( بقلم : مصطفى كامل الكاظمي )
بسم الله الرحمن الرحيم" إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" المائدة/ 55
للوهلة الاولى تبدو لنا العمومية في المدلول ونحن نرتل آية الولاية المباركة، شمولية مفردة الولاية وعدم تخصصها بشخصية محددة، خاصة وان بيان مفردات الاية الشريفة كمفردة: لفظ الجلالة (الله) والرسول والذين أمنوا، اقامة الصلاة، ايتاء الزكاة... تتأتى في سياق الفهم العام، الا ان مفردة " الركوع " هنا في ذيل الاية بـ :(وهم راكعون) هي ما لوت أعناق رجال الاسلام ومفسري القرآن منذ زمن يعود الى ما بعد عصر الخلفاء الثلاثة، فتوقفوا ملياً عندها وعند مدلولاتها وبلاغة ولوجها الزماني والمكاني في الاية.هنا يطرح التساؤل نفسه بقوة عن الضمير(هم) ثم لمَ لمْ تأت المفردة ان كانت وصفاً-كما يزعم البعض- هكذا: الراكعون أو الساجدون او الركّع السجود؟ كما وردت في موطن الاشادة والتعريف بصفات المؤمنين او المصلين في العديد من آيات القرآن الكريم!لأجل معرفة المقصود بـ " وهم راكعون" يجدر الوقوف عند رؤى قاصرة او منحازة استلت معها قطاعاً منا الى مبتنياتها العقيدية التي بدورها انسحبت الى تفسير وتأويل للقرآن وفق ما يتناغم واعتقاد هذه الرؤى، فهناك رأي يمثل واجهة كبيرة في مدرسة الصحابة وربما دخل في رأيهم شتات من التشيع ايضا، هذا الرأي خالف حتى المشهور من اقوال رجال مدرسة الصحابة انفسهم فيما يتعلق بإنتساب الاية الشريفة ونزولها بحق امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، وهذا التبني اضحى الخيار الاوحد لجمهور الاكثرية من فرق المسلمين، ويستخدم اجندة واسعة ومؤثرة إعلاميا وسياسيا اليوم.
اجمالا فان هذا الرأي المخالف يشكك بولايته عليه السلام، بل يرفض بصورة قاطعة فكرة ان الاية نزلت في علي عليه السلام، وعللوا رفضهم بالنقاط التالية:
الاولى* خطأ إستدلال الشيعة باية الولاية على إمامة علي قبل أبي بكر وقبل عمر وقبل عثمان: [ ووجه الدلالة في سبب نزول هذه الآية، فالآية عامة لا يوجد فيها أي ذكر لعلي بن ابي طالب، والشيعة يزعمون أنّ علياً كان يصلي فجاء سائل يسأل الناس فلم يعطه أحد شيئاً، فجاء إلى علي وهو راكع فمد عليّ يده وفيها خاتم فأخذ الرجل الخاتم من يد عليّ رضي الله عنه فأنزل الله جل وعلا الآية، ويقولون" ويؤتون الزكاة وهم راكعون" هم واحد وهو علي بن أبي طالب. وهذه الآية أو ما تسمى عندهم بآية الولاية هي أقوى دليل لديهم بهذه المسألة. لكننا نجد بطلان قول الشيعة جلياً من خلال:" قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ " كما ثبت عندنا نحن اهل السنة قول الرسول المصطفى" إن في الصلاة لشغلاً "متفق عليه..فكيف ينسب إلى علي أن يشتغل بإخراج الزكاة وقت الصلاة].
الثانية * الأصل في الزكاة: أن يتقدم بها المزكي لا أن ينتظر الفقير يأتيه ويطلب منه هذه الزكاة، فهذا لا يُمدح وإنما يُمدح الذي يعطيها إبتداء.
الثالثة * إنّ الزكاة لم تجب على علي لانه كان فقيراً!! وقد امهر فاطمة درعاً، فهو لم يكن ذا مال، وما كان يملك حتى شراء خادم.الرابعة * ليس في هذه الآية مدح لمن يعطي الزكاة وهو راكع، إذ لو كان الأمر كذلك لقلنا للناس أعطوا زكاة أموالكم وأنتم في الركوع.الخامسة * في الاية ذكر إقامة الصلاة لا ذكر أدائها " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ (ثم وصفهم)الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ. وإقامة الصلاة تختلف تماماً عن أدائها وذلك أن إقامة الصلاة هي أن تؤدى بكمال شروطها وأركانها وواجباتها بل ومستحباتها مع حسن وضوء وحسن خشوع.
