جدل طويل عريض يدور هذه الايام وقبلها في اروقة الشوارع السياسية العراقية وعلى بسيطة الاعلام الطويلة العريضة وتدور اليوم رحى معارك طاحنة من اجل الدعاية الانتخابية وتصرف الاموال والتحركات والعلاقات العامة من اجل كسب الاصوات وكل هذا وذاك حق مشروع كفله الدستور والقانون وما اجمل الديمقراطية واحترام خيارات الشعب واختياره الحر الكريم ..
علمتنا التجارب ان هناك الكثير من الشعارات تطلق قبيل الانتخابات في كل مكان وحينما ياتي وقت الجد والعمل فيما بعد وتكون الشعارات تلك في مهب ريح الفساد والكذب وعدم المصداقية تبدأ حين ذاك نوبة الندم والحزن ويعيش الناخاب حالة من الصراع النفسي تترك اثرها على ادائه ومستقبله وحاضره ..اعتقد ان هناك ثمة خلل ان لم نعمل على تثقيف الشارع على كيفية الاعتراض والتصويب والانتقاد البناء وكيفية انتزاع الحقوق واجبار الحاكم والمسؤول على الرضوخ للمطالب وفق اسس علمية وانسانية بعيدة عن العنف والتخريب فاننا سنكون امام حلقة مفرغة من الاوجاع المستمرة لن نجني منها سوى المزيد من الخراب والتخلف ..نريده عراقا جديدا بكل ما للكلمة من معنى ولكي نكون كذلك على الجميع التحرك وفق اسس وضوابط وقواعد ان لم نلتزم بحدودها فمن المستحيل نيل مانتمنى ونطمح ..
ان فن المعارضة المؤثرة والمبنية على اسس وثقافة علمية رصينة بعيدة عن مزايادات التسقيط يستخدمها البعض للنيل من الخصوم لا للانتاج والتصحيح لهو مذهب مرفوض رفضا باتا بينما المعارضة البنائة والمقدمة للبدائل الناجحة انما هو ما نحتاجه في عراق اليوم ولكي تكون صورة ملائمة مع واقعنا العراقي علينا ان لانغفل الارث المتراكم من الاخطاء والسلبيات تعتري الشارع العراقي اليوم , وعلينا التعامل مع هذا الواقع بتدرج مدروس ونحتاج في هذه المهمة المصيرية الى كوادر كبيرة تبدا من التربية البيتية والمدارس والمساجد ومراكز التجمعات المختلفة وغيرها وحتى حديث المنتديات الخاصة والعامة وللاعلام هنا الدور الاكبر والاول في ايصال هذه الثقافة الهامة للمجتمع .اقولها وبقوة ليس المهم من ننتخب بل المهم كيف نجبر من ننتخب على حسن الاداء ؟ وكيف نجبره على قبول الحساب والعقاب .
سؤال مهم اطرحه للنقاش وادلي برايي المتواضع هنا واقول علينا ان نشحذ الهمة على ترسيخ ثقافة المتابعة والرقابة على المُنتخب والمسؤول والحاكم ومن اعلى المستويات ومسائلته على ماقدمه على ارض الواقع مقارنة مع ما استعرضه من برنامج انتخابي ونلزمه بما الزم نفسه به ولكي نكون دقيقين علينا استعراض الوسائل الدستورية الفعالة المكفولة لاي مواطن كحق شرعي ونتحرك وفقها لكي لانخطئ ونتعامل مع الخطاء بالخطاء ذاته ويكون الاثنان في خانة واحدة من القيمة اللاحضارية .. في كل ما اقوله هناك قاسم مشترك يجب ان نستخدمه اليوم و بقوة وعلمية وحكمة لاي تحرك ونشاط الا وهو الاعلام الموجه والذكي المغطي والفاضح للسلبيات ولكل نشاط من هذا القبيل والبعيد عن الحزبية الضيقة والمستقل الا من حب الشعب والوطن والخير لهما ..علينا ..........
اولا : استخدام الحق القانوني والملاحقات القانونية عبر الشكاوى المدروسة وفق الية ترعب من تسول له نفسه التلاعب بمصائر الاخرين وان يكون اهم اعتراض نمارسه اليوم على القضاء الظالم الذي ترك المفسدين دون عقاب ناجع حيث لم نسمع عن احكام رادعة للمفسدين والمجرمين بحق وطنهم والشعب وبعدها نتوجه للمسؤول ونرغمه على القبول بالمثول امام محكمة الشعب لنيل جزائه على الفساد ونيل حقه على العطاء والانتاج الخير .
