( بقلم : محمد المرهون (القطيف) )
مع أننا نرى الإيجابية في الاختلاف في نظرة الناس تجاه المشكلات والأزمات المصيرية على نطاق المجتمعات المحلية وعلى نطاق الدول إلا أننا نصطدم بواقع الحكومة السعودية في سياسة الكبت والإلغاء لأي بادرة تشكيل داخل نطاق الدولة، لأنها تعتقد أنها الأقدر والأجدر بل والأوحد في معالجة المشكلات وإدارة الوضع، معتقدةً في هذا التوصيف الخاطئ أن الآخرين يريدون سحب البساط من تحتها، بينما أي معارض - أو معارضة - إنما يعتقد أنه شريك في الإصلاح، وهو معني بشؤون الناس كما الحكومة، وإن ما تمارسه بعض الدوائر في الحكومة ينتابه الكثير من التجاوزات في نظره، ويفضي لكثير من المشكلات؛ وبالتالي الفساد على مستويات وآفاق عديدة. لماذا دائماً يتم وصم الصادقين الذين يريدون الخير للناس بأنهم أصحاب فتنة وانشقاق ودعوة للخروج عن المألوف؟ ولماذا لا تقبل الدولة بآخرين يشاطرونها المسؤولية أو يقيمون أخطاءها؟ أم هي معصومة وأفرادها لا ينالهم خطأ ولا زلل ولا تنتابهم النزعات البشرية والأهواء والمصالح؟ فإذا لم يكونوا كذلك فهم معرضون إذاً للوقوع في الأخطاء والتجاوزات، بل وللعمل لمصالحهم الشخصية.
لعل ما أعلنه الشيخ نمر النمر في تشكيله للمعارضة - في التاسع من المحرم هذا العام 1429هـ في مدينة العوامية بمحافظة القطيف- شرق السعودية القد يطال جزء مما ذكرناه، ويحاول أن يوصل صوت الناس للحكومة في أن الناس لديهم المقدرة على التصدي لمشاكلهم ووضع الحلول المناسبة لها، وأنهم باستطاعتهم أن يشخصوا الكثير من المفاسد في محاولة لعلاجها بالطرق المناسبة، وأن في هذا الشعب كفاءات كثيرة بمقدورها أن تطلع بأدوار ومسؤوليات. فحري بالحكومة الكف عن سياسة الإلغاء والتجاهل، وحري بها أن تدفع هذا العمل إلى الإمام لأنه يصب في مصلحة الناس، ويخدم تطلعاتهم، وإلا كانت هي مشاركة في تفاقم المشكلات في عدم تصديها المناسب وتجاهلها للكثير الكثير من مشكل الناس.
وإن احتواء دوائر الحكومة على عناصر فاسدة دينياً وأخلاقياً مما يُساهم في زيادة المشكلات وتعقد الحلول، وهي التي توجد التأزمات المتتالية والكثيرة بين شخصيات الإصلاح والتغيير وبين الحكومة ذاتها، وهي التي تصور الأوضاع والتحركات الإصلاحية والروئ المستقبلية على أنها تصب في خانة الخيانة والتحريض على المعارضة السلبية للحكومة، فحري بالعقلاء - إن كان يوجدون في الحكومة عقلاء- أن يوقفوا هؤلاء عند حدهم، وإن يتحروا عن كل التقارير الكاذبة التي تصدر منهم، وترك الحماقة في كبت الأصوات الناهضة، التي تُأخذ بسياسة (الظنة والتهمة). إن كل جديد يصب في صالح الناس ولا يُسيئ للدولة والحكومة يجب أن يُنظر له من زاوية الخير والفضيلة لا الشر والرذيلة، وإلا شُك في النظرة التي تتبناها الحكومة تجاه شعبها، وهو شك قائم الآن في الواقع السياسي؛ بل هو أمر يقين يعيشه الشعب، وبالذات مع فئاته غير المرغوب فيها حكومياً.
ولهذا يتم التعامل مع الخيرين من أبناء هذا البلد على أنهم فئة مخربة أو شخصيات تحريضية ضد الدولة، مع أن برامجهم تصب في مصلحة الناس الدنيوية والدينية، إلا أن النظرة الأحادية والاستعلائية والتسلطية الاستبدادية هي التي تفرز التعاملات الخاطئة مع هذه الشخصيات ومشاريعها.
https://telegram.me/buratha