السادسة * وَهُمْ رَاكِعُونَ، ليس له دخل في الصلاة أصلا وإنما الركوع هنا بمعنى الخضوع لله جل وعلا كما قال الله عن داوود عليه السلام {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ 24 }. أي خاضعاً فالركوع هو الخضوع. وقوله تعالى عن مريم عليها السلام" يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ" أي إخضعي مع الخاضعين. فيكون المراد من" الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" أي وهم في كل أحوالهم خاضعون لله تعالى..
السابعة * سبقت هذه الاية ايات ثلاث: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" فنهى الله جل وعلا المؤمنين أن يتولوا اليهود والنصارى الثامنة * يتمسك اهل السنة بحديث يعتبرونه حسن الإسناد في أن سبب هذه الآية هو قصة وقعت لعبادة بن الصامت وذلك أن عبد الله بن أُبي بن سلول شفع عند النبي المصطفى لبني قينقاع، لما أراد النبي أن يقتلهم فتركهم له النبي، فأراد إخوانهم اليهود من بني النظير أن يشفع لهم عبادة بن الصامت كما شفع عبدالله بن أُبي بن سلول لإخوانه اليهود فرفض عبادة رضي الله عنه أن يشفع لهم عند الرسول، ولذلك عدّ عبادة بن الصامت من أصحاب بيعة العقبة ومن المؤمنين وان عبد الله بن أبي من المنافقين بل رأس المنافقين. فكيف يصنع عبادة بن الصامت كما صنع عبد الله بن أبي بن سلول، فرفض الشفاعة لهم فأنزل الله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء...(الى) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ"فالآيات تتكلم عن ولاية المؤمنين بشكل عام ولا تتكلم عن قضية رجل تصدق بصدقة وهو يصلي. واكثر من هذا نقول: يستطيع كل أحد أن يدعي مثل هذه الدعوى فيأتينا شخص فيؤلف حديثاً مكذوباً على طلحة ويقول إن طلحة تصدق وهو راكع إذاً هي في طلحة !!ويأتينا ثالث ويقول هي في الزبير ورابع يأتينا ويقول هي في خالد...وهكذا فلا تنتهي هذه القضية، وحتى لو قلنا أنها نزلت في علي- تنزّلا وإلا هي لم تنزل في علي، أين الخلافة؟ وأين الولاية ؟ فاذا قلنا إن الله حاكم وخالق الخلق ورب العالمين ... أين الخلافة ؟وهناك دعاوى وجدتها للشيعة في المراجعات يحاولون فيها التلبيس على الناس يقولون:أجمع المفسرون على أن هذه الآية إنما نزلت في علي حين تصدق راكعاً في الصلاة. ويزعمون أن هذه المراجعات تمت بين عبد الحسين شرف الدين الموسوي والشيخ سليم البشري رحمه الله ( شيخ الأزهر في ذلك الوقت )، وهذا لا شك أنه كذب في زج إسم الشيخ سليم البشري في هذا الموضوع وهو منه براء.
التاسعة * الزكاة بالخاتم لا تُجْزئ، لان الزكاة بالدراهم والدنانير، وأما إن يتزكى بالخاتم فإن هذا لا يجزئ أبداً.العاشرة* أقوال المفسرين في هذه الآية منهم:إبن كثير: وَهُمْ رَاكِعُونَ، فقد توهم البعض أنها في موضع الحال من قوله " يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ" يعني أنهم يؤتون الزكاة والحال أنهم راكعون- حتى أن بعضهم ذكر هذا أثراً عن علي بن ابي طالب أن هذه الآية قد نزلت فيه وأن مرّ به سائل في حال ركوعه فأعطاه خاتمه. ثم ذكر بن كثير ضعف رواية أنها نزلت في عليّ وقال:ليس يصح منها شيء بالكلية لضعف أسانيدها وجهالة رجالها.الرازي في تفسيره يقول: - بعد أن ذكر كلاماً طويلاً في إبطال القول في أنها نزلت في عليّ ولو كانت هذه الآية دالة على إمامته لأحتج بها في محفل من المحافل، فإنهم ينقلون عنه أنه تمسك يوم الشورى بخبر يوم الغدير وخبر المباهلة في جميع فضائله ومناقبه ولم يتمسك البته بهذه الآية لإثبات إمامته وذلك يوجب القطع بسقوط قول هؤلاء الروافض الملعونين.ملاحظة: هذه ابرز اشكالات واتهامات مدرسة الضد! للبحث صلة... وسنرى اينا الملعون
https://telegram.me/buratha