( بقلم : احمد عبد الرحمن )
اذا كان الاختلاف في المواقف والتوجهات السياسية امر طبيعي، فأن حدود الاختلاف وسقفه لابد ان يكون محددا، ولابد ان تكون هناك نقاط تحسم عندها القضايا المختلف عليها. المصالح والثوابت الوطنية، غالبا ما تمثل تلك الحدود وذلك السقف، فهي البوصلة التي ينبغي ان تؤشر الى المواقف الصحيحة والسليمة والصائبة، او بعبارة اخرى هي المثابة التي ينبغي ان تتحرك وتتجه اليها المواقف، وهي-المصالح والثواب الوطنية-النقطة المحورية التي تحسم عندها القضايا المختلف وتتخذ على ضوئها القرارات، وترسم السياسات.
واذا لم تكن هناك بوصلة، واذا لم تتوفر مثابة، واذا لم ينتهي أي حراك او جدل او نقاش عند نقطة ما، فحينذاك ستتبدد الجهود وتتبعثر الطاقات والامكانيات، وتتلاشى الحدود والضوابط والمعايير، وتنعدم الثقة، ويبقى الجميع يدورون في حلقة مفرغة لابداية لها ولانهاية، وهذا هو الطريق المسدود بعينه، والسير في الطريق المسدود يمثل الخيار الاسوأ لانه يفضي الى لا شيء. ولاشك ان المصالح والثوابت الوطنية تمثل اطارا عاما وشاملا يمكن له ان يستوعب ظاهرة التنوع والاختلاف السياسي والمذهبي والطائفي والقومي والديني للمجتمع العراقي، وما يترتب على تلك الظاهرة-او الحالة-من استحقاقات كبيرة وكثيرة.
ان التفكير والعمل والتحرك بأطر وزوايا وسياقات واجندات فئوية ضيقة لايعود بأي نفع او فائدة على العراق، كدولة وشعب، ناهيك عن كونه لايعود بالنفع والفائدة على من يتبناه. ولعل تجربة الاعوام الخمسة والنصف المنصرمة، وما شهدته من احداث ووقائع حساسة وخطيرة بمختلف الصعد والمستويات اثبتت فشل الاطروحات والمناهج التي تنطلق من حسابات ومصالح انية ضيقة في مقابل الاطروحات والمناهج ذات الافق الواسع المبنية على مصالح وثوابت وطنية تتجاوز كل العناوين والحدود السياسية والدينية والقومية والمذهبية والطائفية الضيقة، والتي يمثل احترامها ومراعاتها وعدم التجاوز عليها واحدا من الثوابت الوطنية، وتعبيرا وترجمة واقعية لمنهج حفظ المصالح الوطنية وصيانتها.المكسب الحقيقي ليس بمصادرة الاخر وتهميشه وتغييبه، بل بأشراكه ومشاركته في كل شيء، ووفق ما ترتبه العملية الديمقراطية من معطيات ونتائج.والمكسب الحقيقي ليس بالانفراد والاستئثار، وانما بالانفتاح على الجميع بما يضمن ويصون مصالح الجميع.
https://telegram.me/buratha