( بقلم : قاسم الخفاجي )
خلال ثلاث سنوات تم حل مجلس الامه وهو البرلمان الكويتي ثلاث مرات وهي فتره قياسيه في حسابات الديمقراطيه وايضا مثيره للاستغراب. بمعنى اخر انك تكسر المرآة ثلاث مرات وتحاول اعادة تشكيلها عسى ان تحصل على شكل مناسب يصب في صالح الاسره الحاكمه غير ان المطلوب لم يحصل كما انه من غير الوارد ان يحصل وذلك لجملة تعقيدات واسباب تتصارع في الداخل الكويتي الهش ويعلم هذا الامر كل من لديه خبره ودرايه في طبيعة السلطه والحكم في الكويت وكيف انهما وصلا الان الى نقطة التناقض السلطوي والاداري الذي لن يرضى باقل من الحسم والتغيير الجذري والذي يفترضه العقل والمنطق .
واذا ما اقدم امير البلاد على حل المجلس للمره الرابعه املا في اعادة انتاجه لصالح مسيرة الحكم الرتيبه والمتكرره فان الامير يكون مخطئا والسبب الذي بات منطقيا هو ان الامور قد افلتت من يد العائله الحاكمه ولم تعد هناك امكانيه لترويض النواب لصالح الاهداف المعلنه لسياسات قديمه وباليه لم تعد تؤت ثمارا في عالم متغير .ولذا فهناك احتمالان لاعادة المسيره السياسيه في الكويت الى الثبات و الاستقرار وبعدم تحققهما تظل البلاد تنتقل من فوضى الى فوضى وتدخل في ما يسمى بالدور والتسلسل اي نقطة الانسداد ووضع الحلول الكاذبه التي لن تصمد الا لامد محدود .
الاول هو الاعتراف بان الديمقراطيه كائن حي يرفض الجمود وينمو باستمرار كما انه باتفاق علماء النظريات السياسيه يتجه دائما الى الامام نحو كماله ويرفض الرجوع الى الخلف .ومشروع الديمقراطيه والحياة الليبراليه بشكل عام هو مشروع مستمر ولا يتوقف ويرفض ان يظل جامدا اي ان الديمقراطيه مثلها مثل اي كائن حي او حتى الحقائق المجرده المحركه للمجتمعات تتجه دائما نحو كمالها وترفض الجمود والتحجر ويعني ذلك التخلي عن منصب رئاسة الوزراء لصالح شخصيه عامه من افراد الشعب ومنع اي من افراد العائله من استلام المناصب العامه في البرلمان والحكومه مما يسهل لاحقا محاسبة المقصرين بسلاسه سواء في البرلمان او في الحكومه وتكون العائله الحاكمه بمناى عن النقد والتشهير ,وهذا هو التطور المنطقي لسياق الاشياء والنظام الديمقراطي في الكويت يفترض ان يسلكه باستمرار فواقع الحال لم يعد مقبولا مع التطورات التي شهدها العراق والذي يؤثر ليس في الكويت فحسب وانما في كل المنطقه.
فالديمقراطيه ليست قطعة قماش يفصلها من يشاء على مقاسه نعم يجب ان تتماشى مع ظروف المجتمعات لكنها في نفس الوقت تنطوي على ثوابت ومبادئ لا يمكن الفرار منها ولو في اي مجتمع وهي ما يطلق عليها اساسيات الديمقراطيه كالتصويت الحر والشامل ومحاسبة المقصر وفصل السلطات الثلاث عن بعضها . الاحتمال الثاني حصول انقلاب اجتماعي او عسكري الذي ان حصل سيعيد ترتيب اللعبه ليس في الكويت فحسب وانما في الخليج كله وهذا الاحتمال ضعيف لان المؤسسه العسكريه في الكويت لم تصل بعد الى مرحلة النضج السياسي والاجتماعي,بالاضافه الى ان حركتها وطموحاتها محدوده كما ان الكويت لاتمتلك مؤسسه عسكريه بالمعنى المعروف في دول العالم علما ان تنفيذ الانقلاب في الكويت امر في غاية السهوله لو كان هناك ضباطا طموحين وجريئين بشرط التفاهم مع القوات الامريكيه المتواجده هناك .واذا لم يقدم الامير على اتخاذ قرارات حاسمه وتاريخيه فربما تكون هناك تطورات مؤلمه خارجه عن السيطره ولا يمكن التكهن بنتائجها.وقطعا لن تكون من مصلحة اصحاب الشان والحريصين على الكويت ومستقبلها .
https://telegram.me/buratha