إستغلال وإعتبر مادة إعلامية دسمة للمغرضين من أعداء العراق وشعبه فاخذوا ينفثون سمومهم وأحقادهم وعملوا على إثارة الرأي العام وتأجيج المشاعر مستغلين سذاجة الهمج الرعاع والناعقين مع كل ناعق في داخل العراق وخارجه فجعلوا عبر أكاذيبهم وأبواقهم من هذا الزيدي النزق رمزا قوميا وصّوروا فعلته كعمل بطولي ، كما طبّلوا بالأمس وذرفوا دموع التماسيح على شرف الماجدة صابرين الجنابي !!!؟؟؟
ب – دخول التيار الصدري على الخط منذ الساعات الأولى لوقوع الحادثة وتحشيد قواه وإستنفارها عبر تواجد كوادره أمام عدسات التلفزة والزج بمؤيده من السواد العام في تظاهرات دعائية غوغائية لإعلان التأييد المطلق لهذه الأخلاقيات الهابطة والتصرفات المشينة والدفاع عن الزيدي والمطالبة بإطلاق سراحه ، نعم فالصدريون آثروا الإصطفاف مع القومجية والأعراب وأيتام النظام البائد أعداء العراق الجديد متجاهلين بذلك مشاعر غالبية الشعب العراقي التي تستهجن مثل هذه التصرفات السيئة والمشينة .
ج- قناة البغدادية التي ينتسب لها الزيدي فقدت صوابها وكشفت عن وجهها القبيح المكشوف أصلا لدى أبناء العراق الشرفاء وأخذ كادرها من رجالات البعث البائد وضبّاط مخابراته يرعدون ويزبدون وبدأت قناتهم ببث الأناشيد الحماسية وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها وكأنهم حققوا نصرا وفتحا مبينا .
بعد كل ماء جاء ماذا ينغي فعله؟ وكيف يجب أن تتعاطى الحكومة ومؤسسات الدولة والوسط الإعلامي مع هذه الحادثة ؟
أولا- على المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء وبقية المؤسسات الإعلامية للدولة العراقية إعادة النظر في سياقات عملها وآلياتها فلابد من أخذ العبرة مما جرى ووضع ضوابط وقوانين وسد الثغرات حتى لا تتكرر مثل هذه الحادثة .
ثانيا- على الجهات التحقيقية والقضائية التدقيق والتحقق والتحري عن خلفيات الموضوع وقراءة مابين السطور والربط بين الفعل وما تلاه من مواقف وردود أفعال محسوبة ومخطط لها خلف الكواليس من أجل معرفة الجهات الحقيقية التي تقف وراءه فالزيدي لم يكن إلا حلقة في سلسلة طويلة من المشبوهين والمتآمرين ، سيّما بعد أن تم تسريب معلومة تخطيط الزيدي لفعلتعه هذه قبل عدّة أشهر وكان يصّرح بها علنا أمام أسياده في البغدادية .
ثالثا- على رئاسة مجلس النواب محاسبة النواب الذين أقسموا على حماية العراق والحفاظ على سيادته ورعاية مصالحه العليا ، وإحترام قوانينه ، فعندما إختاروا الوقوف الى جانب هذا المعتدي والمتجاوز على القانون فهم ينتهكون القانون بموقفهم هذا ويروجون لإشاعة الفوضى والأخلاق الهابطة .
رابعا – على القضاء العراقي توفير محاكمة عادلة للزيدي وإصدار الحكم العادل والمناسب بحقه بعيدا عن أية مؤثرات ووفقا للمواد القانونية المرعية في البلاد .
خامسا – لاينبغي أن يكون العراق ومؤسساته ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية ومقرا لبورصة المزايدات المفضوحة فالشعب العراقي تأريخه يشهد له بمقاومة المحتلين ومقارعة الحكام الظالمين في سوح الوغى ( بالطوب والمكوار ) والقلم والكلمة والحكمة ولغة العقل ، أما لغة الأحذية فهي لغة شاذة وغريبة على شعبنا الأبي ، إنها لغة فئة باغية وعصابة تتلمذ ت في مدرسة عفلق وصدام ونهجت نهج الصحاف ومن لّف لفّه من أبواق النظام البائد .
سيستمر هذا الصراع صراع الحق والباطل صراع إرادة الخير والبناء والإعمار ضد إرادة الشر والهدم والتخريب وسنشهد المزيد من هذه المسرحيات البائسة وسنشهد تساقط الكثير من الأقنعة ولكن في النهاية لايصح إلا الصحيح وسينقلب السحر على الساحر و لا يحيق المكر السيء إلا بأهله .
أحمد الموصلي
بغداد
https://telegram.me/buratha