ثانيا : استخدام حق التظاهر السلمي الموجه لنقطة معينة وخلل كبير وهام قصر فيه المسؤول ولم يقدم من خلال عمله ماهو واجب عليه وعلينا ابتكار اساليب وشعارات وطرق معبرة وبسيطة توضح الحقيقة مع جلب الادلة لعرضها امام الاعلام لكي تكون المصداقية هي المحرك الاساسي للعمل والاعتراض وان نثقف الشارع على هذا المظهر الحضاري ولاضير من ان تكون الكمية نوعية قليلة حينما تكون ذات مداليل قوية ومؤثرة وكمثال اسوقه هنا احتجاج احد الشباب امام ساحة الفردوس حاملا علم العراق منذ فترة لان الامريكان دهسوا عربته الخشبية ولم يعوض عليها وغطى الاعلام حالته رغم ان الحل لم يحصل لمشكلته البسيطة ولكن العبرة التي تركها هذا المحتج بمفرده تركت لنا درسا في كيفية ايصال الصوت حتى لو كنت واحدا لا اكثر ...
ثالثا : تكثيف النشاطات المدنية والندوات التثقيفية للمجتمع المدني وجعلها في جاهزية دائمة للتعاطي مع الفساد والتقصير وشحذ الهمم واختيار النشطاء الشجعان ذوي الكفاءة والمروءة والنخوة ليقودو تلك المهام الاحتجاجية التي لاتقل اهمية عن أي عمل اخر خصوصا ونحن في مرحلة مصيرية انتقالية نتمنى ان نعبرها بسلام وخير .
رابعا : اجبار الكتل المتصدية لحمل المسؤولية على عرض برامج خاصة ضمن برامجها الانتخابية تعترف من خلالها بحق الشارع وعموم الشعب محاسبتهم والاعتراض عليهم دون المساس بحقوقهم وملاحقتهم وان يصار الى تعميم هذه الحقوق علانية وتسجيلها من قبل النشطاء وعرضها اثناء الاحتجاج السلمي والمحاسبة فيما بعد لتكون ملزمة قانونيا واخلاقيا للجميع المسؤول والشارع .
خامسا : استخدام التقارير المتواصلة والمصورة وعرض الحقائق الدامغة وجعل الوثيقة والصورة مجال مقارنة بين ماقيل ومانفذ وعلى سبيل المثال اذا طرح المسؤول في برنامجه انه سياتي بالكهرباء والخدمات الهامة المفقودة الاخرى للمدينة في مدة عامين كمثال واتى عام ونصف ولم نجد هناك حتى اساسات لتلك المشاريع علينا تسجيل هذا التناقض واستخدام الدليل الصوتي قبل الانتخابات والدليل على الارض فيما بعد ولايحتاج الامر سوى رابط بسيط بالتسجيل الصوتي يعرض في الاعلام مع صور للحال الواقع وترك الامر للقانون ومن هو اعلى سلطة منهم لازاحتهم ومحاسبتهم وان لايترك الاحتجاج حتى زوال المتبب في الفشل والفساد .
سادسا : على المسؤول المنتخب والمحافظ والمدير العام وغيرهم ان يلتقي وعلانية وعلى الهواء والفضاء مباشرة مع الشارع البسيط والصحافة والاعلام والمعترضين اسبوعيا او في فترات محددة كان تكون كل عشرة ايام او كل شهر مرة يلتقي من خلالها من يقول لا وليس المطبلين والنفعيين والمتحزبين وفق برنامج ثابت تقره جميع الاحزاب وتجبرهم على الموافقة عليه لتكون الانتقادات البنائة علنية ولكي يحفظ حق المعترضين بان تصان حياتهم عند احتجاجهم للتخلص من ثقافة التغطية وعدم الشفافية وان تكون الندوات تلك تدار من قبل متخصصين شجعان وعبر اعلام نزيه بعيد عن الحزبية والمحابات لهذه الجهة اوتلك .
سابعا : وضع المسؤول امام خيارات التنازل عن السلطة وترك المنصب للاكفأ منه او اعطائه فرصة محددة بوقت لتلبية المطالب المشروعة وان يؤخذ منه تعهد خطي ملزم وامام الاعلام عبر برامج نشطة تستطيع الفضائيات ووسائل الاعلام ايجادها وبالتالي سنجعل المسؤول في موقف يجعله امام خيارات النجاح او الفشل والفضيحة وتثقيف الجميع على الية جديدة قوامها ان الفاشل لامكان له بعد اليوم في العراق الجديد وان الشارع سيراه ويعرفه وسيعريه وسيفكر مليون مرة قبل انتخابه وحزبه مرة اخرى وهو الامر الذي سيجعل الاخرين في حذر من اغضاب الشارع والتقصير معه .
ثامنا : تفعيل القوانين الصارمة وملاحقة المشرعين بالزامهم بايجاد تلك القوانين التي تشجع المواطن ومنظمات المجتمع المدني لتطالب بدستورية وقانونية متحظرة بحقوقها المشروعة .
