( بقلم : قاسم المرواني )
ضمن السطور التي يسجلها التأريخ على مر صفحاته هي انبثاقة رجل أو أمة أو مَعْلم من معالم الثروات الطبيعية لكى تأتي الأجيال لتقتدي بتلك الرجال وتلك الأمم وتلك المعالم لتؤصلها وتعمل على تعميقها والاستفادة منها ايما استفادة ومن تلك المنابع التي برزت في قرن المتغيرات والتطورات السياسية في المجتمع الدولي والاقليمي ذلك هو السيد محمد باقر الحكيم شهيد المحراب (رض) الذي سلك بحياته منعطفين هما العلم والسياسة.
فكانت انطلاقة شهيد المحراب منذ صباه حيث دأب على الدخول بطريق العلم والمعرفة فكانت الحوزة العلمية تضلله وهو ابن الثانية عشر حيث المبتدأ في طريق نهل واكتساب اللغة الحوزوية والالفاظ العلمية وملازمة علماء الدين في الحوزة العلمية فكان المنطلق المنهل والمكتسب من بيت العلم والمعرفة في مجال الفقة والتشريع الاسلامي ، فكان حينها متميزاً يشار اليه بالبنان .
ولم يقف شهيدالمحراب {رض}على معترك الحوزة الدينية فقط اجتاز ذلك بدخولة معترك السياسة الذي أصبح المنعطف الثاني في حياته المليئة بالكثير من المنابع، فكان يوازن بين العلم والفقة والسياسة في كل المجالات التي ينطلق منها قائداً دينياً وسياسياً وموجهاً ، فكان محط أنظار السلطة العفلقية في العراق لمراقبة تحركاته الدينية والسياسية والتي كان يرفض فيها حكم الدكتاتورية والجور واضطهاد الأبرياء من العراقيين ، فكان السيد محمد باقر الحكيم رافضاً ظلم واستكبار واضطهاد اجرام البعث ومدافعاً عن حقوق العراقيين آنذاك حتى تم أعتقاله من قبل النظام الفاشستي وايداعه السجن ومن ذلك الوقت بدأت مرحلة المعترك السياسي تتحرّك على خطىً علمية رصينة وخزين مما اكتسبه من الحوزة الدينية فكوّن خطاً جهادياً مشتملاً من آل الحكيم والمقربين الذين نهلوا من منهاج الحوزة العلمية .
وما إن اطلق سراحه من الاعتقال للمرة الثانية حتى كانت بداية انطلاق مرحلة جديدة من العمل السياسي والجهادي العلني بعد أن هاجر الى الجمهورية الإسلامية في إيران واصبح له من الاتباع والمنخرطين في سلك الجهاد الكثيرون ولم يقتصر الأمر على أسرة آل الحكيم الذين قضوا معظمهم شهداء في العراق تحت وطأت جلاد بغداد ،فقد كانت النقطة البدائية التي تكونت منها نواة المعارضة العراقية رغم ظروف ومأساة الإغتراب إلا إنه استطاع في وقت قياسي ان تكون له شعبية في اوساط العالم السياسي من خلال خطاباته وتوجيهاته للشعب العراقي المظلوم والمضطهد ،فكانت تلك المرحلة من مراحل العمق التاريخي المفرح بتوطيد البذرة ضد طاغوت العراق والمحزنه بنفس الوقت حيث التشرّد من الوطن والغربة.
وما أن خط التأريخ في أعماق صفحاته مسيرة رجل الساحة حتى تسارعت الأحداث وازداد الميل في انقلاب المعادلة السياسية في العراق بعد فصول دامية من المعاناة والقتل والاضطهاد ،،،، فانهارت دكتاتورية صدام ، وانهارت اسطورة البعث الفاشي وعادت المعارضة العراقية وعاد سماحة السيد الحكيم الى أرض الوطن حاملا معه هموم ثلاثه عقود من الجهاد والمسيرة ،عاد مقبلاً ارض بلاد الرافدين ، أرض المراقد المقدسة والأعلام الزاهية، عاد الحكيم إليك أيها الوطن بأهازيج المستقبلين لتمتزج دموع الفرح والحزن معاً فما كان من شهيدالمحراب إلا أن أعاد نفسه الى المربع الأول الذي خرج منه وهو مربع العلم والحوزة الدينية ويسلّم جهد ومسيرة ثلاث عقود الى الشعب العراقي ليكمل المسيرة التي بدأها أول مرة لينزل ويعانق الشارع العراقي ويتعايش معهم فاخذ مواضباً على صلاة الجمعة في ضريح الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام وبذلك كان الأجل أسرع والإرهاب ابخس ليقوم بتفجيره في جمعة دامية لتكون دماء السيد الحكيم مداداً للقلم وسجلاً للتاريخ الذي يروي قصص العظماء.
https://telegram.me/buratha