بقلم | داود نادر نوشي
مازالت الكثير من الامم والشعوب ولاسيما في دول العالم الثالث، تعاني من تسلط وقمع الانظمة الديكتاتورية ، ومحرومة من حقوقها السياسية في الترشيح والانتخاب، وباتت ممارسة هذه الحقوق من الاحلام والاماني التي لن ولم تتحقق على المدى المنظور، على الرغم من أن هناك اكثرمن بليون انسان يمارسون هذا الحق في الطرف الاخر من العالم ، وفي الولايات المتحدة وحدها هناك نصف مليون مسؤول يصلون الى مناصبهم من خلال الانتخابات .والعراق والى الامس القريب كان في طليعة هذه الدول التي عانت ويلات ومأسي الطغيان والدكتاتورية على يد أبشع نظام حكم شهدته المنطقة برمتها ألا وهو نظام البعث الفاشي الذي حكم العراق بالحديد والنار لمدة 35 سنة ،تحول خلالها العراق الى دولة فقيرة ومنهارة أقتصاديا وسياسيا ، من خلال الحروب والمغامرات الطائشة التي كان يشنها النظام البائد ورئيسه المقبور.
واليوم وبعد سقوط النظام، وبداية الحياة السياسية الجديدة التي تتيح لنا وبكل حرية ممارسة حقنا في الترشيح والانتخاب، والمشاركة في صناعة القرار، من خلال ثورة بيضاء عارمة يتجه الكل للمشاركة فيها، حيث صناديق الاقتراع ، تاركين خلف ظهورنا زيف شعارات القائد الضرورة ، والحاكم الاوحد الذي يخرج من جنح الظلام لينصب نفسه رئيسا مدى الحياة .لذا فأن هذه الانتصارات الكبيرة المتحققة تستحق منا كعراقيين أن نعطيها القدر الكافي من الاهتمام والمسؤلية بعد هذه السنين الطوال من التهميش والاقصاء .
وبما ان الانتخابات ركن أساسي ومهم للديمقراطية فهي بذلك تكون من أرقى الممارسات التي من خلالها نستطيع ان نبني دولة المؤسسات ونثبت ركيزة اساسية ومهمة في طريق المجتمع الديمقراطي الذي ينشد تطلعات أبنائه في تحقيق العدالة والمساواة . ويشهد العراق في الاسابيع القليلة القادمة تجربة أخرى في ممارسة الانتخابات ، ألا وهي انتخابات مجالس المحافظات وهي التجربة الثانية لانتخابات الحكومات المحلية بعد انتخابات عام 2005 .ومن الان تتوجه انظار العراقيين والعالم الى هذا اليوم الذي فيه يذهب المواطنين الى صناديق الاقتراع لأختيار ممثليهم في المحافظات . ولكي نستفيد من ألاخطاء التي وقعت في الماضي، علينا أن نكون متحررين من عقد الطائفية والفئوية والحزبية فهي التي تجعل عدالة الناخبين على المحك فلا تكفي نزاهة الانتخابت في مثل هذه الامور، ولكن المهم العدالة في الاختيار لأن صوت الناخب أمانة وعليه ان يضعه في مكانه الصحيح ، حيث الكفاءة والنزاهة وحب الوطن هي المقياس الاول والوحيد في الاختيار.
وبما اننا في عملية تحول ديمقراطي ، لذا فأن الانتخابات هي المعيار الحقيقي لهذا التحول . وللانتخابات وظائف عدة كما يعرفها الخبراء منها تجنييد السياسيين ، واختيار الحكام والنواب ، وتعليم الناخبين ، وأعطاء الشرعية للحكومات ، ومن أجل كل ذلك على الناخب العراقي ان لايستهين بالمهمة الملقاة على عاتقه والتي فيها يكون هو المصدر للسلطة .
وعلى الحكومة والقائمين على الانتخابات السعي الجاد من اجل تكون هذه الممارسة على قدر كافي من النزاهة والشفافية ، وللناخب الحرية المطلقة لاختيار من يراه مناسبا .ان الحراك السياسي الذي نعيشه اليوم، والذي يتبلور من خلال المشاركة الفاعلة لكل الاطياف العراقية في التنافس على مقاعد مجالس المحافظات لهو دليل وعي وحيوية المجتمع وكذلك صحة المسار الذي تسير من خلاله العملية السياسية .وأن الانتخابات القادمة هي امتحان كبير ومهم من أجل تصحيح الخروقات التي واكبت الانتخابات الماضية وكذلك فهي تفتح المجال واسعا للكفاءات من أجل الوصول الى مركز القرار لأعانة المواطن الذي ينتظر منهم الكثير .
https://telegram.me/buratha