تاسعا : اشاعة ثقافة ان لانقول شكرا لواجب او ان نقول احسنت نفاقا ومحابات وان نثقف الشارع ان المسؤول هو موظف يقبض راتبا على عمله وماينتجه ولامنه له على الشعب وان الشعب هو المالك لكل الخيرات مسؤولية المسؤول تنظيمها وايصالها كخدمات وانتاج الى الشعب والوطن من دون أي منه او فضل . .
عاشرا : علينا تثقيف السياسي والمسؤول انه حينما يعتلي منصبا ما فان هذا المنصب انما هو كرم من الشعب له وانه مدين للشعب بهذا الاختيار وعليه ان لايجعله المنصب في تيه وعٌجب وان لايعتقدن ان العصمة قد تلبسته واصبح خارج مدى النقد وعليه ان يعلم انه خادم للشعب لامن جيبه يعطيهم انما هي خيرات الله والارض وهو واجب منوط به عليه ان يؤديه باخلاص وكفائة وعليه ان يترك مكانه لمن هو افضل منه بنفسه فانه سيرتفع في اعين الناس فيما لو بقي مصرا على العزة بالاثم تلبسته لن يجني منها سوى اللعن والشتم والتاريخ الاسود وعليه ان يعرف ان من يجب ان يحترم وبستمع اليه انما هو ذوي المروءة حتى من بين اعدائه وخصومه حينما يهدوه عيوبه المفروض ان يتجنبها ويغير من سوء حاله وعليه قول ماقاله الشاعر :عداي لهم فضل علي ومنـــــــــة * فلا قطع الرحمن عني الأعاديا هموا بحثوا عن زلتي فاجتنبتها * وهم نافسوني فارتقيت المعاليا
فكيف يكون الحال وا من ينتقده اليوم هم اهله وناسه ومن انتخبوه اتو ليحاسبوه على مصائر اجيال قادمة ومعاصرين ممتحنين بشتى المحن .. ببساطة نحتاج الى شجاعة في التصدي للاخطاء وان نحسن انتاج الاعتراض على الاعمال السيئة والخدمات الغير جيدة والاداء البالي والفساد واعترف ان التناحر السياسي والمؤامرات الداخلية والخارجية تعيق بعض الجهود من الكشف عن الاخطاء وان المخاض السياسي والتحول في العراق لما يزل يجعل الكثيرين في ابتعاد عن كشف كل مايعرف وهنا يستغل المفسدون هذه الحالة ولكنها حالة لن تدوم للابد فعملية الفساد اشد فتكا من الارهاب ذاته وحربها لاتقل اهمية اليوم من تلك الحرب الشرسة على الارهاب التكفيري البعثي الارهابي ونتمنى ان يعي الشارع العراقي ان ثقافة الاحتجاج السلمي العلمي و المحاسبة وتفعيل العقاب اهم من أي شئ اخر ومن ننتخب رغم ان اختيارنا وفق اساس الشرف والنزاهة هو السبيل الافضل خصوصا ونحن امام شارع كالشارع العراقي تركت غالبيته للجهل والتخلف والامية ردحا من الزمن أنا لهم معرفة السئ من الجيد وخصوصا ان هناك ثمة لا اخلاقية في التعامل معه خصوصا حينما تزرع بذور التحريض على انتخاب هذا وذاك وفق الية الرشوة او الكذب او او وما نراه ونطلع عليه على الساحة شئ مخجل لايمت للوطنية والاخلاق بصلة وحينما تكون النخب فاسدة لاتعير للحق إلاً ولا ذمة , كيف لنا ان ننتظر من البسيط الجاهل انتاجا وعطاءا وعملا وانتخابا للسليم ؟ وكيف لنا ان نتوقع انه سيحسن الاختيار ؟ واقولها لمن يعول على الكثرة الغثاء دون النوع انك ستفوز حتما في الانتخابات ولكنك لن تنتج خيرا فمن ينتخبه كم جاهل او غير واعي يكون قد الزم نفسه بانه اختيار غير صالح ولرب تزكية من عالم فاضل خير من مليون صوت جاهل ..
علينا اشاعة ثقافة قول الحق وتغذية الجيل الجديد بثقيل الجهد الخير عبر وسائل متعددة اهمها المدرسة والبيت والمربين لان هناك اليوم وهو نتاج حقبة الظلم والطغيان شارعا عريضا بعيدا كل البعد عن هذه المدرسة الاخلاقية الجميلة و ان لم ننتبه لتثقيفه وتاديبه كما يجب فلن نستطيع حتى ان نحلم بعراق فيه مايطمح اليه الاخيار والشرفاء ولنعلم ابنائنا من مدرسة " يا بني اجعل نفسك ميزانا بينك وبين غيرك، فاحبب لغيرك ما تحب لنفسك وأكره له ما تكره لنفسك ولا تَظلم كما لا تحب أن تُظلم وأحسن كما تحب أن يحسن إليك ."
احمد مهدي الياسري
https://telegram.me/buratha