( بقلم : احمد عبد الرحمن )
تشكل انتخابات مجالس المحافظات المقبلة اختبارا حقيقيا ومنعطفا حاسما وخطيرا للتجربة الديمقراطية في العراق الجديد، فهي ربما تفوق في اهميتها وحساسيتها وخطورتها الانتخابات السابقة، لاسباب عديدة من بينها انها تعد الاولى التي سيتم على ضوء تشكيل مجالس محافظات منتخبة عبر الدستور الدائم، ومن بين تلك الاسباب ايضا انها ستكون من حيث النتائج والمعطيات حصيلة قدر متزايد من الوعي والفهم السياسي بدرجة اكبر عما كان عليه الامر في السابق، وهذا الفهم والوعي المتزايد سيتيح لفئات وشرائح اجتماعية عديدة منح وفق حسابات ومعايير مبنية على معطيات وحقائق واقعية وليس كيفما اتفق،وهذا ما يعني تزايد فرص الناس الكفوئين والمخلصين وانحسار فرص الباحثين عن المكاسب والامتيازات الخاصة وغير المؤهلين ليضطلعوا بمهام وواجبات ثقيلة تتطلب قدرا كبيرا من الاخلاص والنزاهة والقدرة والكفاءة، والسبب الاخر يتمثل في ان النظام الانتخابي الذي سيتم اجراء الانتخابات به ، وهو نظام القائمة المفتوحة، يعني ان الناخب سيمنح صوته للاشخاص المرشحين اكبر مما يمنحه لقائمة قد لايعرف العديد من مرشحيها، او قد يعرفهم لكنه لايمتلك القناعة والثقة بالبعض منهم.الى جانب ذلك كله فأن حالة الاحباط والاستياء الشعبي من اداء جهات واشخاص موجودين في مواقع المسؤوليات التنفيذية او الرقابية او التشريعية في الحكومات المحلية ومجالس المحافظات ولد ردود فعل فيها جانب ايجابي، يتمثل في الاتجاه الى التفكير بخيارات وبدائل اخرى ، وهذا امر طبيعي في كل الممارسات والتجارب الديمقراطية في العالم ، وعلى كل المستويات، وربما كانت بشكل عام الانتخابات البلدية والمحلية تفوق في اهميتها وحساسيتها من بعض الجوانب اهمية وحساسية الانتخابات البرلمانية العامة في اهميتها، لان جزء كبير من وظائف ومهام تلك المجالس المنبثقة من الانتخابات البلدية والمحلية لها مساس مباشر بأوضاع الناس الحياتية اليومية، فضلا عن ذلك فأن انتخابات مجالس المحافظات القادمة ستكون بمثابة الصورة الاولية من حيث نتائجها ومعطياتها للانتخابات البرلمانية العامة التي يفترض اجراؤها في اواخر عام 2009 او بداية عام 2010، وهذا يعني انها بقدر ما تفضي الى مجيء اناس مخلصين وكفوئين ونزيهين الى مواقع المسؤولية وخدمة ابناء الشعب، بقدر ما تضع اسس ولبنات اخرى جديدة في مسيرة العراق الجديد.
https://telegram.me/buratha